وزيرة التضامن: الزواج المبكر عبء على الدولة

قالت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، إن زواج الأطفال لا يشكل عبئًا على الفتاة وأسرتها، بل على الدولة المصرية جميعًا.
وأضافت «القباج» خلال تنظيم الوزارة، أمسية لملتقى برنامج «وعْى» للتنمية والحياة الكريمة، لمتابعة أهم إنجازات حملة «جوازها قبل 18 يضيع حقوقها»، التى أطلقتها الوزارة قبل نحو شهر، وتستمر حتى نهاية يوليو الجارى، بحضور ممثلى الاتحاد الأوروبى وسفارة المملكة المتحدة بالقاهرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر، وشركاء من الجهات الحكومية، ونواب وممثلى الأحزاب أن الوزارة بدأت فى تطبيق شرط إضافى إلى شروط الاستمرار فى الحصول على دعم تكافل وكرامة، وهو عدم تزويج الأطفال أقل من 18 سنة، إضافة إلى شرطى الرعاية الصحية للأم والأطفال واستمرارهم فى التعليم حتى المرحلة الثانوية، لافتة إلى عمل خبراء وزارة العدل فى الوقت الحالى على وضع قانون يجرم ويعظم العقوبة على الأب والمأذون والوسطاء الذين ييسرون الطريق لزواج الفتيات قبل بلوغهن 18 سنة.
ووجهت «القباج» التحية للقيادة السياسية للنقلة الحقيقية التى تشهدها مصر فى إعلاء حقوق الأطفال والمرأة وحقوق الإنسان بشكل عام، وتأكيدها أهمية الاستثمار فى البشر، وضرورة تكافؤ الفرص التعليمية والصحية فى ظل رؤية الدولة نحو حياة كريمة لكل من يعيش على أرض مصر.
وعبرت وزيرة التضامن الاجتماعى، عن تأثرها بما يحدث لفتيات فى عمر الزهور، حيث تُقتل براءتهن ويتم الزج بهن فى مؤسسة الزواج وهن ليس لديهن الإمكانات ولا القدرات على إدارة أسرة ولا على تنشئة أطفال، مضيفة أن زواج الأطفال بمثابة اعتداء على الكرامة الإنسانية، وهو جريمة مكتملة الأركان، لما يخلفه من آثار نفسية وجسدية على طفلة ما زالت تحتاج إلى من يرعاها، لا من ترعاه هى.
وأشارت إلى دراسة صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن أحوال المرأة الريفية، أفادت بارتفاع نسبة الزواج المبكر، تحت سن 18 سنة، التى وصلت 14% من إجمالى الزيجات فى كثير من المناطق، مع العلم أن حوالى 40% من إجمالى حالات زواج الأطفال فى مصر أميون، تلاها أصحاب الشهادة الإعدادية الذين شكلوا 27% من إجمالى حالات زواج الأطفال.
وتابعت أن هذه الظاهرة تتسبب فى التأثير السلبى على معدلات تحقيق التنمية، لأن زيادة عدد السكان تعنى بالدرجة الأولى زيادة الاستهلاك ومعدل الخدمات المطلوب تقديمها للمواطنين، بالإضافة إلى زيادة معدل البطالة، إذ إن مصر تستقبل 200 ألف مولود كل عام نتيجة زواج الأطفال، وهو ما يمثل ظاهرة لها مشكلات صحية واقتصادية واجتماعية لا حصر لها، ويتسبب فى توريث الفقر أو آثاره من جيل إلى جيل، وهو أمر لا يليق بالحياة الكريمة التى تعمل من أجلها الدولة بأكملها، ولا بحقوق الإنسان التى أطلقت الدولة استراتيجيتها الوطنية فى 2019، بالإضافة إلى أعداد قضايا الأطفال المتزوجات اللاتى يطالبن بإثبات نسب أطفالهن بمحاكم الأسرة المصرية كل عام، وأخريات يطالبن بإثبات زواجهن بعد الطلاق سواء لإنكار الزوج نسب أطفاله أو لانفصاله أو موته قبل التصادق على الزواج، ووصول الفتاة لسن 18 سنة، بالإضافة إلى دعاوى النفقة لفتيات مطلقات تحت سن 18 سنة.
وتوقفت عند أهم إنجازات حملة «جوازها قبل 18 يضيع حقوقها»، والتى تهدف إلى استنهاض الرأى العام الرافض لممارسة زواج الأطفال من أجل تجريم كافة أشكال الزواج قبل 18 سنة، وتوعية الأسر الأولى بالرعاية، بالأضرار الناجمة عن زواج الأطفال من ناحية الحقوق المدنية والصحية والاجتماعية، مع أهمية إعلام مستفيدى الدعم النقدى «تكافل» بسياسة تطبيق شروط الرعاية الصحية للطفل والأم، وإلحاق الأطفال بالتعليم وحضورهم المدرسى بنسبة 80% على الأقل، ومنع زواج الأطفال قبل سن 18 سنة.
ولفتت إلى أن الوزارة انتهت من وضع إطار عمل تنفيذى متكامل لبرامج وزارة التضامن للتصدى لكافة أشكال العنف الأسرى، متضمنًا التدخلات الخاصة بمناهضة زواج الأطفال وتشجيع الفتيات من الأسر الأولى بالرعاية لاستكمال تعليمهن والحصول على فرص أفضل لتنمية مهاراتهن والالتحاق بسوق العمل، وتشجيع منظمات المجتمع المدنى على تبنى إقامة حوار مجتمعى حول قضايا برنامج وعى التى تخص حقوق النساء والأطفال من أجل الارتقاء وتحسين أوضاع الفئات الأضعف من الأسر الأولى بالرعاية، كما تركز الوزارة على توحيد الرسائل الاجتماعية التى تتبناها الرائدات الاجتماعيات فى التوعية، وكذلك توحيد الرسائل الدينية التى يتبناها رجال الدين الإسلامى والمسيحى، بالتعاون مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء والكنيسة القبطية.
وعن نتائج الحملة، أشارت القباج إلى وصول الحملة إلى حوالى 20 مليون شخص إعلاميًا وميدانيا فى القرى والمراكز وعبر وسائل السوشيال ميديا، والمواقع الإخبارية للمؤسسات الصحفية، إضافة إلى ما ينشر من تحقيقات استقصائية من الشهادات الحية للفتيات والأسر التى عاشت فى مأساة زواج الأطفال، وكذلك الحملة الإعلامية حول شروط برنامج تكافل بعنوان: «اللى أوله شرط آخره فلوس فى الكارت»، والتى تتضمن ملصقات للحوائط فى الوحدات الاجتماعية والوحدات الصحية بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان، وإعلانات تليفزيونية وندوات ومطويات وغيرها.
وفى كلمته خلال اللقاء، عبر رئيس قطاع التنمية الاجتماعية والإنسانية بالاتحاد الأوروبى، ماركو مجلوريلى، عن سعادته بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى بهدف الارتقاء بأوضاع الفئات المهمشة، خاصة الفتيات، فى مجال التعليم والحماية الاجتماعية.
وحكى القائم بأعمال سفير المملكة المتحدة بالقاهرة، قدسى رشيد، قصة جدته التى تشبه قصص زواج الفتيات التى سمعها فى القرى المصرية، فجدته التى عاشت قبل 100 عام فى إحدى المناطق الفقيرة فى الهند، وقت أن كانت تحت الاستعمار البريطانى، توفى عنها زوجها وهى فى سن 21 عاما، تاركا لها خمسة أطفال، تعيش معهم فى فقر مدقع، ولا تعرف القراءة والكتابة، لكن بحكمتها وعملها الدءوب، استطاعت أن تتعلم وأن تصبح معلمة، وتعلم أبناءها وأحفادها، الذين يعمل بعضهم الآن أطباء وأطباء أسنان ومحامين، وبفضل جهدها أصبح هو الآن ممثلا عن السفارة والحكومة البريطانية فى مصر.
وعبر نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر، الدكتور سيلفانا مارلين، عن سعادته بالمشاركة فى الحملة، للارتقاء بحقوق الطفل، ونشر الوعى بمنع زواج الأطفال وتجريمه، للقضاء على الأمية والفقر، وهو ما يتماشى مع أهداف مصر 2030، وأهداف التنمية المستدامة.
وأثنى مارلين على الشراكة مع الاتحاد الأوروبى ودعمه المساند لقضايا التنمية فى مصر وشراكته مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى من أجل تحسين جودة حياة الأسر الأولى بالرعاية.
وتفقدت القباج والحضور، خلال الأمسية، معرض الصور الذى يجسد فعاليات الحملة فى صور معبرة عن زواج الأطفال وأضراره، كما عرض خلال اللقاء فيلم قصير عن الدراما والسينما التى ناقشت قضية زواج الأطفال.
كما عرض خلال اللقاء الفيلم التوثيقى «نقطة ومن أول السطر» للمخرج مهند دياب، المستشار الفنى للوزارة، وعرض الفيلم خلال مهرجان أسوان لسينما المرأة، وجمع بين شهادات حية من أسر فتيات عشن تجربة زواج الأطفال، مع مشاهد تمثيلية لبعض هذه الحكايات، تبرز مشاعر الفتيات والأمهات والآباء التى تجسد معاناتهم من مشكلات صحية ونفسية وقانونية عاشوها بالفعل.
وفى نهاية الاحتفال، عرضت الرائدات الاجتماعيات مشاهد تمثيلية تبرز ما يقمن به ميدانيًا مع الأسر المستهدف توعيتها، ثم قامت وزيرة التضامن الاجتماعى بتكريم فرق العمل المحلية ومديريات التضامن الاجتماعى الذين شاركوا فى حملتى وزارة التضامن الاجتماعى «بالوعى مصر بتتغير للأفضل»، وحملة «16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء»، والتى تهدف إلى مناهضة العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعى بعنوان: «أنتم أبطال أسركم»، والتى تناولت موضوعات زواج الأطفال، وختان الإناث، وحرمان الفتيات من التعليم، والعنف الأسرى، والحرمان من الفرص الاقتصادية، والتنمر الإلكترونى، والتمييز ضد السيدات المطلقات والمسنات.