تواصل معارك شرق أوكرانيا.. و«الناتو» يحذر من «حرب طويلة»

تواصلت المعارك الضارية بين القوات الروسية والأوكرانية، أمس، في إقليم دونباس شرقى أوكرانيا، مع سعى موسكو لتحرير الإقليم والسيطرة عليه، وفى الوقت الذي توقع فيه حلف شمال الأطلسى «الناتو» وبريطانيا استمرار الحرب الروسية لسنوات عدة، حذرت وزارة الداخلية الأوكرانية من أن روسيا تكثف تعزيز قواتها إلى مدينة خاركيف ثانى أكبر مدن البلاد.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن أكثر من 50 جنرالًا وضابطًا أوكرانيًا قضوا بضربة صواريخ من طراز «كاليبر» استهدفت مركز قيادة في مقاطعة ديبروبيتروفسك الأوكرانية، وقال المتحدث باسم الوزارة إيجور كوناشينكوف إن صواريخ من طراز «كاليبر» عالية الدقة بعيدة المدى أُطلقت من البحر، أصابت مقر قيادة للقوات الأوكرانية قرب قرية شيروكا داتشا بمقاطعة دنيبروبتروفسك، وأوضح المتحدث أنه نتيجة الضربة لقى أكثر من 50 جنرالًا وضابطًا من القوات المسلحة الأوكرانية مصرعهم، بمن فيهم ممثلو هيئة الأركان العامة وقيادة مجموعة «كاخوفكا» وقوات الهجوم الجوى والتشكيلات العاملة على محورى نيكولايف وزابوروجيه.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط طائرة أوكرانية من طراز «سو- 25» ومروحية «مى- 24» فوق دونيتسك، إضافة إلى 8 طائرات دون طيار، بينها واحدة من طراز «بيرقدار» في مناطق مختلفة، كما أعلنت اعتراض 4 صورايخ باليستية أوكرانية «توتشكا- أو» في دونيتسك، و24 قذيفة من راجمات صواريخ «أوراجان» في دونيتسك ولوجانسك ومقاطعة خاركيف، بجانب تدمير منشآت تكنولوجية لتكرير النفط ومستودعات لتخزين الوقود مخصصة لتلبية احتياجات القوات الأوكرانية في دونباس، في حين أعلنت قيادة قوات جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية أن الجيش الأوكرانى قصف قرية ميخائيلوفكا.
وأعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أن القوات الروسية تحاول الاقتراب من خاركيف من أجل قصف المدينة مجددًا، وأن روسيا ترسل عددًا كبيرًا من قوات الاحتياط إلى مدينة سيفيرودونيتسك. بدوره، أجرى الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى زيارة إلى مدينتى ميكولايف وأوديسا الجنوبيتين، وتفقد المبانى المتضررة، والتقى الجنود والمسؤولين والعاملين في قطاع الصحة، وتعهد خلال زيارته بالدفاع بقوة عن شرقى أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسى.
وتهدف روسيا إلى السيطرة على كامل حوض دونباس، بعدما سيطر عليه الانفصاليون الموالون لها جزئيًا عام 2014، بهدف فتح ممر برى يصل الشرق بشبه جزيرة القرم التي ضمتها إلى أراضيها.
وفى غضون ذلك، رجَّح الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، ينس ستولتنبرج، أمس، أن «تستغرق الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا عدة سنوات»، وقال لصحيفة «بيلد» الأسبوعية الألمانية إن «تزويد القوات الأوكرانية بأحدث الأسلحة من شأنه أن يزيد من فرص تحرير منطقة دونباس من السيطرة الروسية»، وشدد على ضرورة دعم كييف عسكريًا، وقال: «يجب ألا نتوانى عن دعم أوكرانيا حتى لو كانت التكلفة مرتفعة، ليس من أجل الدعم العسكرى فحسب، بل بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء». وكان ستولتنبرج قال إنه من المتوقع أن توافق قمة الحلف، التي ستُعقد في وقت لاحق هذا الشهر في مدريد، على حزمة مساعدات للقوات الأوكرانية من شأنها أن تساعد البلاد في الانتقال من أسلحة الحقبة السوفيتية القديمة إلى عتاد الحلف الذي يتسم بمواصفات قياسية.
بدوره، دعا رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون الحلفاء الغربيين إلى ضرورة الاستعداد لما وصفها بالحرب طويلة الأمد في أوكرانيا، وحض على تقديم دعم متواصل لكييف أو المخاطرة ب«أعظم انتصار للعدوان في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية»، وكتب جونسون في مقال بصحيفة «صنداى تايمز» أن الدول الأجنبية الداعمة لكييف يجب أن تتحلى بالجرأة لضمان أن يكون لدى أوكرانيا «القدرة الاستراتيجية على الصمود، والانتصار في نهاية المطاف».
ورأى أن «الوقت عامل مهم وحيوى في الوقت الحالى، لأن كل شىء سيعتمد على مدى قدرة أوكرانيا على تعزيز قدراتها للدفاع عن أراضيها بشكل أسرع من تجديد روسيا لقدراتها الهجومية»، مضيفًا أن مهمة الغرب حاليًا «جعل الوقت يعمل لصالح القوات الأوكرانية».
وأكد القائد الجديد للجيش البريطانى، الجنرال باتريك ساندرز، ضرورة الاستعداد لمواجهة روسيا في حرب عالمية ثالثة محتملة، وقال ساندرز إن الحرب الروسية- الأوكرانية هزت أسس الأمن العالمى، وتعهد الجنرال البريطانى بإعادة صياغة جيش قادر على هزيمة روسيا في المعركة، وأضاف أنه يتعين على القوات البريطانية «الشجاعة والاستعداد للقتال في أوروبا مرة أخرى»، وفى أول رسالة وجهها للجنود بعد توليه قيادة الجيش البريطانى، الإثنين الماضى، قال ساندرز إن العالم تغير منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
في المقابل، أكدت الخارجية الروسية ضرورة توقف ممثلى الاتحاد الأوروبى عن تضليل المجتمع الدولى بعدم ضلوعه في الصعوبات التي تواجه تصدير الحبوب والأسمدة الروسية إلى الدول النامية، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، ردًا على توصيات المفوضية الأوروبية إلى رابطة التعاون الأوروبى للاعتماد الخاص بعقوبات الاتحاد الأوروبى ضد روسيا، إن «الاتحاد الأوروبى لا يخجل من التأكيد بشكل منافق على أنه لا علاقة له بالصعوبات التي يواجهها مصدرونا في توصيل الحبوب الروسية إلى الدول النامية. حان الوقت لكى يتوقف عن تضليل المجتمع الدولى». بدوره، قال رئيس مجلس الدوما الروسى، فياتشيسلاف فولودين، خلال منتدى بطرسبورج الاقتصادى الدولى، إن الغرب الذي حاول عزل روسيا انتهى إلى عزل نفسه.
وأعلنت الحكومة الألمانية أنها ستتخذ إجراءات طارئة لتأمين إمداداتها من الغاز في مواجهة انخفاض الكميات الروسية.
وأوضحت وزارة الاقتصاد: «بهدف تقليل استهلاك الغاز يجب استخدام كميات أقل من الغاز لتوليد الكهرباء، وسيتعين استخدام محطات الطاقة العاملة بالفحم بشكل أكبر».