مع مرور قرابة شهر على العملية الروسية ضد أوكرانيا، تتوالى التداعيات السلبية التى لم تتوقف عند حد التخريب والدمار الذى طمس معظم معالم أوكرانيا، وإنما امتد إلى الخريطة الاقتصادية التى طرأ عليها الكثير من التغييرات بفعل الحرب التى امتدت آثارها إلى خارج حدود قارتى أوروبا وآسيا. الواقع أن تداعيات الحرب لم يقتصر على مجرد اضطراب الأوضاع الاقتصادية فى هذين البلدين فحسب، لكنها ألقت بظلالها على المنطقة والعالم بأسره، ما برهن على أهمية وجود شبكة أمان عالمية ووضع ترتيبات إقليمية لوقاية الاقتصادات من الصدمات. وقالت مدير عام صندوق النقد الدولى، كريستالينا جورجييفا، أثناء جلسة إحاطة عُقِدَت فى واشنطن: «نحن نعيش فى عالم معرض بشكل أكبر للصدمات». ثم استطردت قائلة: «ونحتاج إلى القوة الجماعية للتعامل مع الصدمات القادمة».وحسبما أوضح الصندوق، فقد لا تتضح الصورة الكاملة لبعض الآثار لسنوات طويلة، إلا أن هناك بالفعل علامات واضحة على أن الحرب وما أفضت إليه من قفزة فى تكاليف السلع الأولية الضرورية ستزيد من المصاعب التى تواجه صناع السياسات فى بعض البلدان لتحقيق التوازن الدقيق بين احتواء التضخم ودعم التعافى الاقتصادى من الجائحة، وسوف تتدفق هذه الآثار من خلال ثلاث قنوات رئيسية. أولاها ارتفاع أسعار السلع الأولية كالغذاء والطاقة سيدفع التضخم نحو مزيد من الارتفاع، مما يؤدى بدوره إلى تآكل قيمة الدخول وإضعاف الطلب. وثانيتها الاقتصادات المجاورة بصفة خاصة التى سوف تصارع الانقطاعات فى التجارة وسلاسل الإمداد وتحويلات العاملين فى الخارج كما ستشهد طفرة تاريخية فى تدفقات اللاجئين. وثالثتها، تراجع ثقة مجتمع الأعمال وزيادة شعور المستثمرين بعدم اليقين سيفضيان إلى إضعاف أسعار الأصول، وتشديد الأوضاع المالية، وربما الحفز على خروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة. وفيما يتعلق بحجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الروسية الأوكرانية، فقد أصيب 2510 مدنيين على الأقل فى أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسى فى 24 فبراير، وقتل 953 شخصا حتى الآن، وفقا لما ذكره مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس الأول، حيث أفاد مكتب المفوض السامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوقوع 2510 ضحايا فى صفوف المدنيين فى الفترة من 24 فبراير إلى 21 مارس.