أول عملية تبادل أسرى بين «موسكو» و«كييف»

في أول خطوة من نوعها منذ اندلاع الحرب، أجرت روسيا وأوكرانيا عملية لتبادل الأسرى بين الجانبين، وقالت مفوضة حقوق الإنسان الروسية، تاتيانا موسكالكوفا، في تصريحات أمس: «التبادل الأول حدث، واستعدنا 9 من أبنائنا».
وأضافت «موسكالكوفا» أن الإفراج عن هؤلاء تم مقابل إطلاق سراح عمدة مدينة «ميليتوبول» الأوكرانية الذي كان محتجزًا لدى القوات الروسية، معربة عن أملها في ألا تكون هناك أي مماطلة مع القوائم والأوراق والإجراءات.
وقبل أيام، أعلنت «كييف» سعيها لإنشاء آلية مع «موسكو» بشأن تبادل المعلومات حول الأسرى والقتلى، وأشار الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، إلى أنه مستعد لمناقشة التزام بلاده بعدم السعى لنيل عضوية حلف شمال الأطلسى (الناتو) مقابل وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الروسية، وضمان أمن أوكرانيا.
وأضاف «زيلينسكى» في تصريحات تليفزيونية: «هذا حل وسط للجميع.. للغرب الذي لا يعرف ماذا يفعل معنا فيما يتعلق بحلف الناتو، ولأوكرانيا التي تريد ضمانات أمنية، ولروسيا التي لا تريد توسعًا آخر للناتو»، مكررًا دعوته لإجراء محادثات مباشرة مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين.
وتابع: «ما لم ألتقِ بوتين، فمن المستحيل أن نعرف ما إذا كانت روسيا تريد وقف الحرب.. سنكون على استعداد لمناقشة وضع شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس الواقعة شرقى البلاد، والتى يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من موسكو، بعد وقف إطلاق النار واتخاذ خطوات لتوفير ضمانات أمنية لبلاده». ومن المقرر أن يُلقى الرئيس الأوكرانى خطابًا افتراضيًا أمام البرلمان اليابانى، اليوم، لحشد الدعم الدولى في حرب بلاده ضد الاجتياح الروسى.
ووصف متحدث الرئاسة الروسية، ديمترى بيسكوف، المفاوضات مع الجانب الأوكرانى بأنها «أبطأ وأقل مغزى مما نريد»، مشيرًا إلى أن «موسكو» لم تكشف عن تفاصيل المفاوضات بين وفدى روسيا وأوكرانيا، حتى لا يضر ذلك بعملية التفاوض.
وفى السياق، أوضح «بيسكوف» أن «كييف» استجابت وردّت فقط على بعض الوثائق التي سلمها الجانب الروسى لنظيره الأوكرانى في إطار المفاوضات، متابعًا: «مطالب روسيا معروفة للجانب الأوكرانى وتم شرحها وصياغتها شفهيًا وخطيًا بوضوح شديد، وتم تسليم جميع مسودات الوثائق اللازمة إلى الأوكرانيين قبل أيام قليلة.. وكييف ردت على بعضها». ولم يعلن متحدث الرئاسة الروسية عن موعد الجولة القادمة من المفاوضات الروسية- الأوكرانية.
من جانبه، استنكر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، جوزيف بوريل، العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الروسى في مدينة «ماريوبول» الساحلية الأوكرانية، واصفًا إياها بأنها «جريمة حرب كبرى».
وقال «بوريل»، في تصريحات صحفية: «ترتكب روسيا بالفعل الكثير من جرائم الحرب.. ما يحدث في ماريوبول جريمة حرب كبرى، إنهم يدمرون كل شىء، ويقصفون ويقتلون الجميع بطريقة عشوائية»، وأكد أن الاتحاد سيواصل العمل ودعم أوكرانيا بكل موارده، كما سيواصل مناقشاته حول نوع العقوبات الجديدة التي يمكن أن يفرضها على «موسكو»، خاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة.
في سياق آخر، ذكر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في بيان، أن آخر إحصاءات الضحايا المدنيين بسبب النزاع في أوكرانيا بلغ، منذ 24 فبراير الماضى، 2421 ضحية مدنية، بينهم 925 قتيلًا و1496 مصابًا، وأضاف أن معظم الإصابات المدنية المسجلة نتجت عن استخدام أسلحة متفجرة ذات نطاق تأثير واسع، بما في ذلك القصف بالمدفعية الثقيلة وأنظمة الصواريخ متعددة الإطلاق.
وميدانيًا، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية وقوع قتال عنيف بين القوات الروسية والأوكرانية في «ماريوبول»، في المقابل قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيجور كوناشينكوف، إنه تم تدمير 137 منشأة عسكرية أوكرانية، بما في ذلك نقاط مراقبة ومراكز اتصال.
وأضاف «كوناشينكوف» أن من بين المواقع التي جرى قصفها منظومتى إطلاق صواريخ متعددة ونظامًا صاروخيًا مضادًا للطائرات و8 مستودعات صواريخ تحتوى على أسلحة وذخيرة مدفعية و101 مكان تخزين عتاد عسكرى، فضلًا عن إسقاط 14 طائرة مسيّرة أوكرانية، لترتفع الحصيلة إلى 230 منذ بدء العملية العسكرية، وتابع: «مروحياتنا القتالية دمرت 9 دبابات و7 مدرعات أوكرانية خلال ضرباتها الليلية».
وقال الرئيس الأمريكى جو بايدن إن نظيره الروسى فلاديمير بوتين «فى مأزق صعب» بسبب المقاومة الأوكرانية، ووجَّه تحذيرًا وُصف بأنه الأقوى حتى الوقت الحالى، يقول إن روسيا ربما تستعد لاستخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية في أوكرانيا، وأنها قد تشن هجمات سيبرانية على المؤسسات الأمريكية.
وحث «بايدن» الشركات الأمريكية على الاستثمار في خدمات الأمن السيبرانى، توخيًا لحدوث هجمات، وشدد في الوقت نفسه على أن هذه الشركات تبذل قصارى جهدها لدعم أوكرانيا.
من جانب آخر، بحث وزير الخارجية السعودى، الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، مع نظيره الروسى سيرجى لافروف، تطورات الأزمة الأوكرانية، ‏ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية، أكد خلال اتصال هاتفى موقف المملكة الداعم لحل الأزمة الأوكرانية عبر الوسائل السلمية التفاوضية.
وتطرق الجانبان إلى آفاق المضى في تحقيق ذلك في ضوء مقترح الوساطة الذي عرضه ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، كما جرى بحث العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين، وسبل تعزيزها وتوطيدها في المجالات كافة، بما يحقق مصالح كلا البلدين والشعبين.
ومطلع الشهر الجارى، تلقى الأمير محمد بن سلمان اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الروسى، تطرق إلى الأزمة الأوكرانية، حيث أكد ولى العهد السعودى على موقف المملكة المعلن ودعمها للجهود التي تؤدى إلى حل سياسى يؤدى إلى إنهائها ويحقق الأمن والاستقرار، مؤكدًا أن المملكة على استعداد لبذل الجهود للوساطة بين كل الأطراف.