«موجة هجرة يهودية جديدة» للأراضي المحتلة.. إسرائيل تحشد والدبلوماسية الفلسطينية تحذر

بينما يحظر الاحتلال على الفلسطينيين «حق العودة» إلى أراضيهم، وفيما تمنح إسرائيل «جنسيتها» لأي يهودي يرغب في الهجرة إليها من بقاع العالم شتى، بما يخالف المواثيق الدولية، تستغل حكومة الاحتلال الظرف السياسي والأمني التي تمر به أوكرانيا منذ بدأت العمليات العسكرية الروسية في أراضيها في 24 من فبراير الماضي لحشد الحد الأقصى من الفارين من العمليات العسكرية ك«مهاجرين» إلى الداخل المحتل، تنفيذًا لمخططاتها التوسعية ومحاولاتها لتغيير المعادلة الديموغرافية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في هذا السياق، وفي أعقاب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، حول أن إسرائيل «بصدد استقبال موجة هجرة يهودية جديدة» من يهود أوكرانيا الفارين من العمليات العسكرية، حاورت «المصري اليوم» الدبلوماسية الفلسطينية، حول تداعيات هذه «الموجة» على مستقبل القضية الفلسطينية، وكيف تلقي بظلالها على ملف الاستيطان، والمساعي الرامية لإحلال مبدأ حل الدولتين.
بينيت: «إسرائيل بصدد استقبال موجة هجرة جديدة»
وأمس الإثنين، اقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، إن الاحتلال على وشك «استقبال موجة جديدة من الهجرة»، مرجحًا أن «هناك يهودا كثيرين يريدون الوصول إلى إسرائيل، هربًا من مناطق القتال في أوكرانيا».
ولحشد وتحفيز الراغبين في الهجرة إلى إسرائيل، أضاف رئيس وزراء الاحتلال «علينا استقبال إخوتنا وأخواتنا بحفاوة بالغة، وعلينا الاهتمام بهم أيضا في المستقبل بما يخص أماكن سكن وعمل وتعليم».
وتابع أن الاحتلال الإسرائيلي «يستقبل أيضا مواطنين أوكرانيين هربوا من المناطق المعرضة للخطر ولديهم أقرباء هنا» لافتًا إلى أن إسرائيل «تسمح ليهود أوكرانيا بالمكوث عند أهاليهم وأصدقائهم»، طالما دعت الحاجة لذلك.
في تصريحاته ل«المصري اليوم» وتعليقًا على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيي، أكد السفير، أحمد الديك، نائب وزير الخارجية الفلسطينية ومستشاره السياسي، أن مساعي الاحتلال لتحفيز الهجرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعد خرقًا فاضحًا للشرعية الدولية، وانتهاكا صارخا لاتفاقية جينيف الرابعة، التي تجرم نقل سكان الدول إلى الأراضي المحتلة.
وأضاف الديك، أن الاحتلال الإسرائيلي، مستمر في سياساتها الاستيطانية التوسعية التي تُعرف كجريمة حرب.
وحذًر نائب وزير الخارجية الفلسطيني، من تداعيات هذه الموجة المزعومة التي تخطط لها إسرائيل مسبقًا، بمعزل عما يمر به الشعب الأوكراني، قائلًا: «يعد هذا المخطط الإسرائيلي تعميقًا استراتيجيًا للاستيطان، ما يعني مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تهجير المزيد من الفلسطينيين من أراضيهم، ومن ثم تقويض أي فرص للسلام، وأي فرص ترمي لمبدأ حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967».
وتابع الديك، «إسرائيل تستغل الأزمة الأوكرانية الراهنة، لتعزيز مشاريعها الاستعمارية المتواصلة منذ مطلع القرن الماضي».
وحول تحرك الدبلوماسية الفلسطينية، أكد الديك، أن الخارجية الفلسطينية، تتابع الموقف مع «مجلس الأمن الدولي، وتطالبه بوقف الكيل بمكيالين، كما تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، عبر فرض عقوبات على الاحتلال نظير خرقه الشرعية الدولية»، مضيفًا «على مجلس الأمن إجبار الاحتلال على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، حال أراد الحفاظ على ما تبقى من مصداقيته».
وأكد، دياب اللوح، سفير دولة فلسطين بالقاهرة، أن موجات الهجرة اليهودية إلى الأراضي المحتلة مستمرة دون انقطاع منذ مطلع القرن الماضي، مؤكدًا أن إسرائيل تستهدف تغيير المعادلة الديموغرافية، عبر زيادة تعدتد سكانها على حساب الوجود الفلسطيني.
وأضاف سفير فلسطين بالقاهرة ل«المصري اليوم» أن إسرائيل مستمرة في اقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، لتوطين وإحلال الغرباء بدلًا منهم، وتزويد البؤر الاستيطانية التي تتوسع وتصاعد يومًا تلو الآخر.
إسرائيل.. ميزانيات «الهجرة» تتصاعد
ويشار إلى أن الحديث عن استعداد إسرائيل لاستقبال «موجة هجرة» ليس أمرًا مستجدًا فمنذ العام 2020، يطالب المسؤولون عن ملف الهجرة في الاحتلال الكنيسيت برصد ميزانيات أكبر للتعامل مع «موجة هجرة متوقعة».
وفي يونيو 2020 شددت نيتا بريسكين بيليج رئيسة منظمة «ناتيف»، هيئة مكلفة من الاحتلال بفحص ما يسميه «طلبات العودة» من دول الاتحاد السوفياتي السابق، على حاجة الهيئة إلى مزيد من الأموال، لإتاحة المزيد من يهود الاتحاد السوفيتي السابق، موضحة أن «هناك الآن طلبات متزايدة لفتح ملفات الهجرة»، بحسب «فرانس 24».
في السياق نفسه قال شاي فيلبر، عضو الوكالة اليهودية-هي منظمة صهيونية شبه حكومية تشجع على الهجرة إلى إسرائيل إنه منذ بدء تفشي فيروس كورونا المستجد تم تلقي «ثلاثة أضعاف عدد طلبات الهجرة إلى إسرائيل من فرنسا وحدها، لافتًا إلى رغبة المزيد من يهود الغرب في الهجرة إلى إسرائيل»
ويشار إلى أن مكاتب «الوكالة اليهودية» فتحت في فرنسا حوالى 700 ملف هجرة في مايو 2020، فقط مقارنة مع 130 ملفا في الشهر ذاته من العام2019، مما يعني نية الاحتلال لاستقبال المزيد من المهاجرين، الأمر الذي أكدته وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد، والتي صرحت الأسبوع الماضي بأن إسرائيل، «على استعداد لاستقبال100 ألف يهودي من أوكرانيا».
العودة حق لمن؟
وبينما يمنح الاحتلال الجنسية الإسرائيلية لأي يهودي يهاجر إلى الأراضي المحتلة، عبر ما يسمي «قانون العودة» يُحذر على الفلسطينيين «حق العودة» إلى أراضيههم.
ويشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أعلن استقبال أكثر من 6 آلاف أوكراني، منذ بدء العمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا، في 24 من فبراير الماضي، حيث أفادت سلطة السكان والهجرة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، بأن أكثر من 6 آلاف أوكراني وصلوا إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب، بحسب موقع صحيفة «معاريف» العبرية.
وأوضحت سلطة السكان والهجرة: أن 6166 أجنبيًا وصلوا بجوازات سفر أوكرانية من مطار بن جوريون إلى الحدود الإسرائيلية، مشيرة إلى منع 214 شخصًا من الدخول.
وقالت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييليت شاكيد، الأحد الماضي، إن إسرائيل على استعداد لاستقبال 100 ألف يهودي وعائلاتهم من روسيا وأوكرانيا، حيث جاء إعلان الوزيرة الإسرائيلية بالتزامن مع إعلان الوكالة اليهودية استقبال 300 يهودي قدموا في 3 طائرات من البلدان المجاورة لأوكرانيا بينهم 90 يتيما.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في استقبال إحدى الطائرات القادمة مع مهاجرين من أوكرانيا في مطار بن جوريون في تل أبيب، قائلا: 90 طفلاً من دار الأيتام نزلوا في إسرائيل، لقد كنت متحمسا لاستقبالهم وأخبرتهم أنتم بأمان الآن، لقد وصلتم إلى شاطئ آمن، مضيفا: لقد تغيرت الحياة التي يعرفونها في لحظة منذ أسبوع ونصف الآن، يفرون من المعارك والقصف، بدون آباء.
وبدورها قالت أييليت شاكيد، وزيرة الداخلية الإسرائيلية، في بيان: يجب القول إن إسرائيل، على عكس جميع البلدان، مستعدة لموجة كبيرة جدًا، لاستيعاب ما يقرب من 100 ألف يهودي وأفراد عائلاتهم الممتدة المؤهلين بموجب قانون العودة، من كل من أوكرانيا وروسيا، مضيفة «في الوقت الحالي، إسرائيل مستعدة بشكل فريد لاستيعاب ومنح الجنسية لمعظم المواطنين الأوكرانيين في العالم، لا توجد دولة أخرى تستوعب وتعطي الجنسية الفورية، هذا هو التحدي الكبير الذي ينتظرنا فيما يتعلق بالإسكان والتوظيف ومجالات أخرى، نحن بحاجة إلى التركيز والاستعداد وفقًا لذلك والتعامل مع عدد الحالات الإنسانية التي سنبت فيها في الأيام القادمة».
وتشحذ إسرائيل اليهود من جميع أرجاء العالم، بما تسمه «قانون العودة» الأمر الذي يناهضه الفلسطينيون؛ إذ يجير ذلك على حقوق الفلسطينيين في أراضيهم.