أصدر الرئيس التونسى، قيس سعيّد، أمس، مرسوما رئاسيا بإنشاء «المجلس الأعلى المؤقت للقضاء»، بعد أيام من قراره بحل المجلس الأعلى للقضاء بتهمة العمل لصالح فئات معينة، وهو القرار الذى أثار غضب القضاة، وأدى إلى تنظيم إضراب عام للقضاة لمدة يومين مما شل العمل فى محاكم البلاد. وينصّ المرسوم على تشكيل مجلس جديد يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية، ويشرف على شؤون القضاء العدلى والإدارى والمالى، ويحلّ محلّ المجلس الأعلى للقضاء الذى تم حله، ويسمّى «المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء»، ومقّره تونس العاصمة. وأعلن المرسوم، الذى نشر فى الجريدة الرسمية، أن مجلس القضاء الأعلى المؤقت الذى شكله الرئيس يتولى «اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته»، وبحسب المرسوم، يحق للرئيس التونسى «طلب إعفاء كل قاض يخل بواجباته المهنية»، ويحظر المرسوم الجديد على القضاة «الإضراب وكل عمل جماعى منظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل فى سير العمل العادى بالمحاكم»، كما يحق للرئيس، بموجب المرسوم، الاعتراض على ترقية القضاة أو تسميتهم. ونشرت الجريدة الرسمية تفاصيل المرسوم الذى تناول هيكل المجلس الجديد، برئاسة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، وله نائبان، أولهما الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، وثانيهما رئيس محكمة المحاسبات. ويتكون «المجلس الأعلى المؤقت للقضاء» من 3 مجالس فرعية هى: المجلس المؤقت للقضاء العدلى، والمجلس المؤقت للقضاء الإدارى، والمجلس المؤقت للقضاء المالى. ويتكون المجلس المؤقت للقضاء العدلى من الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، وهو الذى يرأس المجلس، ووكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب، كنائب رئيس المجلس، ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية، كمقرر للمجلس، وعضوية رئيس المحكمة العقارية، مع 3 قضاة متقاعدين من القضاء العدلى مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية لا يمارسون أى وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسى. أما المجلس المؤقت للقضاء الإدارى، فيضم الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، على أن يكون رئيسا للمجلس، ورئيس الدائرة التعقيبية الأقدم على ألا يكون وكيلا للرئيس الأول، ويعين نائبا لرئيس المجلس، ومندوب الدولة العام الأقدم، كمقرّر، وعضوية رئيس الدائرة الاستئنافية الأقدم فى خطته، مع 3 قضاة متقاعدين من القضاء الإدارى مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية لا يمارسون أى وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسى. وفى الوقت نفسه، يتكون مجلس القضاء المالى من: الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، لرئاسته، ووكيل الدولة العام، على أن يكون نائبا للرئيس، كما يضم وكيل الرئيس الأول كمقرر للمجلس، إضافة إلى رئيس دائرة الاستئناف الأقدم، و3 قضاة متقاعدين من القضاء المالى مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، لا يمارسون أى وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسى. واتجه سعيد إلى اتخاذ هذه الخطوة بعد انتقاداته اللاذعة منذ أشهر للقضاة، حين ردد كثيرا أنه لن يسمح بأن تكون هناك دولة للقضاء بل هناك قضاء الدولة، وانتقد تأخر القضاء فى إصدار الأحكام فى قضايا الفساد والإرهاب، قائلا إن هناك فسادا وإنه يصر على إصلاح القضاء، وقال سعيد هذا الشهر إن القضاء وظيفة فقط داخل الدولة وليس سلطة. وألغى أيضا الشهر الماضى كل الامتيازات المالية لأعضاء المجلس. وأثار إعلان الرئيس التونسى حل المجلس الأعلى للقضاء الذى يمثل السلطة القضائية المستقلة ردود فعل متباينة بتونس فى إطار استحواذ سعيّد على معظم السلطات منذ تعليق أعمال البرلمان وإقالة حكومة رئيس الوزراء السابق هشام المشيشى، العام الماضى. ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية «ضامنة فى نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية»، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية فى مجال القضاء. وأكد مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية، جوزيب بوريل، ضرورة العودة إلى المسار الطبيعى للعملية الديمقراطية والحياة الدستورية فى تونس، ولمح إلى وجود مقترحات لإيقاف المساعدات والدعم المالى إلى تونس، واعتبر بوريل أن الاتحاد الأورربى يبقى قلقا تجاه ما يحدث فى تونس خاصة فى غياب المسار الدستورى الطبيعى فى البلاد.