شهدت الأيام الماضية نقصًا حادًا فى «بنج الأسنان»، نتيجة توقف شركة الإسكندرية المُصنعة للبنج فى مصر، عن الإنتاج بسبب خطة التطوير وإيقاف الإنتاج حتى إبريل المقبل، وهو ما انعكس على أطباء الأسنان وأيضا المرضى، وتسبب فى خلق سوق سوداء ساهمت فى زيادة الأسعار بشكل كبير، ولجوء بعض الأطباء للبنج المستورد «الإسبانى»، ولجوء البعض الآخر لكتابة المضادات الحيوية والمسكنات للمرضى حتى يكملوا علاجهم. تلك الأزمة، دفعت النقابة العامة لأطباء الإنسان لمخاطبة وزارة الصحة والسكان، ممثلة فى الدكتور خالد عبدالغفار، القائم بأعمال وزير الصحة والسكان، للفت نظر الوزارة للنقص الحاد فى بنج الأسنان، حيث إن مصنع شركة الإسكندرية متوقف حتى نهاية إبريل المقبل، وأيضا مصنع «أرتيفارما» ينتظر موافقة الوزارة، والتى ستتأخر إلى شهر مارس 2022. وقالت النقابة فى بيانها، إنه لا يتواجد غير المستوردين من إسبانيا، بالإضافة إلى شركة «سبتودنت الفرنسية» والتى تعانى تأخيرا فى تحليل العينات الموجودة بالمخازن، علما بأن التحليل لآخر شحنة استغرق 9 أشهر، هذا بالإضافة إلى السعر العادل حيث إن الأسعار لم تتغير منذ 2012 والبنج الإسبانى تم تعديل سعره، وطالبت النقابة وزارة الصحة بضرورة التنبيه بتعجيل الإفراجات للشركة والمصنع حيث إننا بدأنا دخول نفق الأزمة كما حدث منذ سنوات. وتعليقًا على الأزمة، يقول الدكتور إيهاب هيكل، نقيب أطباء أسنان القاهرة، إنها فى طريقها للحل، وإن هيئة الدواء تدخلت فى الأمر، وخط إنتاج بنج الأسنان بدأ أمس الأول - 26 يناير- فى مصنع الإسكندرية للأدوية. ويؤكد نقيب أطباء الأسنان أنه يجب على هيئة الدواء إيجاد حلول سريعة فى فتح طرق أخرى لتصنيع البنج فى مصر، لأن الأزمة متكررة والبنج المستورد غالى الثمن، وتسعير البنج المصرى غير عادل إلى حد ما، ويجب إعادة النظر فيه، وبعض شركات الأدوية تعانى من إجراءات الإفراج عن شحنات بنج الأسنان، مشيرًا إلى أنه اقترح على اتحاد المهن الطبية أن تقوم نقابة الأسنان بشراء جزء من المصنع المصرى لبنج الأسنان، لكنهم رفضوا، مطالبا رئيس الوزراء بتسريع إجراءات الإفراج عن شحنات بنج الأسنان المستوردة. وتابع: بداية من 6 فبراير المقبل، سيتم توفير الإنتاج العادى من البنج بقدرة 35 - 40 ألف عبوة شهريا لحل المشكلة، وأن هيئة الشراء الموحد ستحصل على حصة كبيرة من الإنتاج لتلبية الاحتياجات الحكومية. بدورها، قالت الدكتورة إيناس زغلول، نقيب أطباء أسنان دمنهور، إن «البنج» مُكون أساسى فى أى عيادة أسنان، ولا يمكن العمل بدونه، ونقصه يعنى توقف العمل بشكل كامل، لأن الاعتماد على الكشف والأدوية ليس حلًا أبدا لمرضى الأسنان، مشيرا إلى أن ذلك النقص فتح المجال أمام السوق السوداء، مؤكدة أن النقص فى جميع أنواع البنج المتاحة وليس فى نوع محدد، وأن دور نقابة أطباء الأسنان هو توفير متطلبات الأطباء وحل تلك المشكلات، فتؤكد أنها حصلت فى تلك الأزمة على 30 علبة بنج، لكن تم توزيعها فى أقل من ساعة ولم تكف جميع العيادات. «البنج هو المسكن الوحيد لعلاج الأسنان، وبعض الأطباء يقومون بإعطاء المسكنات دون علاج للمشكلة».. بتلك العبارات تحدث الدكتور محمد إبراهيم، إخصائى طب وجراحة الأسنان، ويقول إن هناك أزمة كبيرة فى سوق طب الأسنان بشكل عام، وبخاصة فى البنج المستخدم فى عمليات العلاج، وإن هناك نقصا كبيرا، مما يدفع الأطباء إلى شراء البنج من «السوق السوداء» بأسعار فلكية، ويتم بيع البنج بالشريط وليس بالعلبة، والشريط الواحد يحتوى على 10 أمبولات بنج، مشيرا إلى استحالة عمل أى عيادة بهذا العدد من أمبولات البنج، لأن المريض الواحد من الممكن أن يستهلك أكثر من 3 أمبولات أثناء الخلع أو حشو الأسنان. وأضاف أن البنج المتاح حاليا فى الأسواق جودته غير فعالة بالشكل المطلوب، على الرغم من ارتفاع سعره، الأمر الذى يدفع العديد من الأطباء إلى اللجوء لكتابة المسكنات والمضادات الحيوية. فيما علق محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، على أن نقص «بنج الأسنان» ليس أزمة جديدة لكنها متجددة على فترات، وبخاصة البنج الإسبانى، والخاسر الأكبر فى تلك الأزمة هو شركات قطاع الأعمال المتمثلة فى شركة الإسكندرية للأدوية، وعيادات الأطباء، وبالتبعية المرضى عن طريق عدم وجود الطريق الصحيح للعلاج، أو الانتظار وغلاء أسعار الكشف الناتج عن غلاء المواد المستخدمة. وأشار «فؤاد» إلى أنه بالرغم من إنشاء «هيئة الدواء المصرية» فى 2019 لكنها لم تساعد فى حل الأزمة، لسبب غير معلوم، مؤكدا أن السبب الرئيسى لأزمة «بنج الأسنان» عدم وجود رصد لحالات نقص الدواء، ولأن شركة الإسكندرية المُصنعة للبنج فى مصر لديها خطة تطوير، وتم إيقاف الإنتاج حتى شهر إبريل المقبل، موضحا أن تلك المشكلة معروفة لدى هيئة الدواء منذ 3 شهور، وأن شركة الإسكندرية يحدث لها تلك الأزمة بشكل مستمر كل 3 سنوات، وعلى الرغم من معرفة المشكلة، لم تجد الهيئة حل المشكلة بتوكيل إحدى الشركات الأخرى من قطاع الأعمال وليس القطاع الخاص لإنتاج البنج لحل الأزمة. ويشير المدير التنفيذى للحق فى الدواء إلى أن «البنج المصرى» مُصنع بطرق دقيقة، وكفاءته وجودته عالية ويعتمد عليه معظم أطباء مصر، سواء أطباء أسنان أو جراحة، وسعره مناسب للجميع، على عكس البنج الإسبانى «الأخضر»، كما يطلق عليه، فجودته عالية لكن سعره غال جدا على الطبيب، وبالتالى على المريض المصرى. بينما زادت شكوى مرضى الأسنان بسبب ارتفاع أسعار الدواء، فتقول سامية محمود مريضة أسنان، إنها تحاول حجز كشف عند طبيبها، لكن الطبيب يرفض بسبب نقص البنج.
