عطل فني يُوقف العمل في محطة «بوشهر» النووية الإيرانية

أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، فى بيان، إغلاق محطة «بوشهر» للطاقة النووية، الواقعة غرب البلاد على الخليج، بسبب «مشكلة تقنية»، وأضافت أنه تم فصلها عن شبكة الكهرباء الوطنية لعدة أيام على الأقل حتى يتم إصلاح الخلل. وقالت المنظمة إنها أبلغت وزارة الطاقة الإيرانية بضرورة إغلاق محطة بوشهر النووية، وأضافت: «من الواضح أنه بعد إصلاح المشكلة التقنية سيتم توصيل محطة الطاقة مرة أخرى بشبكة الكهرباء الوطنية فى غضون الأيام القليلة المقبلة». ولم ترد تقارير تفيد بأن الانقطاع نتج عن عمل تخريبى أو تعرض السلامة النووية للمحطة للخطر.
ودفعت درجات الحرارة المرتفعة فى طهران وزارة الطاقة إلى قطع الكهرباء عن 57 مؤسسة وطنية لمنع انقطاع التيار الكهربائى فى جميع أنحاء المدينة، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (إرنا). وانقطعت الكهرباء عن المبانى التى تضم هيئة البلديات، ومنظمة التراث الثقافى، وشركة أراك للبتروكيماويات، وبنك ملات، والبنك الزراعى، وشركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية، والمبانى التابعة لمؤسسة الضمان الاجتماعى.
وفى مارس الماضى، قال نائب مدير منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمود جعفرى إنهم سيضطرون إلى إغلاق المفاعل إذا استمرت البلاد فى التعامل مع المشاكل الناجمة عن العقوبات المصرفية، وفقًا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية. وقال جعفرى: «نحن نواجه مشاكل فى تلبية احتياجات بعض الضروريات للوحدة الأولى من محطة بوشهر. وما لم يتم العثور على حل فإن إنتاج الكهرباء فى هذه المحطة سيواجه مشكلات خطيرة، ولسوء الحظ قد يتوقف الإنتاج».
وبدأ بناء محطة بوشهر للطاقة عام 1975، قبل أن يتوقف عام 1979 بسبب الثورة الإسلامية، وبدأت المحطة فى العمل فى أغسطس 2010، مما جعلها أول مفاعل نووى إيرانى وأول مفاعل مدنى فى الشرق الأوسط. وكانت المحطة تعمل بكامل طاقتها منذ مارس 2020، وتنتج 1000 ميجاوات وتوفر الكهرباء المولدة للشبكة الوطنية، وفقًا لوكالة أنباء «نادى الصحفيين الشباب»، المدعومة من الدولة.
وتقع محطة بوشهر على سواحل الخليج العربى جنوب إيران، فى منطقة غالبًا ما تشهد نشاطًا زلزاليًا وهزات أرضية، وسبق لدول خليجية عربية أن أبدت مخاوف من قرب المحطة من أراضيها، واحتمال حصول تسرب إشعاعى إذا ضرب المنطقة زلزال قوى قد يتسبب بأضرار فى المحطة. وفى إبريل الماضى، أفاد الإعلام الرسمى الإيرانى بإصابة 5 أشخاص بجروح إثر زلزال قوته 5.8 درجات على مقياس ريختر، كان مركزه فى محافظة بوشهر على مسافة حوالى 100 كيلومتر من المحطة، وفى ذلك الوقت أكدت دائرة العلاقات العامة فى المحطة أن «كل الأقسام والأجهزة والمبانى فى محطة بوشهر سليمة تمامًا وتواصل نشاطها من دون أى خلل»، وأنها مصممة لمقاومة «أشد أنواع الزلازل فى البلاد والمنطقة»، وفق ما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.
وكانت شركة الكهرباء الوطنية دعت الإيرانيين إلى تخفيف الاستهلاك قدر الإمكان فى ساعات الذروة، بسبب «ارتفاع متوقع فى درجات الحرارة»، و«قيود على إنتاج الطاقة بسبب إصلاحات جارية فى محطة بوشهر». وأوضحت أن هذه الأعمال قد تمتد حتى نهاية الأسبوع. وشهدت طهران ومدن إيرانية أخرى انقطاعات للتيار الكهربائى فى مايو الماضى، بسبب نقص فى توليد الكهرباء من المعامل الكهرومائية بسبب الجفاف وقلة المتساقطات هذه السنة، وارتفاع درجات الحرارة والاستهلاك الكبير للطاقة بهدف تعدين العملات المشفّرة.
وتعتزم إيران زيادة الطاقة المنتجة من بوشهر. وبدأت شركات إيرانية وروسية فى عام 2016 بناء مفاعلين إضافيين تبلغ طاقة كل منهما 1000 ميجاوات، وتشير التقديرات إلى أن إنجاز العمل فيهما سيتطلب 10 أعوام.
وتعد إيران من أبرز منتجى الغاز والنفط، وسبق أن أبدت رغبتها فى بناء 20 محطة للطاقة النووية بهدف تنويع مصادر الطاقة وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفورى فى الاستهلاك الداخلى.
وأبرمت إيران فى عام 2015 اتفاقًا بشأن برنامجها النووى مع 6 قوى كبرى، وهى: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين وألمانيا، بعد أعوام من التوتر والمفاوضات الشاقة، وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات التى كانت مفروضة على الجمهورية الإسلامية، فى مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن الاتفاق توقف تقريبًا بعدما قرر الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديًا من الاتفاق عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران. وبعد نحو عام من الانسحاب الأمريكى، بدأت إيران بالتراجع تدريجيًا عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
وتجرى طهران وأطراف الاتفاق، وبمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مباحثات فى فيينا منذ مطلع إبريل الجارى سعيًا لإحياء الاتفاق من خلال التفاهم على رفع الولايات المتحدة للعقوبات، وعودة إيران لالتزاماتها. وأكّد دبلوماسيون غربيون بعد انتهاء الجولة السادسة من هذه المباحثات أن المفاوضين باتوا «أقرب» إلى إنقاذ الاتفاق النووى، لكن بعض النقاط الشائكة لاتزال قائمة، وسط تحذير أمريكى لطهران بأن المحادثات النووية لن تستمر للأبد.