استطاعت البعثة الأثرية العاملة في وادي الملوك برئاسة الدكتور «زاهي حواس» أمين عام المجلس الأعلى للآثار، الوصول إلى نهاية سرداب الملك «سيتي الأول» (1314-1304 ق.م )، والكشف عن أسراره. لكن نهاية رحلة البحث اختلفت عما كان يتوقعه علماء الآثار، الذين كانوا يأملون أن يصلوا إلى حجرة الدفن الحقيقية لسيتي الأول، وقال حواس إن "البعثة نجحت في كشف أسرار السرداب، لأول مرة ووصلت إلى عمق 174.5متراً داخل الجبل، من نهاية المقبرة والتي يصل عمقها إلى 98متراً." وأضاف أن البعثة بدأت عملها في نوفمبر 2007 ، وانتهى العمل خلال الأسبوع الجاري بعد أن وصلت إلى نهاية السرداب، مشيراً إلى أن البعثة قامت بالحفر داخل السرداب ودعمت السقف بعروق معدنية لحماية الجبل من الانهيار، وتم أيضاً عمل أرضية خشبية بالإضافة إلى مسار قضبان لنقل الرديم والأحجار داخل عربات من السرداب. وأوضح حواس أن البعثة عثرت داخل السرداب على أواني فخارية وأوشابتي يرجع إلى الأسرة ال 18 (1569-1315 ق.م)، إضافة إلى خراطيش مكتوبة على أحجار جيرية، كما عثر على نموذج لمركب من الفيانس، بالإضافة إلى ثلاث سلالم عليها كتابات جرافيتي باللون الأحمر. وقال حواس إن هذه المنطقة وهى المائة متر، وصل إليها الشيخ «علي عبد الرسول» وعماله عام 1960، وتوقف العمل نتيجة لصعوبة تنفس العمال، مشيراً إلى أن أسرار السرداب يتم كشفها بعد مسافة المائة متر حيث بدأت ظهور أول "سلمة" ووصل طولها إلى 2.6متراً، واستمر الحفر داخل السرداب حتى وصل عدد السلالم إلى 54 سلمة، مضيفاً، "لأول مرة يظهر السرداب بشكل يختلف عن المائة متر السابقة حيث بدأ يظهر منحوتاً في الصخر وكأنه مقبرة داخل مقبرة". وتابع حواس " يظهر داخل السرداب ممر آخر بطول 6 متر، منحوت في الصخر وظهر أمام بوابة الممر نص باللغة المصرية القديمة بالخط الهيراطيقي المختصر عن الكتابة الهيروغليفية، يقول "هنا أرفع العتب إلى أعلى ووسع عرض الممر" موضحا أن هذه "تعليمات مكتوبة من المهندس المعماري إلى العمال الذين يقومون بالحفر داخل السرداب". وقال حواس "دخلت إلى هذا المكان من أجل معرفة أسرار سرداب سيتي الأول لأول مرة"، لافتاً إلى أن "الحوائط كان مستوية وهناك علامات تركها الفنانون لعمل الرسومات على الحوائط ولكنها لم تكتمل، كما ظهرت المفاجأة الثانية "، على حد تعبيره، وهي " العثور على بداية سلالم أخرى، وتم الحفر حتى وصلت إلى 37 سلمة واتضح أن السلمة رقم 37 تم حفر نصفها فقط ولم تكتمل حتى تم العثور على السدة التى تظهر نهاية السرداب المحفور فى قلب الجبل". وحول هذا السرداب وما يمكنه أن يضيف من استنتاجات تاريخية وأثرية قال حواس أن الملك «سيتى الأول» حكم 12 عاماً، ولذلك قام العمال والفنانون بحفر ورسم نقوش المقبرة التي وصل عمقها داخل الصخر إلى 98 متراً فقط، ويبدو أنه قرر أن يكون هناك مقبرة داخل مقبرة في تصور جديد لشكل المقبرة في عصر الرعامسة وبدأ العمال في حفر 100متر للتهوية وبعد ذلك بدأ عمل السلالم والممرات وعندما وصل العمال للعمل داخل السلمة رقم 37 جاء إليهم النبأ الذي يشير إلى موت الملك، وتوقف العمل، وفي هذه اللحظة بدأ الملك «رمسيس الثاني» بدفن والده "سيتى" وبعد ذلك بدأ في عمل نفس الممر أيضاً داخل مقبرته بوادي الملوك ،" مشيرا إلى أن البعثة تبحث حاليا داخل مقبرة رمسيس الثاني ( 1304-1237 ق.م) عن سرداب مماثل. ومن المعروف أن سرداب سيتي الأول كشفه المغامر الإيطالي بلزوني في 16 أكتوبر 1817 وسار داخل السرداب لمسافة 100م ولم يترك لنا وصفاً للسرداب غير أنه دخل في رحلة شاقة ولم يتقدم أكثر من ذلك نظراً للكميات الضخمة من فضلات الوطاويط والرائحة الخانقة داخل السرداب وتهالك أحجاره .. وبعد ذلك جاء هيوارد كارتر بعمل ترميمات لمدخل السرداب وذلك خلال الفترة من 1903 – 1908. وحصل الشيخ «علي عبد الرسول» عام 1960 على تصريح من مصلحة الآثار بالحفر داخل السرداب، وقد قام عماله بنقل الرديم من السرداب لمسافة 40م وقام بتدعيم السقف بدعامات خشبية واستطاع أن يصل إلى مسافة 136م داخل السرداب إلا أنه قد تتبع المسار الأصلي للسرداب بعد مسافة 80م .. وبدأ الحفر في سقف السرداب ثم عاد مرة أخرى إلى المسار الأصلي بعد مسافة 110م، وعندما اختنق العمال توقف العمل خوفاً من انهيار المقبرة.