هل «الكوليسترول» برىء من جلطات القلب والشرايين؟

معلومات مغلوطة تداولها الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعى، خلال الأيام الماضية، تبرئ الكوليسترول من الإصابة بجلطات القلب والشرايين، وأنه لا داعى للعلاج منه، ما تزامن مع رفع منظمة الزراعة الأمريكية له من قائمة المحظورات، فى الوقت الذى أكد فيه الأطباء أن هناك ارتباطا وثيقا بين ارتفاع الكوليسترول وزيادة دهون الدم، وزيادة نسبة الإصابة بأمراض الشرايين والسكتات الدماغية وغيرها الكثير من الأمراض.
أكد الدكتور عبدالمنعم عادل الحجر، المشرف على عيادة الكبد الدهنى بالمعهد القومى للكبد، أن هناك ارتباطا وثيقا طرديا، بين زيادة دهون الدم وزيادة نسبة الإصابة بأمراض الشرايين التاجية والسكتات الدماغية وتصلب الشرايين الطرفية وتشحم الكبد الدهنى وتشحم الكلى والبنكرياس، مشيرا إلى أن ارتفاع مستويات بروتينات الدم ينقسم إلى 4 أنواع من الدهون، وهى مجموع كوليسترول الدم الكلى TC، وكوليسترول البروتين الدهنى عالى الكثافة HDL أو الكوليسترول النافع، لأنه يساعد على التخلص من كوليسترول البروتين الدهنى منخفض الكثافة LDL، ومن ثم يحافظ على الشرايين مفتوحة وعلى انسيابية الدم خلالها.
وقال الحجر ل«صحتك بالدنيا» إن النوع الثالث هو كوليسترول البروتين الدهنى منخفض الكثافة LDL أو الكوليسترول الضار، حيث تتسبب زيادته بالدم فى تراكم الترسبات الدهنية بالشرايين (تصلب الشرايين)، مما يؤدى إلى عدم انسيابية الدم ومن ثم تكوُّن الجلطات، التى تسبب النوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو تصلب الشرايين الطرفية، أما النوع الرابع والأخير فهو الدهون الثلاثية TG، حيث تقترن زيادة مستوى تلك الدهون بعوامل عديدة، منها زيادة الوزن أو الإكثار من تناول الحلوى والسكريات، والتدخين وشرب الكحوليات، وعدم ممارسة الرياضة، إضافة إلى الإصابة بداء السكرى مصحوبًا بارتفاع مستوى سكر الدم، ومن ثم يكمن العلاج فى ممارسة نظام رياضى سليم، وتناول غذاء صحى، وإذا تعذر ذلك يتم تناول أدوية تخفيض الكوليسترول.
وهو ما أكده الدكتور أسامة حمدى، أستاذ السكرى والباطنة بجامعة هارفارد الأمريكية، ردًّا على ما أثير حول تصريحاته، وقال: «لقد اختلط الأمر على الكثيرين منهم أطباء، خاصة عندما أكدت أن القشدة والسمن البلدى غير ضارين، واعتقدوا أنه يمكن تناول كل ما يرفع الكوليسترول ولا خطورة منه، ولكن من المؤكد علميًّا وطبيًّا أن هناك ارتباطا وثيقا بين الكوليسترول وجلطات القلب والشرايين، بمعنى أن ارتفاع الكوليسترول وتركه دون علاج سيؤدى حتمًا إلى انسداد شرايين القلب والدماغ والأطراف، خاصة إذا كان الشخص مدخنا أو مصابا بالسمنة أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكرى، وخفض الكوليسترول الضار LDL بالتأكيد يؤدى إلى خفض فرص الإصابة بجلطات القلب والدماغ وخاصة عند مرضى السكرى».
وأضاف حمدى: «جاء مصدر الالتباس عند التحدث عن مصدر ارتفاع الكوليسترول وليس عن خطورته، فكوليسترول الدم الضار يأتى من زيادة إنتاجه من الكبد، وليس له حل طبى سوى العلاج بمخفضات الكوليسترول المعروفة بالأستاتين أو بعض الأدوية الحديثة بالحقن، أما الكوليسترول فى الطعام كالموجود فى البيض والكبد والكلاوى والمخ والجمبرى وغيره من القشريات البحرية فمساهمته قليلة فى كوليسترول الدم، لصعوبة امتصاصه من الأمعاء، وبالتالى فتأثيره لا يزيد على 10 إلى 15٪ من كوليسترول الدم، ولهذا قررت هيئة الزراعة الأمريكية عام 2015، عدم تحديد كميته فى الأكل».
وتابع: «يمكن للشخص البالغ أن يتناول بيضة أو اثنتين مسلوقتين يوميًا بلا خوف، وللتأكيد مرة ثانية هذا ليس معناه أن الكوليسترول غير ضار، ولكن زيادته من هذا المصدر (البيض) ضئيلة، واللبس الآخر كان فى خطورة الدهون المشبعة وعلاقتها بجلطات القلب والدماغ لأنها ترفع الكوليسترول الضار فى الدم، فهذه الدهون لا تحتوى على الكوليسترول ولكن تناولها بكثرة يرفع من مستوى الكوليسترول الضار فى الدم بنسبة كبيرة، وهى تأتى من مصدرين رئيسيين: أولهما اللحوم، والثانى منتجات الألبان كاملة الدسم، فاللحوم نفسها وخاصة المصنعة منها كاللانشون والهوت دوج وغيرهما، تزيد من فرص الإصابة بالسكرى من النوع الثانى؛ لذا للوقاية من أمراض شرايين القلب والمخ، يجب نزع دهن اللحوم الحمراء والامتناع تمامًا عن أكل اللحوم المصنعة، ولتقليل فرص الإصابة بالسكرى ينصح بالإقلال من أكل اللحوم الحمراء ككل، إلا مرة أو اثنتين فى الأسبوع».
وأشار حمدى إلى أن المصدر الآخر للدهون المشبعة، هو منتجات الألبان كالزبادى والجبن والقشدة والسمن البلدى، فهى ذات فائدة على عكس ما يشاع عنها، ولا تزيد من أمراض شرايين القلب والدماغ، مؤكدا أنه يمكن تناول منتجات الألبان عالية الدسم، بدون خوف، ولكن مع تحديد الكمية حتى لا يزيد الوزن وبالتالى تزيد فرصة الإصابة بمرض السكرى، وأمراض القلب والمرتبطة أيضًا بزيادة الوزن.
وأوضح أن هناك نوعين من الدهون أولهما قاتل جدًّا والآخر مفيد جدًّا، فالقاتل جدًّا هو الزيوت المهدرجة كالسمن الصناعى والموجود فى جميع المعجنات ومعظم الحلويات والبسكويت والبطاطس المحمرة والمقليات، ويكفى تناول جرام واحد منه يوميًّا ليزيد فرصة حدوث جلطات القلب بنسبة 93٪ كما أثبتت كلية هارفارد للصحة العامة.
احسب نسبة «الكوليسترول» فى طعامك اليومى
أكد الدكتور عبدالمنعم عادل الحجر، المشرف على عيادة الكبد الدهنى بالمعهد القومى للكبد، أنه يمكن حساب نسبة الكوليسترول التى تحتويها بعض الأطعمة، لتحديد الكميات التى يمكن تناولها يوميًّا.
وقال الحجر: «بالنسبة للأسماك الدهنية، تحتوى على نسبة مرتفعة من أحماض أوميجا 3 التى تقلل من نسبة الدهون الثلاثية فى الدم، لكن لا تقلل من نسبة كوليسترول البروتين الدهنى منخفض الكثافة (LDL) أو الدهون الضارة، وهذه الأسماك تلعب دورًا مهمًّا فى الوقاية من النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وتأثيرها الإيجابى على خفض نسبة الدهون الثلاثية فى الدم، ولذا توصى جمعية القلب الأمريكية بتناولها مرتين أسبوعيًّا، ومن أفضل الأسماك الدهنية السمك البورى والقراميط المصرى».
وأضاف: «بالنسبة للكبدة، فكل 100 جرام منها تحتوى على 375 ملليجرامًا من الكوليسترول، لذا يمكن تناولها مرتين أسبوعيًّا، باعتبار أن الشخص لن يأكل بروتينًا يوميًّا، ومن الصعب تناول كمية الكوليسترول المسموح بها يوميًّا من مصدر واحد فقط، أما الدهن المفيد فهو الموجود من زيت الزيتون والأفوكادو، وهى الزيوت الوحيدة التى تخفض الكوليسترول الضار وترفع الكوليسترول الحميد فى الدم، ويعد الأفوكادو من الأطعمة الغنية بالدهون غير المشبعة، والتى تلعب دورًا مؤثرًا فى خفض نسبة كوليسترول بروتين الدم الدهنى منخفض الكثافة (LDL)، ما يلعب دورًا مؤثرًا فى خفض نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين، أما بالنسبة للجمبرى فكل 28 جرامًا منه تحتوى على 179 ملليجرامًا من الكوليسترول، وتوصى جمعية القلب الأمريكية بتناول 300 ملليجرام من الكوليسترول يوميًّا بالنسبة للأصحاء، و200 ملليجرام لمرضى القلب ويفضل أن يكون مشويًّا أو مسلوقًا».
ولفت «الحجر» إلى أنه بالنسبة للبيض، فتحتوى الواحدة منه على 186 ملليجرامًا من الكوليسترول، النسبة الكبرى منه فى الصفار وقليل فى البياض، وتكمن خطورته فى مستوى الكوليسترول حال إضافته إلى بعض الأطعمة الجاهزة كالسجق وشرائح اللحم أو طهيه فى الزيوت والسمن.