حراك دبلوماسي أوروبي- أمريكي لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني

شهدت أزمة الملف النووى الإيرانى حراكًا دبلوماسيًا وسياسيًا خلال الساعات الماضية، بالتزامن مع تحركات طهران للتخلى عن التزاماتها فى الاتفاق النووى الموقع بينها وبين الدول الغربية الكبرى عام 2015، مع مساعى إدارة الرئيس الأمريكى الجديد، جو بايدن، بالضغط على إيران للالتزام بالاتفاق قبل العودة إليه بعدما انسحبت منه إدارة الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب.
وبحث بايدن فى أول محادثات هاتفية له مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مسألة «التهديد الإيرانى»، و«اتفاقات السلام فى الشرق الأوسط»، ووصف نتنياهو المحادثة بأنها كانت دافئة وودّية للغاية واستمرّت قرابة الساعة، وأوضح أنّ المحادثات تناولت «اتفاقات» السلام فى الشرق الأوسط و«التهديد الإيرانى» وإدارة جائحة «كوفيد- 19».
وذكرت رئاسة الحكومة الإسرائيلية أنّ نتنياهو وبايدن شدّدا على العلاقات التاريخية بينهما، وأكّدا «على التعاون من أجل تعزيز التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة»، وأوضحت أن نتنياهو وبايدن «بحثا التقدّم الذى تمّ إحرازه على صعيد اتفاقات السلام»، ومن جانبه وصف البيت الأبيض المحادثة بأنّها «جيّدة».
وأثار تأخّر التواصل بين بايدن ونتنياهو لنحو شهر جدلاً فى الصحف الإسرائيلية، وكانت السفيرة الأمريكية السابقة بالأمم المتحدة، نيكى هايلى، اتّهمت إدارة بايدن ب«التعالى» إزاء «صديق مثل إسرائيل». وعارضت إسرائيل الاتفاق النووى، ودعمت النهج الذى اعتمده ترامب بممارسة «ضغوط قصوى» على طهران بعدما أعلن عام 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق النووى وإعادة فرض عقوبات على طهران، فى حين تثير مساعى إدارة بايدن العودة للاتفاق مخاوف إسرائيل والدول الخليجية، واعتبر رئيس الأركان الإسرائيلى، أفيف كوخافى، أنّ العودة للاتفاق النووى ستكون «أمرًا سيئًا»، معلنًا أنّ بلاده تعمل على إعداد «خطط جديدة» للتصدّى لإيران.
وفى باريس، بحث وزراء خارجية الدول الأوروبية الكبرى والولايات المتحدة، الخميس، مسألة إعادة إحياء الاتفاق النووى، قبل أيام من انقضاء مهلة نهائية حددتها طهران ستفرض من بعدها قيودًا على عمليات التفتيش التى تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واستضاف وزير الخارجية الفرنسى جان- إيف لودريان نظيريه الألمانى والبريطانى فى باريس، بينما ينضم إليهما وزير الخارجية الأمريكى الجديد أنتونى بلينكن عبر الفيديو، وفق ما أعلنت الخارجية الفرنسية. وفى تشديدها على الطريق الصعب بشأن إيران، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن «قلقها» حيال فشل إيران فى الإيفاء بالتزاماتها، وذلك خلال اتصال هاتفى مع الرئيس الإيرانى حسن روحانى. وقالت ميركل إن «الوقت حان لصدور مؤشرات إيجابية قادرة على خلق الثقة وزيادة فرص التوصل إلى حل دبلوماسى»، إلا أن الرئاسة الإيرانية قالت إن روحانى «انتقد» خلال الاتصال «أداء أوروبا» فيما يتعلّق بالتزاماتها بعدما انسحبت واشنطن من الاتفاق، بدوره، شدد المرشد الأعلى الإيرانى، على خامنئى، الأربعاء، على أن إيران تنتظر أن تتحرّك الإدارة الأمريكية بشكل من شأنه أن يساعد اقتصادها.
ويشير محللون إلى أنه لاتزال هناك فرصة لإنقاذ الاتفاق النووى، لكن إدارة بايدن أفادت بأنها مستعدة للانضمام مجددًا إلى الاتفاق وبدء رفع العقوبات إذا عادت إيران للإيفاء بكامل التزاماتها المنصوص عليها فيه، وهو شرط بدت إيران غير راضية عنه، بينما تخطط إيران لفرض قيود على بعض عمليات التفتيش التى تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى حال لم ترفع واشنطن عقوباتها التى فُرضت منذ 2018، بحلول 21 فبراير الجارى، وذلك بناء على بنود قانون أقرّه البرلمان الإيرانى فى ديسمبر الماضى، بينما سيتوجه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل جروسى، غدا إلى طهران لعقد محادثات مع السلطات الإيرانية لإيجاد حل يمكّن الوكالة من مواصلة عمليات التفتيش فى إيران، وحذّرت وكالة الطاقة من «التداعيات الخطيرة» للخطوة التى تهدد بها إيران على «أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق والمراقبة فى البلاد».
وأكد المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن على إيران أن «تتعاون بشكل كامل وفى الوقت المناسب» مع وكالة الطاقة،
وقال: «على إيران التراجع عن خطواتها والامتناع عن اتّخاذ خطوات أخرى من شأنها التأثير على تطمينات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التى لا تعتمد عليها الولايات المتحدة وحلفاؤنا وشركاؤنا فى المنطقة فحسب، بل العالم بأسره»، مشيرًا إلى أن بلينكن يرى أن بإمكان الاتحاد الأوروبى أن يلعب «دورًا مهمًا». وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأسبوع الماضى، بأن إيران بدأت إنتاج اليورانيوم المعدنى فى انتهاك جديد للاتفاق، مما دفع القوى الأوروبية للتحذير من أن طهران «تقوّض فرص إعادة إحياء الدبلوماسية».
وفى الوقت نفسه، كشف موقع «والا» العبرى أن إسرائيل فى طريقها للتسليح بأضخم صفقة، موضحًا أن اللجنة الوزارية الإسرائيلية صادقت على الخطة الأضخم لتسليح الجيش الإسرائيلى بأكثر من 6 مليارات دولار، وتشمل أحدث المقاتلات وأكثرها تطورًا حول العالم.