تواجه مسارح الإسكندرية الحكومية، التى كانت فى فترات سابقة أحد الأعمدة الرئيسية للنهضة المسرحية فى المدينة، موقفاً حرجاً قد يهدد بانقراضها، بحسب بعض المثقفين والمهتمين، الذين أعربوا عن استيائهم من الحالة السيئة التى آلت إليها أحوال مسارح المحافظة، التى كانت تضم نحو 48 مسرحاً ممتدة على طول المدينة وعرضها لم يبق منها الآن سوى عدة مسارح مهددة بالبيع أو الهدم. وعلى غرار مسرح «الريحانى»، الذى تحول إلى مقهى، ومسرحى «شكوكو» و«القومى» اللذين تحولا الآن إلى قاعات أفراح، ومسرح «إسماعيل ياسين»، الذى حوله أحد رجال الأعمال إلى برج سكنى يضم مسرحا ودار عرض سينمائى، أعلن المحافظ اللواء عادل لبيب، قبل عدة أيام أن المحافظة فى طريقها لبيع وهدم مسرح «محمد عبدالوهاب» لإقامة فندق سياحى عالمى على أرضه، وهو ما أكدته تصريحات سابقة له فى بداية العام قال فيها إنه قرر طرح الأرض التى يقع عليها مسرح محمد عبدالوهاب بمنطقة الشاطبى بالإسكندرية للبيع خلال شهرين إلا أن عملية هدم بعض المنشآت المقامة عليها لم تنفذ حتى الآن ولم يتم البيع، بعد أن تقرر إلغاء المزايدات الخاصة بالمشروعات السياحية فى أرض كوتة ومسرح محمد عبدالوهاب وكازينو السرايا، التى كان مقرراً فض مظاريفها الفنية خلال أبريل ومايو الماضيين بسبب عدم تقدم أى من شركات الاستثمار السياحى والعقارى إلى هذه المزايدات حسب مصدر مسؤول بالمحافظة. وبينما أكد المحافظ إصراره واعتزامه إتمام البيع والهدم، نفى مدير المسرح (مصطفى عبدالخالق) إخطاره بما يجرى الآن الترتيب له بخصوص عملية البيع أو الهدم. وقال: سمعت هذا الكلام لكنى حتى الآن لم يصلنى أى شىء رسمى من وزارة الثقافة التى أتبع لها ويتبع لها المسرح بخصوص هذا الأمر. وأكد عبدالخالق أن المسرح يستعد لاستقبال الموسم الصيفى، وأنه لا توجد أى أعمال هدم أو ترميم للمسرح بل على العكس تتركز الأعمال الآن على تجهيزات المسرح من أعمال نقاشة وصيانة كهرباء وتجديد لواجهته ولغرف الفنانين بالإضافة إلى الدعاية. وأضاف: «إن آخر عمليات التطوير التى شهدها المسرح تمت عام 1997 من خلال تجديد صالة العرض المسرحى وتخصيص غرف للصوت والإضاءة والفنانين بينما شهد المسرح حركة تطوير آخرى منذ 3 سنوات على مستوى الدعاية للمسرح لجذب الجمهور حيث تم تكوين لجنة للتسويق داخل المسرح من خلال إبرام بروتوكولات مع غرفة السياحة وكبرى شركات السياحة، ولأول مرة يستقبل مسرح محمد عبدالوهاب وفودا من جميع أنحاء العالم لمشاهدة الموروث الثقافى المصرى، بالإضافة للتنسيق مع الجامعات والشركات ورعاية الشباب لعمل تخفيضات على أسعار الدخول لاستقطاب أكبر عدد من الرواد. وتابع: نجحنا فى تحقيق أعلى إيرادات على مستوى قطاع الفنون الشعبية فى مصر خلال الثلاث السنوات الماضية واستطعنا استعادة رواد المسرح بالمحافظة من جديد». والملاحظ أن وجهة النظر المشجعة على إعادة بنائه من جديد واستغلال مساحته والتى تزيد على ثلاثة آلاف متر مربع، من خلال إقامة مشروع ضخم يضم قاعة سينما ومسرحا إلى جانب إقامة فندق كبير بأرض المسرح خصوصا مع موقعه المتميز بمنطقة الأزاريطة على البحر وبجوار مكتبة الإسكندرية، ومع عدم استغلاله سوى خلال الموسم الصيفى فقط لفرقة رضا والفنون الشعبية وفرقة أنغام الشباب، تقابلها وجهة نظر آخرى ترى فى تلك الخطوة قضاء على الملجأ الوحيد للجمهور السكندرى المحب للفنون الشعبية والتراثية التى لا تلقى من الأساس الاهتمام والدعم الكافى الحكومى لها رغم كونها وثيقة الصلة بالطبيعة السكندرية بتراثها الشعبى المميز الذى كان لمسرح عبد الوهاب على مدار سنوات طويلة، دور متميز فى الحفاظ عليها، من خلال عروضه السنوية التى ازدهرت منذ الستينيات من خلال العروض التى استضافها المسرح والتى ضمت تراث قطاع الفنون الشعبية المصرية والاستعراضية بجانب الأوبريتات التى أنتجها القطاع وحفلات أضواء المدينة فى تلك الفترة التى استمرت منذ ذلك الحين إلى الآن سنويا فى الموسم الصيفى باستضافة أهم فرق الفنون الشعبية، التى تشمل عروض البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية وفرقة رضا للفنون الشعبية والفرقة القومية للفنون الشعبية بالإضافة إلى عروض الأطفال والمسرحيات الجماهيرية التى كان يستضيفها المسرح بالتناوب، مرة كل أسبوع. الجدير أن ملكية المسرح تحولت فى الأربعينيات إلى الحكومة الأمريكية التى اشترته من الحارس على أموال الألمان إلى أن آلت ملكيته فى بداية الثمانينيات إلى وزارة الثقافة المصرية بعد أن اشتراه الوزير محمد عبدالحميد رضوان، حيث أطلق عليه اسم «المسرح الصيفى الكبير» ثم مسرح التليفزيون إلى أن آلت ملكيته بالكامل إلى البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، التابع لوزارة الثقافة، التى من المفترض أنها لاتزال تمتلك المسرح حتى الآن.