كان الرئيس جمال عبدالناصر، يردد دائماً، ما معناه، أننا جميعاً عمال، من أول رئيس الدولة ذاته، إلى أصغر عامل وقتها فى البلد.. وكان عبدالناصر يردد مثل هذا المعنى، ربما ليبرر قراره بأن يكون 50٪ من أعضاء البرلمان من بين العمال والفلاحين! وعندما رحل الرجل عام 1970، تبين لكل صاحب ضمير أن النسبة إياها، لم يكن لها أى مبرر معقول، وتبين أن الهدف الوحيد من ورائها، هو سيطرة الدولة على الأغلبية فى مجلس الشعب، لتمرير ما تشاء من قوانين، فى الوقت الذى تريده!.. ثم تبين ما هو أفدح، وهو أن النسبة قد دمرت السلطة التشريعية، وأفرغتها عاماً بعد عام من محتواها، وجردتها تماماً من القدرة على أداء دورها الحقيقى، فى تشريع القوانين للناس وفى الرقابة على أعمال الحكومة! وبما أن عصر السادات كان امتداداً، بشكل أو بآخر، لعصر عبدالناصر فإن النسبة قد بقيت كما هى، ثم بقى البرلمان، بالتالى، كسيحاً كما هو، وكان الأمل أن يتغير الوضع مع مجىء الرئيس مبارك قبل 30 سنة.. لولا أن الوضع قد دام واستمر! ومن وقت إلى آخر، يعود حسين مجاور، رئيس اتحاد العمال، إلى ترديد نغمة نشاز، تقول ما معناه، إنه كرئيس لاتحاد العمال يواجه حرباً لإلغاء النسبة ولكنه يقاوم ويتمسك بها! وحين يردد رجل مثله، كلاماً من هذا النوع، فلا أمل مطلقاً فى أى شىء، وسوف نستمر فى التدهور والانحدار والتردى يوماً بعد يوم! سوف نستمر لأن رئيس اتحاد العمال يوهم الرئيس بأن عنده 20 مليون عامل جاهزين للتأييد والهتاف فى أى لحظة، مع أننا كبلد لا نملك 20 مليون بطاقة انتخابية من أساسه! سوف نستمر فى الانحدار، لأن النسبة التى يتكلم عنها رئيس اتحاد العمال داخل البرلمان لم تمرر يوماً، مشروع قانون لصالح العمال والفلاحين.. بل على العكس، مررت مشروعات قوانين ضد العمال والفلاحين أنفسهم! سوف نستمر فى التردى والتراجع لأن عمال «أمونسيتو» وغيرهم، ظلوا «مرميين» على الرصيف، دون أن يلتفت إليهم رئيس اتحاد العمال، ولا أحد من الذين نفترض فيهم أنهم يمثلون العمال والفلاحين فى البرلمان، فإذا بهم يمثلون عليهم، داخل البرلمان وخارجه! سوف نستمر فى السقوط، لأن رئيس اتحاد العمال يمنح صكوكاً لكل من يريد أن يرشح نفسه، تحت صفة عامل، فى أى انتخابات، فنكتشف أن لواء الشرطة الذى غادر الخدمة - مثلاً - قد انقلب فجأة إلى عامل من خلال «صك» من الاتحاد، ونكتشف أيضاً أنه دخل البرلمان على أنه «عامل» مع أنه ليس من العمال والفلاحين، من قريب ولا من بعيد! رئيس اتحاد العمال يواجه حرباً لإلغاء نسبة ال50٪، ولكنه طبعاً يقاوم لأنه يريد إبقاء الحال الردىء على ما هو عليه، ويريد الذين يشنون حرباً عليه، أن يتغير حالنا المحزن إلى ما هو أفضل! هذا الرجل يجب أن يختفى نهائياً من الحياة السياسية، لأنه يشد برلماناً بكامله إلى القاع ثم يبقيه هناك، ولأنه رجل من عصر مضى!!