نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة وأحمد مجاهد يرد على اتهامات كهربا ب«تزوير عقده»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 25 إبريل 2024    الشعب جاب آخره، المنوفية تنضم اليوم لحملة مقاطعة الأسماك بعد ارتفاع أسعارها    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مدينة رام الله    رئيس موريتانيا يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية    شرطة لوس أنجلوس تعتقل عددا من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا المؤيدين لفلسطين    كلوب يعتذر لجماهير ليفربول وهذا ما قاله عن فرص الفوز بالدوري الإنجليزي    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    زوج بدرية طلبة لصدى البلد: ربيت بناتي على القديم..والفنانة: اديني في الشعبي    نقل الفنان الكويتي شعبان عباس إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الرشفة ب3500 ريال وتصنيفاته ما بتخيبش، قصة شاب سعودي في مهنة تذوق القهوة    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بالمنيا.. صور    يحيى السنوار يشغل المتظاهرين أمام منزل نتنياهو.. ماذا حدث؟    طلاب مدرسة أمريكية يتهمون الإدارة بفرض رقابة على الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين    تعديل موعد مباراة الزمالك وشبيبة سكيكدة الجزائري في بطولة أفريقيا لكرة اليد    توقعات ميتا المخيبة للآمال تضغط على سعر أسهمها    مستشار الأمن القومي الأمريكي: روسيا تطور قمرا صناعيا يحمل جهازا نوويا    بعد الصعود للمحترفين.. شمس المنصورة تشرق من جديد    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    صندوق التنمية الحضرية يعلن بيع 27 محلا تجاريا في مزاد علني    الليلة.. أدهم سليمان يُحيي حفل جديد بساقية الصاوي    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشريعة والدين والدولة المدنية
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 06 - 2011

بعض المفكرين يضعون الشريعة الإسلامية مقابل الدولة المدنية، مكررين مقولة أن تطبيق الشريعة سيقوض الدولة المدنية، بلا شك أن هذا المفهوم خاطئ تماماً، ولكن شيوعه ربما يعود إلى أفكار متوارثة أصبحت تُعامل كأنها مسلمات ومعتقدات راسخة لا يمكن الطعن فيها، ولكن بلا شك أن هناك طائفة أخرى من المروجين لتلك المقولة ليسوا حسني النية، بل يدركون حقيقة العلاقة بين الشريعة وبناء الدولة وتحقيق النهضة. ولإلقاء الضوء على هذه العلاقة يجب علينا دراسة التاريخ وربطه بالحاضر والمستقبل لمعرفة حقيقة تلك الأطروحة وحقيقة المروجين لها، والإمكانية الحقيقية لبناء دولة بدون شريعة.
الشريعة في التاريخ
الشريعة في التاريخ تُعتبر هي أساس قيام الدول، فشريعة حمورابي (1792-1750 ق.م) تُعتبر أساس قيام الحضارة البابلية، واليونانيون يعتبرون أن التشريعات التي وضعها سولون (638-558 ق.م) هي أساس قيام الحضارة الديمقراطية الأثينية. ولا نستطيع أن ننكر أن التوراة وشريعة سيدنا موسى عليه السلام كانت السبب في قيام دولة بني إسرائيل، التي بلغت أوج قوتها في عهد سيدنا داود وسيدنا سليمان. ومن هنا ارتبط التشريع بنهضة الأمم وإخراجها من الحالة الفوضوية السديمية الهمجية، ويظهر هذا بجلاء في مجلس الشيوخ الروماني التي كانت تشريعاته سبباً في نقل روما من مجرد مدينة صغيرة إلى إمبراطورية عظيمة تحكم العالم.
فضل الشريعة الإسلامية على اوروبا
حتى أوروبا لم تتمكن من النهضة إلا بفضل الشريعة الإسلامية، أوروبا كانت في القرون الوسطى تعيش بلا قانون ولا شريعة ولم تكن تعلم معني القانون والفقه وإستنباط القوانين، كانت الكنيسة والإقطاعيون يستعبدون الناس الذين كانوا عبيد أرض ليست لهم أية حقوق، وكان الإقطاعيون يحكمون بين الناس على انهم ملكاً لهم وبما يرونه حتى أن انتقال قن من مكان إلى مكان يجب أن يكون بتصريح من مالكه وسيده وحتى الزواج بتصريح من السيد وفي بعض الأحيان كان من حق السيد الاستمتاع بالزوجة في الليلة الأولى، الكنيسة حكمت الناس بفهوم الخطيئة الأولى حيث أكدت أن البشر جميعهم يتحملون وزر خطيئة آدم عليه السلام، وأن الخلاص من هذا الذنب لا يمكن إلا من خلال الكنيسة، التي أصبحت الخزنة الذين كلفهم الله بالإشراف على تنفيذ العقوبة، وهكذا فرضت الكنيسة سلطانها وعاش الأوروبيون في هذا الجحيم لتخليص ذنب الخطيئة الأولى. هكذا كانت تعيش أوروبا حتى قامت الحروب الصليبية، واحتك الأوروبيون بالمسلمين العرب وعرفوا معنى الحضارة والشريعة، فتعلموا في جامعات أسبانيا الفقه والقانون والشريعة وعرفوا معني سيادة السلطة القضائية وحقوق وحرية الإنسان التي كانوا يفتقدونها جميعاً.
الدين
هناك اختلاف في مدلول كلمة الدين، ولكن سنتناول هنا فقط مسألة هل يمكن الحياة بدون دين أو هل هناك حالة بشرية توصف بلا-دينية، وهل الأديان كلها يمكن وضعها في سلة واحدة مقابل اللادين. هناك ديانات وثنية كثيرة وهناك دين توحيدي واحد هو الإسلام بشرائع مختلفة، نزلت على أنبياء متعددين خلال فترات تاريخية مختلفة ولكن جوهر التوحيد واحد.
واختصاراً لهذه المسألة التي يمكن أن تتناولها أبحاث موسعة، سآخذ بتعريف الدين في القرآن لأنه هو التعريف الأصح والأشمل: وهو أنه اعتقاد راسخ في القلوب يؤثر على الفرد ونظرته للحياة وأخلاقياته وتعامله مع الآخرين ومع المحيط الذي يعيش فيه، إذاً الدين بهذا المفهوم الشامل حقيقة ضرورية في حياة كل الناس، حتى أن الإلحاد نفسه بهذا المفهوم يُعتبر دين (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون 9: 33) فإذاً ليس هناك حالة يمكن أن تُسمى لا-دينية
الدولة المدنية والدولة الدينية
مفهوم الدولة المدنية مقابل الدولة الدينية، مفهوم يشوبه الكثير من اللبس، تلك الأوصاف نُقلت إلينا من العالم الغربي مشوهة وذلك لتشوه الاعتقادات الغربية نفسها، فالدولة الإغريقية التي تُعتبر من الروافد الأساسية للحضارة الغربية كانت في الأصل دولة دينية تتبع التقسيم الهند-أوروبي (الطبقة الحاكمة، طبقة الكهنة، كبقة التجار والعوام) فالدولة بهذا المفهوم لا يمكن قيامها إلا بالخضوع لهذا التصنيف، فالملك يستمد شرعيته انه من سلالة إلهية، ومن طبقة الكهنوت تؤكد تلك الشرعية وتؤكد امتيازها الحصري بالوساطة بين الشعب و بين الآلهة وبذلك تتحقق هيمنة الملك على الشعب وإخضاعه، هذا المفهوم مازال هو أساس قيام الحضارات الغربية حتى اليوم مع بعض التنوع.
ولكن اللبس الذي ينتقل إلينا من فكرة الدولة المدنية مقابل الدينية يأتي من العناصر التالية:
مفهوم التدين في الحضارات الوثنية والعلاقة بين البشر والآلهة
يختلف مفهوم التدين في الديانات الوثنية عن الديانات التوحيدية، فالديانات الوثنية نشأت من السحرة والعرافين في القبائل والذين كانوا يعبدون الجن ويسخرونهم في نفس الوقت فأقاموا لهم التماثيل والمعابد وقدموا لهم القرابين، وأصبحوا كهنة لهم، ثم تحولت المجتمعات القبلية إلى مجتمعات أكبر تضم قبائل متعددة، فتجمعت آلهة القبائل لتكون عائلة إلهية Pantheon وصُنفت الآلهة حسب قوة القبيلة التي تعبدها. الديانات الوثنية ليست ديانات أخلاقية، ومفهوم الآلهة فيها أنها كائنات متحررة تعيش في رفاهية وبدون أي نوع من القيود الأخلاقية، لذلك نجد صورهم وتماثيلهم عارية والأساطير التي تدور حولهم تمتلئ بالفجور والقتل والشذوذ والظلم، الآلهة أصبحت آلهة فقط لأنها تمتلك القوة وتفرض عبادتها على الإنسان لأنها انتزعت منه القوة وحرمته من المعرفة. فالإنسان في حالة عبادة وصراع مع الآلهة لاستعادة المعرفة والقوة والإلوهية التي يستحقها لأنه هو المسيطر الحقيقي على العالم. العلاقة بين البشر والآلهة علاقة تعاقدية، الإنسان يقدم القرابين مقابل المحصول الجيد والرزق الوفير والانتصار على الأعداء، إذا امتنعت الآلهة عن تحقيق الطلبات يمتنع الإنسان عن العبادة وتقديم القرابين. نُسجت الأساطير حول الآلهة لتعتز كل أمة بنفسها وتنشئ دوافع وحوافز لتحفيز شعبها على القتال والاعتداء على الغير والاستيلاء على ثرواتهم واسترقاقهم.
عندما انتصر بيريكليس Pericles (495- 429 ق.م.) في الحروب التي شنها من أجل تحويل أثينا إلى إمبراطورية، نهب الأموال من الدويلات اليونانية وأخضعها لسلطانه وكلف النحات فيدياس Phidias بنحت أجمل تماثيل للآلهة وشيد المعابد الضخمة لها. وعندما فشل المشروع وهُزمت أثينا من إسبارطة ظهرت الفلسفة كنوع من التمرد على الآلهة التي غدرت بأثينا وامتنعت عن نصرها وتمرد على النظام السياسي الكهنوتي القديم، فالفلسفة التي يُظن أنها أتت بالتحرر البشري من الآلهة والتخلص من الدين وكانت الممهدة للدولة المدنية، لم تكن في الحقيقة إلا تمرداً على الممارسة الدينية ونظام الحكم الديني القديم، ولكنها في نفس الإطار الديني الوثني ومفاهيمه، فكل الفلسفات حتى الآن تعتمد على نفس الأساطير الدينية الإغريقية القديمة، على الإلياذة والأوديسا وأساطير الآلهة ونفس أفكار الصراع بين البشر والآلهة و استرداد أولوهية البشر المسلوبة. نفس الأفكار الوثنية أُعيدت في شكل جديد من أجل استعادة العلو البشري الذي ظنوا أن سبب ضياعه هو التمسك بالنظام القديم. فأساس كل المفاهيم اللادينية المدنية التي يتفاخر بها الغرب وأتباعه ما هي إلا إعادة إنتاج للمفاهيم الوثنية الدينية القديمة
أسباب معاداة الشريعة الإلهية الإسلامية
إذا كانت الشريعة بهذه الأهمية وضرورة من ضرورات النهضة البشرية، فلماذا هذا العداء للشريعة، الحقيقة أن العداء للشريعة يعود إلى بدايات لا يمكن إهمالها أو التغاضي عنها إذا أردنا فهم حقيقة المسألة.
البداية تعود إلى انحرافات بني إسرائيل قبل التهجير البابلي وتأثرهم بوثنية الأمم التي تعيش حولهم وبعدهم عن الشريعة الصحيحة التي كان يتمسك بها الأنبياء والصالحون، في ذلك الزمن فرض الله عقوبات تشريعية على بني إسرائيل بسبب فسادهم، فارتبطت الشريعة عند بعضهم بالعقوبة وكأن الشريعة بشكل عام هي نوع من العقوبة وليست سبباً من أسباب نهوض وتطور الأمم. وبعد زوال دولة بني إسرائيل بسبب فسادهم وتهجيرهم إلى بابل، ثم انتصار الفرس على بابل، أعاد قورش بني إسرائيل إلى فلسطين ولكن لتكوين دولة عميلة للفرس، وكان من الشروط توفيق الدين ليتماشى مع عمالتهم للفرس وتوفير شرعية لنظام الحكم الملكي-الكهنوتي المستحدث، المشابه للكهنوت الفارسي الزردشتي.
مع ظهور المسيح عليه السلام، ظهرت الدعوة إلى العودة إلى الشريعة الصحيحة، ولكن رجال الملك والكهنوت اليهودي والرومان قاوموا تلك الدعوة بكل شراسة لأنهم رأوا فيها زوال ملكهم، وإمتيازاتهم. ومن هنا بعد رفع المسيح عليه السلام تركزت الحرب على الشريعة التي رأت روما فيها سبباً في قيام دولة قوية مناهضة لها. فتحالف اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام مع الرومان لمحاربة الشريعة، كانت خططهم ترتكز بعد فشل الاضطهاد المباشر على اختراق الدين وإفساده، فظهرت الكتابات المقدسة المحرفة التي تحارب الشريعة بشكل أساسي.
محاربة اليهود وروما للشريعة كان بسبب خوفهم من تأثيرها المباشر على تقوية دولة الحواريين المسلمة الوليدة في القدس والتي كانت تتوسع بسرعة وقوة كبيرة في العالم الروماني، فأرادوا إضعاف الدولة بمحاربة الشريعة بالإضافة إلى عزل الداخلين في الدين عن دولة القدس، وذلك بخضوعهم للقانون الروماني والجزية الرومانية التي كان منعها سيؤثر بالسلب غلى قوة روما بلا شك، وأرادوا ضمان عدم خروج المؤمنين المنتشرين والمتزايدين في أرجاء الدولة على الحكومة الرومانية، بالإضافة إلى إحداث فرقة بين المؤمنين الذين دخلوا في الدين أفواجاً في كل أنحاء الدولة الرومانية، ومنع وصول مساعداتهم إلى دولة القدس من أجل حصارها وإضعافها.
ولكن الحواريون انتبهوا للأمر وقاوموه وتصدوا لمحاولات التضليل والاختراق، حتى فشلت تماماً، ونجد ذلك واضحاً في العهد الجديد بقوة، في أعمال الرسل، في رسائل بولس، خاصة الرسالة إلى أهل غلاطية، وإلى أهل رومية، ونهاية أعمال الرسل، حيث نجد بولس يضطر إلى العودة إلى القدس والتوبة وإعلان الخضوع للحواريين وخليفتهم يعقوب الصديق وإنكار محاربته للناموس (الشريعة). كذلك نجده في أعمال أخرى خفية (أبوكريقية) مثل كتابي التعرف Recognitions، والمواعظ Homilies المنسوبة لإكليمندس الرمي.
لكن اليهود والرومان لم ييأسوا وواصلوا الحرب فشنت روما حرباً شعواء على دولة القدس المسلمة استمرت سبعين عاماً من 65 إلى 135 ب.م. وشملت منطقة الشرق الأوسط كلها (مصر، ليبيا وشمال أفريقيا، تركيا، العراق، الشام) في تلك الحروب التي كانت أشد من الحروب العالمية في عصرنا الحديث أُبيد فيها الملايين من المؤمنين، حتى أن ليبيا يُقال أنها خلت من سكانها عام 114 ب.م.
بعد انتهاء الحرب عام 135 على يد هادريان وزوال دولة القدس المسلمة، اتخذت الحرب على الشريعة شكلاً جديداً. فقد قامت روما من أجل السيطرة على الدين والمؤمنين به بإنشاء جهاز كهنوتي رقابي استخباراتي. على غرار الجهاز الكهنوتي اليهودي. هؤلاء الأفراد الذين وجدوا أنفسهم أمام فرصة كبيرة لتحقيق الثروة والسلطة قاموا بتفصيل شريعة لتحقيق مصالحهم ومحاربة الشريعة الحقيقية، فقاموا بعمل إضافات للعقيدة تخولهم حقوق إلهية تشريعية متميزة مزورين كتابات نسبوها إلى الحواريين مثل الدساتير الرسولية Apostolic constitutions والتي يجمع الباحثون جميعاً على أنها مزورة، وبالرغم من ذلك مازالت تُعتبر أصل من أصول التشريع المسيحي. وهكذا نجد أن الكتبة والكهنة والفاريسيين الذين لعنهم المسيح في الإنجيل بسبب اعتداءاتهم على الشريعة، يعودون ويسيطرون بنفس أكاذيبهم واعتداءاتهم على الشريعة الإلهية الصحيحة، مدعين بحقوق إلهية تخولهم تلك المكانة.
هؤلاء الأنبياء الكذبة الذين حذر منهم المسيح حرفوا كل الكتب، وكتموا الحق، واستعبدوا الناس وأضلوهم وعاشت أوروبا تحتهم أحلك فترات التاريخ سواداً، ولم يتحقق لهم النجاة منهم إلا بسبب الشريعة الإسلامية التي أنارت عليهم من الأندلس.
ولكن الأوروبيون اليوم يكررون نفس الجريمة التي إرتكبها الرومان مع غيسى عليه السلام والحواريين، يحاولون منع الشريعة الإسلامية بشتى الطرق لأنهم يعرفون قوتها وتأثيرها، يعرفون أن الشريعة هي الطريق إلى الحضارة والقوة ولكنها حضارة إنسانية رفيعة تقوم على علاقة صحيحة مع الله الخالق الحقيقي للكون والمنعم الحقيقي على البشرية بالشريعة ليس فقط على المؤمنين به ولكن أيضاً على غيرهم من غير المؤمنين. العالم الأوروبي يدرك ويفهم الإسلام أكثر من إدراكنا ومعرفتنا لأنهم يعرفونه منذ زمن عيسى عليه السلام ويكتمونه.
الشريعة الإلهية والشرائع البشرية
إذا كنا قد إتفقنا على أن الشريعة والتشريع ضرورة أساسية في نهضة الأمم وبناء الدول، فيبقى علينا أن نعرف ما الفرق بين التشريع الإلهي والتشريع البشري. هل يمكن أن نستعيد ما كانت تعيشه الأمة الإسلامية عندما كانت تطبق الشريعة، عندما كانت تطبق العدالة في القضاء، والزكاة ومنع الربا وغيرها من التشريعات، لم يكن هناك ظلم وكان الناس يعيشون في رخاء وأمان ليس فقط المؤمنين ولكن كل الناس. الشريعة ليست ضد أحد ولكنها السبيل الوحيد إلى تحرير الإنسان من عبادة الناس، ثم تتركه ليختار ما يريد إن شاء يؤمن وإن شاء يكفر، وتضمن له في الحالتين حياة آمنة له ولأسرته ولأمواله، ما لم يعتدي على المجتمع ويحاربه.
الدولة المدنية الخالصة هل لها وجود؟
هل هناك وجود فعلي للدولة المدنية، النظام العلماني القائم اليوم في أوروبا هو نظام ديني تماماً، فهو خليط بين النظام الديني الوثني الإغريقي بتناقضاته، مع النظام الفلسفي القائم على النظام الوثني الإغريقي، تلك الفلسفات العديدة المبنية على الإلياذة الوثنية والتي لا يمكن بالتالي أبداً القول أنها لادينية، مختلطة بالمسيحية التي هي أيضاً خليط من الرسالة التوحيدية والفلسفات الإغريقية (الأفلاطونية والفيثاغورثية والأرسطوليسية) والديانات الباطنية الإغريقية والرومانية القديمة، كل هذا الخليط المعقد هو ما يمثل اليوم النظام العالمي الجديد الذي تريد أوروبا تطبيقه، لا يمكن فصله أبداً عن الدين، لا يوجد في التاريخ ذلك المفهوم المثالي الخيالي للدولة المدنية التي ينادي بها بعض المفكرين العرب أو المصريين. ما ينادون به ما هو إلا تعبير عن خضوعهم للحضارة الغربية بكل تناقضاتها وخدمة مصالحها وهو الأمر الذي سبقتنا إلى الوقوع فيه بني إسرائيل عندما أُعجبوا بالحضارات الإغريقية والفارسية فحاربوا شريعتهم إرضاءاً لهم فزالت دولتهم ولم يحققوا شيء.
حتى مفهوم الدولة الأفلاطونية المثالية متأثر بالعقائد الإغريقية وبفكرة التميز الطبقي الإلهي المبني على المعرفة، . Gnosticism في الدولة الأفلاطونية يتميز الحكماء والفلاسفة بمعرفتهم بالغيبيات والفلسفات والفيزيقيات وما يستتبعه من حقوق لهم في الحكم والسيطرة على العوام، الدولة الأفلاطونية تقسم الناس إلى طبقتين حكماء وعوام، وتعتمد على شيوع النساء والمال كسبيل للاستقرار الاجتماعي، نفس هذا المفهوم يسود في الدول الغربية والحركات الماسونية التي تقسم الناس إلى نخبة وعوام وتجعل للنخبة حق إلهي في تحديد مصائر العوام وحكمهم. وبذلك لم تستطع أوروبا الابتعاد عن النموذج الوثني الهند-أوروبي المتوارث والمغروس في قلوبهم. وكذلك ينتشر النموذج الماسوني في النخبة في العالم العربي، التي تنادي بالدولة المدنية، وهذا من التناقضات التي تذخر بها الحضارة الغربية. فنجد بالتالي ان مفهوم الدولة المدنية اللادينية الخالصة هو مفهوم وهمي تماماً. الدين مغروس في الطبيعة البشرية، وإذا لم يهتدي البشر إلى دين الحق فسيتجهون لا محالة إلى أشكال باطلة من التدين. فالبشرية في النهاية لا يمكن أن تلغي الدين تماماً من السيطرة على الحياة.
لماذا الإشادة الدائمة من العلمانيين بمحمد عبده ومحاولة السيطرة على الأزهر وتسخيره لضرب الإسلام؟
مرة أخرى يقدم لنا التاريخ التفسير، ما يحدث الآن من محاولات السيطرة على الأزهر وضرب الإسلام بالإسلام حدث في المسيحية، فتمكن التحالف الروماني اليهودي من اختراقها ومحاربة رسالة سيدنا عيسى الصحيحة بمسيحية مُحرفة، وسُخرت مدرسة الإسكندرية الدينية التي أُنشئت لهذا الغرض في نهاية القرن الثاني الميلادي. في هذه المدرسة تم الدمج بين العقائد المسيحية والفلسفات الإغريقية والديانات الباطنية الإغريقية الرومانية، لإنشاء مسيحية ترضى عنها روما وقام أتباع تلك المذاهب المحرفة بتطوير العقائد المحرفة إلى أن تم إقرارها في مجمع نيقيا عام 325 ب.م. في نفس الوقت تولوا مهمة محاربة العقائد الصحيحة وإخفائها ومحو كل أثر لها. مع الاضطهاد والإبادة الجسدية لكل من أصر على التمسك بدين الحق.
نفس الأمر اليوم يحدث من محاولات ضرب الإسلام بمذهب التشيع من جهة وبالصوفية من جهة والتي تتشابه بالعقائد الوثنية الهند-اوروبية، وبالسيطرة على الأزهر وتوجيهه لضرب الإسلام الصحيح الذي يخشى منه العالم الغربي. محاولات السيطرة على الأزهر بدأت مع جمال الأفغاني ومحمد عبده. وهما معروفان بكونهما ماسونيين، وهو أمر معلن وغير خافي على أحد. ومحمد عبده مثله مثل الكثيرين قبله من بني إسرائيل ومن غيرهم من المسيحيين من قبل الذين ظهروا في التاريخ باسم المدافعين Apologists، دوره كان التقريب بين الإسلام والحضارة الغربية، سواء قام بهذا الدور قاصداً أم جاهلاً، فهو ليس حجة ولدينا الإسلام الصحيح والسنة هما فقط حجتنا. العالم الغربي وأتباعه من العلمانيين يحاولون فرض آراء الشيخ محمد عبده التي تخدم مصالحهم وتمهد لإخضاع العالم الإسلامي لسيطرتهم.
هل هناك رجال دين في الإسلام؟
المفهوم الطبقي للمجتمع بأي شكل من الأشكال غير موجود في الإسلام، الطبقية الدينية التي تميز طبقات على طبقات موجودة في الهندوسية وفي البوذية والديانات والفلسفات الإغريقية والرومانية والفارسية، نجدها في كل الديانات الوثنية الهند-أوروبية. في بعض الأحيان يكون التميز بناء على تميز طبقي اجتماعي مثل الهندوسية، حيث طبقة البراهمة هي الطبقة المولودة مرتين والتي بعد موت أفرادها يتحدون بالله، البوذية جاءت كحركة إصلاحية للهندوسية فجعلت التميز والاتحاد بالله بعد الموت نتيجة التميز المعرفي والزهد والتقشف، وهو نفس التميز الذي نجده في الفلسفات الإغريقية والحركات الصوفية، وعند الشيع. في الإسلام الصحيح البشر كلهم سواسية، لا يوجد طبقية لا اجتماعية ولا معرفية ولا صوفية ولا توجد نخبة وعوام ولا يوجد أي شكل من أشكال القداسة للبشر، حتى الأنبياء والصالحون ليسوا رجال دين، البشر كلهم نوع واحد والقداسة كلها لله ولا يوجد أي واسطة ولا كهانة ولا شفعاء ولا وسطاء بين البشر وبين الله.
هل هناك دولة دينية في الإسلام؟
ليس هناك دولة دينية في الإسلام، لأن ليس هناك تمييز لناس ولا ضد ناس وتطبيق الشريعة لا يعني إقامة دولة دينية تتميز فيها طبقة على طبقة أو تُضطهد فيها طبقة وتٌحرم من حقوقها. مفهوم الدولة الدينية الطبقي تواجد في أوروبا في العصور الوسطى ولا علاقة له برسالة عيسى عليه السلام، وهو متوارث من النموذج الطبقي الاجتماعي الديني الهند-أوروبي.
لماذا كل هذه الكراهية لمحمد بن عبد الوهاب؟
محمد بن عبد الوهاب لا علاقة له بالبترول ولا بسياسة دول الخليج، الرجل دعا إلى التوحيد الخالص وتنقية الإسلام من البدع وعبادة الأولياء والأضرحة، وهذه هي الرسالة الحقيقية الصحيحة للإسلام التي أمر بها الله وجاء بها كل الرسل، وهذا هو السبب الوحيد لكراهيته.
وفي النهاية هل يمكن فعلاً للدولة المدنية أن تتواجد في مصر وما مصيرها؟
العالم كله ليس فيه دولة مدنية بهذا المفهوم الذي ينادي به العلمانيون في مصر، أوروبا مسيحية قلباً وقالباً، وحالة الإباحية والشذوذ التي تعيشها ليست تعبيراً عن المدنية، وعدم التدين، والتعصب. بل هو نتيجة اختلاط العقائد المسيحية والإغريقية الدينية الأساس كما أسلفت من قبل. الشيء الوحيد الذي يمكن أن تحققه تلك الدعوات إلى الدولة المدنية الوهمية، هو إضعاف عامل الربط بين عناصر الأمة واختفاء هويتها، عند ذاك سنرى لا قدر الله، ظهور الطوائف المتشددة وتصارعها وسنرى حالة من التفتت والسيولة والفوضى، تصيب الجميع حتى المسيحيين أنفسهم الذين تمتعوا بحماية الإسلام لهم حتى الآن الذي حماهم من الفتن التي أصابت الأوروبيين.
تاريخ و حاضر ومستقبل الصراع الغربي الإسلامي
تتحدد فلسفة التاريخ في تلك الآيات :
وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ( الإسراء4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
تلك الآيات في بداية سورة الإسراء تفسر لنا فلسفة التاريخ ونجد شبيهاً لها في متى 24، على لسان عيسى بن مريم عليه السلام وهو يحدث تلاميذه عن الأحداث التي ستجري إلى نهاية الزمان.
الصراع بين الحق والباطل وانتصار الحق هي فلسفة التاريخ.
يخطئ من يظن ان العالم الغربي لا يعرف الإسلام، الغرب يعرف الإسلام أكثر من معرفتنا نحن به، العالم الغربي عرف الإسلام من عيسى عليه السلام ورفضه وحاربه من ذلك التاريخ. عيسى عليه السلام دخل القدس فاتحاً ومنتصراً وأعداؤه من اليهود صاروا هم القلة المهزومة وحاولوا اغتياله فرفعه الله، وأخزاهم، ومن بعد رفعه كون الحواريون دولة مسلمة في القدس ونصرهم الله لأنهم نصروه (أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله ۖ قال الحواريون نحن أنصار الله ۖ فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ۖ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين – الصف: 14) ونشروا الإسلام بكل قوة من الصين إلى أسبانيا.
الإفساد الأول
حاول الرومان واليهود الكافرين في البداية اختراق الدين وإفساده، لكن الحواريون بقيادة يعقوب الصديق أفشلوا خططهم وفضحوهم وانتهي الأمر إلى فشل ذريع، فتحالفت روما واليهود الكافرين (الغير مؤمنين بعيسى عليه السلام) على حربهم فحاربوهم حرب شعواء استمرت من 65 إلى 135 ميلادية، قُتل في هذه الحرب التي كانت ضد الإسلام الملايين من بني إسرائيل المؤمنين وغيرهم من الشعوب المؤمنة في مصر وليبيا وشمال أفريقيا وتركيا والعراق. بعد تلك الحروب الشرسة التي هي أشد شراسة من الحروب العالمية في القرن العشرين، خلا الجو للتحالف الروماني اليهودي لتزييف الكتابات المقدسة وإضلال المسلمين فجمعوا الكتب الصحيحة ومنعوا تداولها ونشروا كتبهم المزيفة واستمروا في قمع المؤمنين واضطهادهم، حتى أجبروهم على التحول إلى الديانة المحرفة التي حرفها اليهود والرومان لتتناسب مع معتقداتهم الفاسدة، وكان هذا هو الإفساد الأول لبني إسرائيل (بني إسرائيل هم الرومان واليهود مجتمعين لأن الرومان ادعوا أنهم هم إسرائيل الجديدة فأصبحوا بالفعل ورثة كفر بني إسرائيل).
الإصلاح الاول
كان ببعثة النبي صلي الله عليه وسلام وكشف الحق الذي أخفاه الرومان واليهود وتحرير الناس من العبودية لهم وذروته كانت بالفتوحات الإسلامية وفتح القدس وتحريرها من قبضتهم وعودتها للمسلمين
الإفساد الثاني والأخير إن شاء الله
كان بعد ضعف المسلمين ووهنهم ومحبتهم للدنيا وبعدهم عن الدين، فرد الله الكرَّة لليهود والرومان بعد نهاية الحروب الصليبية فتمكنوا من السيطرة على العالم ونشر فسادهم وكفرهم وقيمهم الفاسدة والاستعمار وتدمير الأسرة ونشر الربا والوثنية والشرك بالله، والإباحية والشذوذ ومختلف أنواع الكفر والضلال، وهو العصر الذي نعيشه الآن، وهم يسعون الآن إلى كتم الحق الذي يعرفونه جيداً، فعندما ظهرت مخطوطات البحر الميت قبيل حرب فلسطين عام 48 ميلادية، أرسل الفاتيكان الكاردينال رولاند دي فو ليرأس اللجنة الوحيدة المسئولة عن الاكتشافات ويفرض عليها حظر لما يزيد عن 40 عاما، وحتى عندما سُمح للعلماء الإطلاع على المخطوطات فقد كان ذلك لبعض المخطوطات وليس كلها ولا يزال الحظر مفروضاً على بعض المخطوطات. وقد علق روبرت أيسنمان وغيره من العلماء على ذلك بأن الكنيسة الكاثوليكية تخشي ظهور حقائق تؤدي إلى كشف الأكاذيب التي بُنيت عليها المسيحية وتغيير مجرى التاريخ. نفس هذا الحظر مازال يفرضه الفاتيكان على مخطوطات الكتب الرصاصية التي اكتشفت في ساكرومونتو بغرناطة في أسبانيا، والتي يُقال أنها تحتوي على رسائل من الصديقة مريم العذراء إلى أهل أسبانيا تدعوهم فيها إلى الإسلام وتشهد أن لا إله إلا الله وأن المسيح روح الله، ولا يوجد فيها أي ذكر لا للتثليث ولا لبولس.
الإصلاح الثاني
يبدو انه حان وقته والعالم الغربي يشعر بذلك، فهم يشعرون أن علوهم اقترب من الأفول وحضارتهم التي قامت على أكاذيب وضلالات اقتربت من النهاية، ولذلك تشتد شراستهم لمحاربة الإسلام. وتلك الحرب تتركز الآن في مصر التي شرفها الله بأن يكون لها دورا رئيسياً في الدفاع عن الإسلام طوال تاريخها في صد الحروب الصليبية والمغول، وسينصر الله المسلمين عندما يفيقون ويعودون إلى الحق وإلى الله، كما وعدهم في سورة الإسراء ويمكنهم من دخول القدس مرة أخرى وكشف الفساد وإظهار الحق وتحرير الناس من أكاذيب وفساد بني إسرائيل ، تلك هي فلسفة التاريخ وهذا هو قدر الله وحكمته التي تتجلى لنا في التاريخ (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ۚ إن الله قوي عزيز – المجادلة 21)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.