ما أشبه الليلة بالبارحة استمرار مسلسل اعتداءات الشرطة على مواطنين و امتهان كرامتهم الانسانية وانتهاك حقوقهم المدنية والقانونية التى كفلتها كافة الشرائع و المواثيق الدولية و ان الانتهاك لا ينتهى فقط الى حد التعذيب و لكن بل تجاوز ذلك الى حد القتل و كلاهما مرفوض بكل المقاييس و هناك دراسة علمية تتحدث عن القانون الازرق للسكوت أى عدم ادلاء رجال الشرطة بالشهادة ضد زملائهم المتهمين فى جرائم الفساد و غيرها هذا يعتبر عامل مساعد على انتشار الفساد فى الشرطة و للآسف هذا القانون أصبح أثره و اضح للعيان فى الكثير من القضايا و مدى تأثيره على لجان التحقيق فى تهم الفساد والقتل و إساءة أستخدام السلطة التى توجه لرجال الشرطة و هناك الكثير من الملاحظات على هذا القانون يمكن تلخيصها فى الآتى اولا علاقات الزمالة التى تنشأ بين رجال الشرطة فى فترة التدريب و نمو تلك العلاقات بالهموم المشتركة اليومية و الممارسات المهنية تسهم فى تطور وانتشار ما يعرف بالقانون الازرق للسكوت فى ثقافة الشرطة ثانيا فى قناعة رجال الشرطة أنهم يعملون ضد المجرمين و يتعرضون للاخطار دون أن يجدوا دعما أو تقديرا من المجتمع ما يجعلهم أكثر حبا لبعضهم البعض ثالثا فساد رجال الشرطة موجه بصفة خاصة ضد المجرمين الخطرين و تجار المخدرات و تجار الجنس و أعضاء عصابات الجريمة رابعا هنالك ألتزام أخلاقى راسخ وسط رجال الشرطة بعدم الادلاء بالشهادة ضد زملائهم خامسا لا يقتصر الالتزام بالقانون الازرق للسكوت على عدم الادلاء بالشهادة ضد الزملاء الفاسدين فحسب بل يمتد الى أخفاء الادلة المادية الأخرى أو اتلافها وهنا طالما وجد رجل الشرطة من يعمل على حمايته والتستر عليه عندما يعتدى على أحد المواطنين من خلال هذا القانون الغريب فلماذا يتوقف عن التعذيب و القتل طالما ان يد العدالة و القضاء لن تطوله نتيجة حماية زملاء العمل له فما حدث فى مصر و ما زال يحدث أمر سوف يذكره التاريخ للشرطة بأنها عملت على قمع المتظاهرين فى ثورة 25 يناير بل استخدمت القوة المفرطة التى أودت بحياة الكثير من المتظاهرين سليما و فى النهاية عندما عجزت عن قمع تلك المظاهرات قامت بأنسحاب مزرى و مفاجئ لاحداث حالة من الانفلات الامنى الغير مسبوقة كعقاب للشعب لقيامه بتلك الثورة بل وتقاعست الشرطة للنزول الى الشارع تضامنا مع قيادتها التى أدينت فى عمليات قتل المتظاهرين ثم عندما نزلت لم تنزل بكامل قوتها بل و على العكس نزولها أصبح لا قيمة له لعدم قيامها بدورها فى حماية أمن المواطنين كل هذا يدل على ان الشرطة تطبق القانون الازرق للسكوت على الشعب كله حتى تعود الشرطة بنفس الطريقة التى تعودت عليها و تستخدم نفس أساليب القمع و التعذيب و الاعتقال لمجرد الاشتباه دون وجود تهمة او أدلة تدل على اتهام المواطن و أيضا هدفهم من ذلك هو انهاء عملية مطالبة المواطنين بمحاكمة من قاموا بالاعتداء على المتظاهرين بل وغلق هذا الملف الى الابد و أيضا غلق ملف اعتداء رجال أمن الدولة على المواطنين العزل داخل مبانى جهاز امن الدولة على مدار الثلاثين عاما الماضية و لا تفتح تلك الملفات المغلقة و تظل فى ادراج النيابة العامة و لا ترى النور حتى يحصل كل انسان على حقه ممن اعتدى عليه و عدم قيام القضاء بتحقيق العدالة على القيادات التى ساهمت فى افساد هذا الجهاز و ترسيخ مبادئ القمع فى نفوس أفراد الجهاز فأن ذلك يشجع الشرطة على الاستمرار على نفس النهج لان يد العدالة لم تطول افراد الشرطة المتهمين فى قضايا قتل و فساد سواء اكانوا من القيادات العليا فى الشرطة او حتى امناء الشرطة المتهمين فى قضية قتل الشاب السكندرى خالد سعيد لانه عندما تطول العدالة رجال الشرطة الفاسدين سيكون ذلك جرس انذار لبقية افراد الجهاز انه من يحاول الاعتداء على المواطنين بدون وجه حق فأن القصاص العادل ينتظره لو انكشف او انفضح امره إن عملية القضاء على القانون الازرق للسكوت لتغيير الثقافة الشرطية تحتاج الى أصلاح الضمائر والنفوس و ان تكون الاولوية الاولى للشرطة هى العمل على حماية المواطنين و ليس الاعتداء عليهم وتصفية الحسابات الخاصة من خلال استغلال سلطته كرجل شرطة ان العلاج لن يجدى نفعا الا اذا اقتنع المريض اولا بأنه مريض ويحتاج الى علاج و اذا لم يقتنع فى حالتنا هذه فلا علاج له سوى ان يترك تلك المهنة الخطيرة لمن يكون قادرا على تحقيق الاهداف التى وجدت من أجلها الشرطة وهى حماية المواطنين و تحقيق الامن لهم و لا يليق بأى انسان على وجه الارض ان يرى انسانا آخر يعتدى عليه و يظلم ثم يقوم بعد ذلك بالتستر على من ظلمه واعتدى عليه لان ذلك مخالف للضمير الانسانى اذا بقى لهؤلاء ضمير بل ويخالف تعاليم الاسلام الحنيف عندما اعلنها لكل البشر ان تنصر أخاك ظالما او مظلوما فنصرت المظلوم مفهومة ومعروفة اما نصرت الظالم بأن نمنعه من ظلمه فما بالكم بمن يتواطئ مع الظالم و يخفى الادلة التى تدينه سواء اكان ذلك داخل جهاز الشرطة او اى جهاز آخر من أجهزة الدولة