السيسي يكشف أسباب تكليفه مدبولي باختيار حكومة جديدة    المجلس الأعلى لشئون الدراسات العليا والبحوث يعقد اجتماعه الدوري    بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.. مدبولي يشكر الرئيس ويعاهده على بذل أقصى الجهود لخدمة الوطن    جمعية التأمين التعاوني تضمن تمويلات ب160 مليون جنيه لصالح البنك الأهلي المصري    صوامع الشرقية تستقبل 603 آلاف طن قمح حتى الآن    ضبط 3 أطنان قمح بالمنيا متجهة خارج المحافظة بدون تصريح    الهيئة العامة للاستثمار تبحث الاستفادة من التجربة الهندية في دعم ريادة الأعمال    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على غزة إلى 36 ألفا و479    صندوق الأغذية العالمي يعلن تقديم مساعدات إنسانية ل65 ألف متضرر من الفيضانات في أفغانستان    فينيسيوس أفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا 2023-24    تحرير 11 محضرًا خلال حملات تموينية في دسوق بكفر الشيخ    روتردام للفيلم العربي يختتم دورته ال24 بإعلان الجوائز    نقيب المعلمين: تقديم الدعم للأعضاء للاستفادة من بروتوكول المشروعات الصغيرة    إصابة نجم منتخب إيطاليا بالرباط الصليبي قبل يورو 2024    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    السيطرة على حريق نشب داخل 5 منازل بقنا    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    أوكرانيا: إصابة 5 مدنيين جراء قصف روسي على إقليم دونيتسك    فوز أعضاء أوركسترا شباب مكتبة الإسكندرية فى المؤتمر الموسيقى للوتريات    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدا جراء قصف إسرائيلى استهدف المحافظة الوسطى بغزة    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    لمواليد برج الدلو.. ما تأثير الحالة الفلكية في شهر يونيو 2024 على حياتكم؟    نقيب صيادلة الإسكندرية: توزيع 4 آلاف و 853 علبة دواء في 5 قوافل طبية    وزير الصحة يستقبل مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض لتعزيز التعاون في القطاع الصحي    "أسترازينيكا" تطلق حملة صحة القلب فى أفريقيا.. حاتم وردانى رئيس الشركة فى مصر: نستهدف الكشف المبكر لعلاج مليون مصرى من مرضى القلب والكلى.. ونساند جهود وزارة الصحة لتحسين نتائج العلاج والكشف المبكرة عن الحالات    «ابتعدوا عن الميكروفون».. رئيس «النواب» يطالب الأعضاء باستخدام أجهزة القاعة بشكل صحيح    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي داخل المحكمة بعد تأييد حبسه    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    عميد الكلية التكنولوجية بالقاهرة تتفقد سير أعمال الامتحانات    رئيس «شباب النواب»: الموازنة تأتي في ظروف صعبة ولابد من إصلاح التشوهات وأوجه الخلل    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    أفشة: الجلوس على الدكة يحزنني.. وأبو علي هيكسر الدنيا مع الأهلي    "مش عايزه".. مدرب ليفربول الجديد يصدم صلاح    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    عاجل..صندوق الإسكان الاجتماعي: الفترة المقبلة تشهد الانتهاء من تسليم جميع الوحدات السكنية المطروحة ضمن الاعلانات السابقة    بالأسماء، أوائل نتيجة الشهادة الإعدادية ببني سويف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبحار في علوم الكون.. بعيدا عن ضوضاء الصراع السياسي!
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 05 - 2011

جمعة غضب ثانية.. لا بل ثالثة وعاشرة.. تصيد لكلمة من هنا أو هناك لنذبح خصومنا ونحاكم نواياهم.. رعب من الإسلاميين.. تخوين لليبراليين أو اليساريين.. برامج توك شو تواجه الخصوم وتدخلهم في معارك طاحنة لتزداد نسبة المشاهدة.. وتزداد معها معاناة المشاهدين النفسية.. بلطجة وانفلات أمني.. تخويف مبالغ فيه من انهيار إقتصادي.. نشر تصريحات (لخبير أمني) يزعم فيها أن هناك 28 ألف جريمة قتل منذ 25 يناير إلى الآن (وكأننا في حرب أهلية والناس يقتلون بعضهم البعض في الشوارع بدم بارد!!).. ولا ندري من أين أتى سعادة الخبير بهذه التصريحات العجيبة!؟
يكفييييييييييييييييييي... هدوووووووء نرجوكم
تعالوا نسبح ساعة في عالم آخر.. عالم أدعو الله تعالى أن يوجه إنتباه المصريين إليه في العقود القليلة القادمة لنبني نهضة علمية نتفوق بها على أوربا وأمريكا ثم نقول عند تحقيق النصر العلمي لكل العالم: (نعم نستطيع : ييس وي كان!)
وبداية أحب أن أوجه الانتباه إلى أن ما سأكتبه سيروق لكل منصف (من وجهة نظري) سواء كان إسلاميا.. مسيحيا.. ليبراليا أو أي مهتم بالعلوم الكونية بصفة عامة.. ولكنه بالتأكيد لن يروق لمن يتعسفون في محاولة إبعاد فكرة وجود إعجاز علمي في الكتب السماوية.. من الجائز أن تكون علمانيا.. (فاهمني يا دكتور!).. لكن أن تنفي احتمال أن تأتي رسائل من خالق الكون في كتبه بها إشارات عن الحقائق العلمية التي أودعها الخالق في كونه.. في رأيي نفيك لذلك هو قمة التعسف طالما أنك تقر بأن خالق الكون ومرسل تلك الكتب هو ذات الإله الذي تؤمن به.. إلا إن قبلت فكرة أن تفتح صندوق جهاز إلكتروني فتجد مع الجهاز كتالوج فتقسم بأغلظ الأيمان أن ما في هذا الكتالوج لا ينتمي بحال من الأحوال إلى هذا الجهاز المتطور وأن من وضع الكتالوج هو شركة أخرى غير الشركة التي أنتجت الجهاز!!.. فهل من عاقل يزعم ذلك؟
تذكرني تلك المقدمة بحوار دار بين تلميذ في مقتبل حياته ولكنه كان نابغا في العلوم الطبيعية وبين أستاذ الفيزياء الذي كان يدرسه (وقيل: ، وهذا غير مؤكد ، أن التلميذ لم يكن سوى ألبرت أينشتاين) وهذا الحوار منتشر على المنتديات ومختلف المواقع (الأجنبية قبل العربية) .. تحدىالأستاذ تلاميذه بهذا السؤال: هل الله هو خالق كل ماهو موجود ؟ فأجاب التلميذ " نعم .. وهنا قال الأستاذ ، " ما دام الله خالق كل شيء إذاً الله خلق الشر . حيث أن الشر موجود ،وطبقاً للقاعدة أن أعمالنا تظهر حقيقتنا إذاً الله شرير ..وهنا قال التلميذ: هل لي أن أسألك سؤالاً يا أستاذ فرد الأستاذ قائلا: بالطبع يمكنك ، وقف التلميذ وسأل الأستاذ قائلاً: هل البرد له وجود ؟ فأجاب الأستاذ: بالطبع موجود ، ألم تشعر به مرة ؟ ، وضحك باقي الطلبة من سؤال زميلهم فأجاب التلميذ قائلا: في الحقيقة يا سيدي البرد ليس له وجود فطبقاً لقوانين الطبيعة ، ما نعتبره نحن برداً هو في حقيقته غياب الحرارة واستطرد قائلاً: كل جسم أو شيء يصبح قابلاً للدراسة عندما يكون حاملاً للطاقة أو ناقلاً لها والحرارة هي التى تجعل جسماً أو شيئاً حاملاً أو ناقلاً للطاقة.. الصفر المطلق هو –460 فهرنهيت أو –273 مئوية هو الغياب المطلق للحرارة.. البرد ليس له وجود في ذاته ولكننا نستخدم هذا التعبير لنصف ما نشعر به عند غياب الحرارة .. استمر الطالب يقول: أستاذي ، هل الظلام له وجود ؟ فرد الأستاذ " بالطبع الظلام موجود فقال الطالب: معذرة ولكن للمرة الثانية هذا خطأ يا سيدي فالظلام هو الآخر ليس له وجود فالحقيقة أن الظلام يعنى غياب الضوء نحن نستطيع أن ندرس الضوء ولكننا لانستطيع دراسة الظلام ..في الحقيقة يمكننا استخدام منشور نيوتن لنفرق الضوء الأبيض لأطياف متعددة الألوان ثم ندرس طول موجة كل لون ولكنك لا تقدر أن تدرس الظلام وشعاع بسيط من الضوء يمكنه أن يخترق عالم من الظلام وينيره ..كيف يمكنك أن تعرف مقدار ظلمة حيز معين ؟ ولكنك يمكنك قياس كمية الضوء الموجودة به ، أليس ذلك صحيحاً ؟ الظلمة هي تعبير استخدمه الإنسان ليصف ما يحدث عندما لا يوجد النور
وفى النهاية سأل الطالب أستاذه : سيدي ، هل الشر موجود ؟ وهنا وفي عدم يقين قال الأستاذ: بالطبع ، كما سبق وقلت ، نحن نراه كل يوم وهو المثال اليومي لعدم إنسانية الإنسان تجاه الإنسان إنه تعدد هذه الجرائم وهذا المقدار الوافر من العنف في كل مكان من العالم حولنا هذه الظواهر ليست سوى الشر بعينه
وعلى هذا أجاب الطالب قائلاً: الشر ليس له وجود يا سيدي على الأقل ليس له وجود في ذاته.. الشر ببساطة هو غياب الله ، إنه مثل الظلام والبرد ، كلمة اشتقها الإنسان ليصف غياب الله ، الشر هو النتيجة التى تحدث عندما لا يحفظ الإنسان محبة الله في قلبه إنه مثل البرد تشعر به عندما تغيب الحرارة أو الظلمة التى تأتى عندما يغيب النور وهنا جلس الأستاذ مذهولاً
.. وبالرغم من علمي بأن ألبرت كان متأثرا في مرحلة لاحقة بكتاب (نقد العقل المجرد) للمفكر والفيلسوف الألماني (إيمانويل كانت) إلا أنه كان مؤمنا بوجود إله فلسفي بناءا على تنظير سبينوزا (فيلسوف هولندي يهودي).. وهذا الإله جوهر واجب الوجود بذاته وله كمال مطلق إلا أن كل ما في الكون هو صور وهيئات لهذا الجوهر .. وعليه فلا يوجد تكاليف محددة على المخلوقات حيث أن المخلوقات هي عينها الله "عند ما يراه سبينوزا بالطبع".. (وهذا يشبه إلى حد بعيد وحدة الوجود عند ابن عربي الفيلسوف الصوفي وليس ابن العربي الفقيه المالكي).. بالرغم من ذلك إلا أن مجرد إيمان أينشتاين بضرورة وجود خالق للكون يدل على فطرة نقية لدى العلماء المتبحرين في العلوم الكونية.. فكلما ازداد علم العالم ازداد إيمانا بوجود الله تعالى وتبقى مهمة الدعاة للقيام بدورهم لتصحيح صورة ذلك الإيمان لدى هؤلاء العلماء ولكن كيف يتأتى ذلك للدعاة إن لم يكن لديهم القدرة على استيعاب الأفكار وسماحة الأخلاق؟
هذا ما نحتاجه وبشدة في المرحلة القادمة.. دعاة لا يتوقفون كثيرا عند من يهاجمهم ولا يصطدمون بالمجتمع ولا يضيعون أوقاتهم في الرد على هذا وذاك ممن يمعن في تصيد زلات اللسان.. دعاة يجعلون جزءا هاما من مناهجهم التثقيفية.. نشر الثقافة العلمية.. فكتاب بوش في الفيزياء إلى جانب المستصفى في أصول الفقه للغزالي.. كتاب كوكب الأرض لكارل ساجان إلى جانب تدريب الراوي شرح تهذيب الإمام النووي في مصطلح الجديث.. كتاب الكون والثقوب السوداء لرؤوف وصفي إلى جانب العقيدة الطحاوية في علم التوحيد.. ولابد من الإلمام بكل مستجدات العصر بدءا من متابعة نشاط ونتائج مصادم هادرون إلى آخر أبحاث تكنولوجيا النانو مرورا بالجديد في الهندسة الوراثية.. وصدقوني أيها الدعاة ، الإبحار في تلك العلوم سيزيدكم إيمانا بالخالق العظيم .. وكذلك صدقوني أيها العلمانيون ، قد يكون قليل من العلم يذهب بكم إلى الإلحاد.. لكن المزيد من العلم سيعود بكم للإيمان حتما
كنت أشاهد أحد أهم العلماء الملحدين في العصر الحديث وهو العالم الفذ ستيفن هاوكنج (والمريض بمرض نادر أصابه بشلل تام حتى وصل الأمر به أنه لا يتحرك منه سوى عيناه!!.. ولكن قام الأمريكان بتصميم كرسي وجهاز كمبيوتر مخصوص من أجله يمكنه عن طريقهما التحكم ببيانات جهاز الكمبيوتر عن طريق حركة الحدقة ويقوم الجهاز بإصدار الصوت نيابة عنه ليعلم المشاهدون ما الذي يريد هاوكنج قوله!!).. المهم وجدت هاوكنج يطرح أسئلة لم أكن أتخيل أنه يهتم بها.. وهي أسئلة خاصة بوجود الله وما إذا كانت العلوم الطبيعية يمكنها أن تثبت وجوده أو تنفيه.. ربما ترك هاوكنج المشاهد حائرا.. مثله هو شخصيا.. لكنه على الأقل لم يستطع نفي ذلك الوجود.. وكيف يمكنه ذلك ووجود هاوكنج نفسه حتى سن يقارب السبعين بمرضه النادر الذي يموت صاحبه قبل العشرين.. هذا البقاء على قيد الحياة هو معجزة حيرت الأطباء!!.. يريد الإنسان دائما أن يرى معجزة لكي يؤمن.. وكم من المعجزات حولنا في الدنيا نمر بها ولا يقف عندها إلا من يريد أن يؤمن.. فالعبرة ليست في المعجزات بل في إرادتك أنت!!.. ولذا قال الله تعالى: ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون ، لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) سورة الحجر 14 ، 15 ، فمهما رأى الإنسان من آيات عظيمة وهو يريد ألا يؤمن حتى لا يرتبط بتكاليف هذا الإيمان فسوف يقنع نفسه بأنه لم ير شيئا أو أن ما رآه مجرد تخيلات وأوهام.. فلتصبروا معي إذن كي نؤمن ساعة بالقراءة في كتاب الله المنظور.. الكون
جملة إعتراضية من أحد القراء: (إيه؟.. نصبر.. هوة لسة المقالة ما خلصتش؟.. يا جدع إنت رتب أفكارك واختصر.. انت عملت معانا كدة في مقالة: (الدورة الثلاثينية الشيطانية) اللي كانت كأنها كتيب مش مقالة.. إنت فاكرنا فاضيين؟).. طيب حاضر سامحوني.. لكن أرجو منكم إكمال المقالة إلى الآخر فلعل شيئا ما يسركم عند آخرها يجعلكم لا تندمون على إنفاق قليل من الوقت في قراءتها!.
الكون الذي نعيش فيه يمكن تلخيص قصته في ثلاث خطوات فقط.. إنفجار عظيم ، تمدد وإتساع وتباعد.. وأخيرا نظرية الإنسحاق العظيم.. الخطوتان الأولتان حقائق علمية وليست نظريات أما الثالثة فبالرغم من أنها نظرية إلا أني أميل إليها لأسباب سأذكرها لاحقا والآن لنبدأ
أولا: الإنفجار العظيم:(The Big Bang)
منذ ما يقارب 14 مليار سنة (14 ألف مليون سنة) كان الكون عبارة عن كتلة واحدة من المادة ذات الكثافة والطاقة العالية.. بلغ من كثافتها أن العلماء قدروا حجمها برأس مسمار!! (الكون كان بحجم مسمار!!.. أخشى أن يتهمني أحدهم بأني حمار!).. لا بأس.. ثم حدث ذلك الإنفجار.. كيف تم معرفة أمر كهذا حدث في الماضي السحيق؟ .. ببساطة أي صوت يصدر من جسم كوني يتحول لموجات رادبو تسبح في الكون.. ويمكن رصد ذلك الصوت بأجهزة إستقبال خاصة عملاقة (تشبه في عملها جهاز الراديو في أي بيت) .. المهم تمكن العالمان روبرت ويلسون وأرنو بينزاياس من رصد ذلك الصوت (صوت الإنفجار العظيم) وسمياه (الإشعاع الكوني الميكروويفي الخلفي).. أو
cosmic microwave background radiation
وأكد إكتشافهما نظرية الانفجار العظيم ، ونالا جائزة نوبل بجدارة سنة 1978 .. وتعود إفتراضات النظرية مع ذلك إلى العالم العظيم إدوين هابل الذي كان أول من لاحظ تباعد المجرات عن بعضها البعض سنة 1929، يبقى أن نسأل أي منصف ألا تعني لك الآية الكريمة: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾.. ألا تعني لك أي شيء؟.. والرتق في اللغة هو الإتصال والإلتصاق بعكس الفتق وهو الإنفصال ومن ذلك نسمع كثيرا المثل المشهور: "اتسع الفتق على الراتق".. يعني زاد الانفصال بصورة لا يستطيع من يحاول لملمته وصله من جديد.. فإذا وضعنا هذه الآية بجوار ما توصل إليه العلماء من حقيقة أن الكون كان كتلة واحدة ثم انفصلت وتباعدت عقب الإنفجار العظيم.. فمن سيكون المنصف ومن سيكون المتعسف؟.. الذي ينفي تماما أي صلة للآية بالحقيقة العلمية هل نسميه منصفا؟.. والذي يقول: بالفعل هذا أمر ملفت للإنتباه أن جملة قالها رجل أمي من 1430 سنة تتحدث عن نشأة الكون بصورة لم يكن لأي بشر أن يتخيلها قبل القرن العشرين الميلادي.. الذي يقول ذلك هل نتهمه بالتعسف والمبالغة لأنه يثبت وجود إعجاز علمي في القرآن؟.. إن كان ذلك إذن فكل ذي عقل مفكر هو متعسف ومبالغ (وعنده عقدة نقص يريد أن يعوضها بادعاء وجود إعجاز علمي في كتاب ظهر للوجود منذ أربعة عشر قرنا).. ننتقل للخطوة رقم 2 في تاريخ الكون
Cosmic Expansion ثانيا: التمدد والاتساع
ذكرنا أن إدوين هابل اكتشف أن المجرات تتباعد عن بعضها.. واحد سيسأل: (وإيه يعني.. زي ما فيه مجرات بتبعد لازم فيه مجرات بتقرب.. دول حوالي ميت ألف مليون مجرة).. في الحقيقة.. لا.. فقط تباعد ، وهذا ما مهد لفكرة أن الكون كان كتلة واحدة انفصلت وتبعثرت محتوياتها مبتعدة في كل اتجاه بعيدا عن مركز معين.. هو مركز هذا الانفجار حتى جاء رصد صوت الانفجار على يد روبرت ويلسون وبينزاياس كما ذكرنا فأكد النظرية.. إلا أن ما اكتشفه هابل أولا وآخرون كان يثبت فكرة التباعد والاتساع أو التمدد في كل اتجاه بعيدا عن مركز محدد.. (طيب وإيش عرفه.. شرلوك هولمز بسلامته).. أصبروا قليلا وسأشرح لكم الفكرة باختصار.. هل تذكرون ما درستموه في إحدى السنوات الدراسية عن ظاهرة دوبلر.. (ههههه.. ياعم سنوات دراسية إيه.. إحنا ما بنصدق نخلص من المقرر وتعدي السنة و زي ما بنرمي الكتب اللي فاتت ، بنرمي برضه اللي اتحشر في مخنا في أقرب صندوق زبالة).. سأعتبر نفسي لم أسمع شيئا وسأكمل.. ببساطة الجسم الذي يصدر صوتا (كالقطار مثلا) والمبتعد عنكم هل صوته يشبه في الحدة صوته مقتربا منكم؟.. بالطبع صوته أكثر حدة وهو يقترب.. حتى ولو اختبرت حدة الصوت وهو على نفس البعد منك لكن مرة مقتربا وأخرى مبتعدا فستجد هناك فرقا في الحدة.. بنفس الطريقة.. المجرة التي نشاهدها بل وكل نجم فيها له طيف ضوئي يمكن تحليله باستخدام منشور خاص إلى الألوان المختلفة والتي تتناسب درجاتها مع أنواع العناصر المكونة لهذا النجم ونسبة كل عنصر منها.. إلا أن تكاثف الألوان سيظهر إزاحة إلى إحدى الجهتين.. إما اللون الأحمر أو البنفسجي.. ولأن اللون الأزرق أو البنفسجي هو الأكثر توترا (حدة) من الأحمر فإن الانزياح ناحية الأزرق يعني الاقتراب.. إلا أن هابل رصد انزياحا في أطياف جميع المجرات إلى الأحمر.. الكون كله في تباعد.. الكون كله في اتساع.. ألا يلفت ذلك انتباه (المنصفين اللي ماعندهمش عقدة نقص!) إلى قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾..؟.. ومن الملفت للنظر أن سرعة التباعد تتناسب طرديا مع بعد الجرم السماوي عن الأرض وكان من المفترض أن ينتبه العلماء بدءا من نيوتن إلى فرضية تباعد الكون لأنه لو لم يكن يتباعد فلم يكن بد من أن ينسحق بسبب التثاقل أو التجاذب بين الأجرام والمجرات.. إذن فلا بد من قوة مستمدة من ذلك الانفجار العظيم تعادل قوة التثاقل بل وتتخطاها (إلى حين) حتى يستمر الكون في الاتساع .. لم ينتبه نيوتن على الرغم من عبقريته.. بل ولا حتى أينشتاين لتلك الفرضية حتى أتى ألكسندر فريدمان فتفوق عليهما.. ومعذرة أيها المنكر للإعجاز العلمي إن قلت لك: إن القرآن تفوق على الجميع بذلك السبق من خلال تلك العبارة الموجزة!
ثالثا: الإنسحاق العظيم The Big Crunch
أو بعبارة أخرى.. المصير.. ولكي نكون منصفين فمصير الكون على حسب اعتقاد العلماء لا يخرج عن ثلاث إحتمالات.. إما الإنسحاق العظيم كما ذكرنا.. أو التجمد العظيم.. أو ثقب أسود موحد!!.. (يا ريت تشرح لنا.. الموضوع دخل في الجد!).. كما ذكرنا هناك قوتان متضادتان.. قوى التجاذب بين كل مكونات الكون.. وقوى الطرد الناشئة عن الإنفجار العظيم.. وباختصار.. إذا كانت مجموع كثافة كل مكونات الكون تتخطى الكثافة الحرجة بحيث تتغلب في النهاية على قوى الطرد فسيؤدي ذلك حتما في وقت ما على توقف الاتساع ثم انعكاس الابتعاد ليصبح تقاربا متسارعا ثم اصطدام كل مكونات الكون في هيئة انسحاق عظيم يؤدي إلى أحد احتمالين.. إما حالة مشابهة لحالة بداية الخلق مما يمهد لانفجار عظيم مرة أخرى يتشكل معه الكون من جديد.. وإما انسحاق يؤدي لثقب أسود متفرد لا يقوم للكون بعدها قائمة.. حسنا.. ماذا لو قلت مجموع كثافة مكونات الكون عن الكثافة الحرجة؟.. سيؤدي ذلك إلى انفلات الزمام لأن سرعة التباعد في هذا الحالة ستكون أكبر من سرعة الإفلات من قوى التجاذب للكون كله.. (تماما كالصاروخ المبتعد عن الأرض لابد أن تكون له سرعة تبلغ سرعة الإفلات من جاذبيتها لكي يتمكن من الخروج من الغلاف الجوي).. وسيؤدي هذا الانفلات إلى البرودة العظيمة أو التجمد العظيم وهنا أيضا ينتهي أمر الكون
في الخطوتان الأوليان (الانفجار.. التمدد) فالأمر واضح لأنه حدث ويحدث الآن بالفعل.. أما الخطوة الثالثة.. المصير.. فستبقى حسابات العلماء قاصرة عن معرفة ما سيحدث بالضبط.. حتى أن بعض العلماء عندما رأوا أن التباعد يزداد سرعة بما يعزز نظرية التجمد العظيم على حساب الانسحاق.. ظهرت أمامهم غموض خواص الطاقة الداكنة التي تقود التسارع والتي من الممكن أن تنعكس في أي وقت فتؤدي للانهيار بدلا من الانفلات!.. في هذه النقطة والتي يحتار فيها العلماء.. وسيبقون كذلك.. يظهر أهمية الجانب الإيماني لمعرفة الإجابة.. ما هو المصير؟
قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ إذن فأنا أومن عن يقين أن الانسحاق العظيم الذي سيؤدي إلى إنفجار عظيم آخر هو المصير.. ولكن بصرف النظر عما تؤمن به أنت إن كنت رافضا للإقرار بإعجاز القرآن علميا.. ألم تتأمل هذه الآية هي الأخرى أبدا يوما في حياتك؟ فالله يعد بطي السماء وكأنها كتاب مفتوح سيغلقه لتنضم صفحاته إلى بعضها في كتلة واحدة ويخبر أن هذا ما كانت عليه .. وهذا ثابت من اكتشافات العلماء.. فكيف يتفتق ذهن رجل أمي عاش قبل 14 قرنا عن هذه الفكرة ويصوغها في صورة بلاغية تقرب المعنى إلى ذهن العربي البسيط وقتها؟.. وفي الآية يخبر الله تعالى بالجديد في صورة وعد إلهي بأنه سيعيدها كما كانت ويبدأ خلقها مرة أخرى فلم يبق لنا إلا أن نؤمن .. أو.. من شاء فليكفر..
كنت أود أن أتحدث أكثر عن مصير النجوم نفسها.. فقد تحدثنا عن مصير الكون ككل.. أما كل نجم وكل مجرة كلُ له قصة حياة.. هل شمسنا ستتحول في النهاية إلى عملاق أحمر أو قزم أبيض أم إلى ثقب أسود.. وما هو حد شاندراسيكار الذي يحدد أي النجوم يمكن أن يصبح ثقبا أسود .. وما هو السوبرنوفا.. وما هي الكوازرات.. وما هي الممرات الدودية المفترضة (هل شاهد أحدكم فيلم كونتاكت لجودي فوستر).. وما هي الثقوب البيضاء الافتراضية؟.. وماذا عن نسبية الزمن وتغيره بتغير السرعة وما جاء في القرآن الكريم مؤيدا ذلك عن وجود يوم كألف سنة.. ويوم كخمسين ألف سنة.. وهل يمكن تجاوز سرعة الضوء إذا انعدمت الكتلة؟.. وما هو بوزون هيجز.. وهل يمكن تفسير حادثة الإسراء والمعراج تفسيرا علميا في ضوء تلك التساؤلات (في فيلم كونتاكت قضت جودي فوستر 17 ساعة وعادت ولكنها أمام المراقبين لم تتحرك سفينتها ولكنها بعد صدور ضوء ساطع منها سقطت على الأرض في ثانية واحدة!! ورغم أن هذا فيلم خيال علمي ولكنه مبني على حقائق ونظريات علمية).. وهل تمكن الفراعنة من الوصول إلى طريقة تلغي الكتلة لكي يمكنهم رفع أحجار زنة عشرة أطنان ضد إتجاه الجاذبية بدون أوناش ضخمة؟.. وهل يمكن أن يتحمس بعض شبابنا لدراسة تلك العلوم وتطويرها للوصول إلى تكنولوجيا جديدة نسبق بها الغرب ونعيد بها أمجاد الفراعنة خاصة في الدولة القديمة؟.. أو أمجاد العلماء العرب في وقت كانت أوربا فيه تعيش عصورها المظلمة؟ كل تلك التساؤلات نترك الإجابة عليها لمقالات قادمة إن شاء الله.. (طيب خلاص ماتزعلوش.. خسارة البيض والطماطم).. في نهاية المقال.. أحببت أن أخبركم أنه لو وجد أحدكم شيئا من الاستفادة العلمية أو الإيمانية منه فليعلم أن ثواب كتابته أهديها إلى روح دكتور مصطفى محمود رحمه الله فأنا وغيري من ملايين المصريين تأثرنا به وأحببناه وأسأل الله تعالى أن يجمعنا به في جنات النعيم يوم القيامة.. ونصيحتي إليكم.. مهما استفزكم إنكار من يسمون أنفسهم بالملحدين الجدد للإعجاز العلمي في القرآن خاصة أو في كل ما أنزله الله تعالى من كتب إلهية عامة فلا تلتفتوا إليهم حتى لو أخرجوكم من دائرة المثقفين.. والطريف أنكم مهما ازددتم علما وثقافة فلن تكونوا في نظرهم مثقفين أبدا حتى تسلكوا طرق تفكيرهم في إنكار الغيب والطعن في الدين بحجة الفكر المستنير.. وبالأمس القريب كان اليساري عادل حسين رحمه الله من كبار المثقفين فلما قام بمراجعات فكرية جعلته ينحاز للمشروع الإسلامي إذا بهم يطلقون عليه لقب (المثقف السابق).. هههههههههه...
ملحوظة: كاتب هذا المقال سلفي العقيدة والمنهج .. ومش بس كدة.. ده أنا من صميم تخصصي تقطيع الآذان.. بجد مش بهذار!!.... طيب ماتخافوش.. أنا أقصد أني طبيب وجراح أذن وأنف وحنجرة.. فطبيعي أقطع بعض الآذان أثناء العمليات الجراحية .. لكن بشرط أن أعيدها كما كانت!
أخوكم:
د. طارق مرسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.