"تشريعية النواب": تقسيمات جديدة لضمان عدالة التمثيل النيابي وفق بيانات 2025    إرتفاع إنتاج مصر من الغاز 8.7% خلال شهر مارس    تطورات الأوضاع في غزة والسودان تتصدر مباحثات السيسي ونظيره السنغالي    عاجل- حادث جنين يخرج الدبلوماسية الأوروبية عن صمتها: استدعاءات ورسائل تحذير لتل أبيب    تلاعب بمصير شعب.. نتنياهو يستخدم الهجوم الكاسح على غزة أداة ضغط فى محادثات وقف إطلاق النار    برشلونة يعلن تمديد عقد مدربه الألماني فليك حتى 2027    حفيد نوال الدجوي ينفي اتهامه بسرقة الخزائن.. والنيابة تفحص عقود تخص ممتلكات الجدة    مهند دياب عن فيلم فاطمة الفائز بمهرجان أسوان: سعيد بالفرحة التي رأيتها في عيون البطلة بعد العرض    «جهار» تعتمد 16 منشأة وفقا لأعلى مستويات جودة الرعاية الصحية    إيران: الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا تهدد السلم في المنطقة    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    إطلاق أول مبنى دائم لمجلس الدولة بمحافظة الدقهلية    دينا أبو الخير: تكرار الذنب لا يمنع التوبة.. والله يغفر ما دام العبد تائبًا بصدق    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    بعد توصيل أطفاله للمدرسة.. اغتيال مسؤول أوكراني متعاون مع روسيا في إسبانيا (ما القصة؟)    "الوفد" يعلن رؤيته بشأن قانون الإيجار القديم ويطرح 4 توصيات    «حشد ومساندة».. 3 تحركات من وزارة الرياضة لدعم بيراميدز أمام صن داونز    «تفاهة وصفر إدارة».. القصة الكاملة لحرب التصريحات بين ثروت سويلم وحلمي طولان    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    أسعار الحديد مساء اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    جامعة أسوان تطلق الملتقى الثاني للهندسة الرياضية    إحباط تهريب 20 شيكارة دقيق مدعم ب مخبز سياحي في الإسكندرية (صور)    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي 2025 في محافظة الجيزة (فور إعلانها)    هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح    هل يجوزُ لي أن أؤدّي فريضة الحجّ عن غيري وما حكم الحج عن الميت؟.. الأزهر للفتوى يجيب    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    مصرع طفل غرقًا في مياه نهر النيل بكفر الشيخ    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    وزير خارجية إيطاليا: طالبت إسرائيل بوقف استهداف المدنيين وفتح كافة المعابر    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    انفصال أحمد السقا ومها الصغير يُشعل السوشيال ميديا من جديد.. والصمت يُثير التساؤلات    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    تقارير: جنابري يقترب من العودة لمنتخب ألمانيا    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    «يرافقني أينما ذهبت».. تصرف مفاجئ من محمود فايز بعد ارتباطه ب الأهلي (تفاصل)    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    مصرع محامي إثر حادث تصادم بين موتوسيكلين في الشرقية    363 شخصا فقط شاهدوه في أسبوع.. إيرادات صادمة ل فيلم استنساخ (بالأرقام)    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع نائب رئيس الوزراء وزير خارجية بلجيكا على هامش الاجتماع الوزاري الإفريقى الأوروبى    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة.. 15 يونيو    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عصام عبدالفتاح يكتب: مساجلة بين رؤيتين
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 02 - 2020

لعالم اللغة الشهير أوزفالد ديكرو عبارة مهمة تقول: «لا ينبغى البحث عن معنى الخطاب فيما يشير إليه من معلومات حول العالم الخارجى، وإنما يتعين البحث عنه فيما يتجه الخطاب إلى الدفاع عنه فى ثنايا عباراته»، فمعنى عبارة مثل «هذا الثوب غالى الثمن»، لا يجوز البحث عنه فى العالم إذ ليس هناك فى الواقع غلاء فى ذاته، وإنما نعثر عليه فى ما تبرره عبارة «غالى الثمن» من نتائج يعبر عنها الخطاب فى ثناياه كالتعقيب مثلا بعبارة: «لا أنصحك بشرائه». ومعنى ذلك أن دلالة الخطاب تتطابق مع النتيجة التى يبتغى المتحدث الوصول إليها فى خطابه
فى ضوء هذا التحليل البسيط تكشف المناقشة التى دارت بين فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر والدكتور عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة أثناء مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر عن بعض الدلالات المرتبطة ارتباطا وثيقا بإشكالية تجديد الخطاب الدينى واختلاف الرؤى بشأنها. ولئن كان خطاب الدكتور الخشت يتجه إلى التأكيد على نتائج معينة مثل: عدم الالتزام بفقه القدماء بسبب تغير العصور والأزمان وضرورة الانفتاح على مناهج العلوم الإنسانية والاستفادة المعرفية من الدراسات البينية فى تطوير الفكر الدينى وفى تفكيك التراث، فإن خطاب فضيلة الإمام الأكبر كان دفاعا عن التراث ضد كل محاولة لنقده وتحميله أسباب تخلف العالم الإسلامى. ولم يكن خافيا على أحد أن دلالة لفظ «التراث» عند فضيلة الإمام الأكبر كانت مختلفة تماما عن دلاتها لدى الدكتور الخشت. ففى خطاب فضيلة الإمام الأكبر اكتسب مفهوم التراث دلالة مطلقة ثابتة لا علاقة لها بالزمن فهو تراث حتى فى الفترة التى خرج فيها إلى النور فى الماضى وظل تراثا حتى يومنا هذا. مع أن التراث حينما ولد فى الماضى لم يكن وقتئذ تراثا وإنما كان ضربا من ضروب الحداثة فى عصره ثم تحول بمرور الزمن وتطور العلوم والمعارف تراثا له قيمته الماضوية ويحتاج إلى قراءة جديدة تستعين بآليات التأويل الحديثة بغية إثرائه والكشف عما ينطوى عليه من كنوز معرفية متجددة. ومعنى ذلك أن التراث لدى فضيلة الإمام الأكبر يتماهى مع المطلق فهو تراث وحداثة فى آن واحد، وتأسيسا على ذلك لا يجوز التهوين من شأنه والتهويل من ضرر مزعوم ينسب إليه. أما فى خطاب الدكتور الخشت تشير دلالة التراث إلى ما توصل إليه القدماء من معارف فى عصورهم المختلفة وتتجه تباعا فى معناها إلى الكف عن تقديسه بل ضرورة إخضاعه للفحص النقدى دون حرج من تأويله وفقا لمقتضيات العصر. كما بدا واضحا أيضا أن مفهوم «الحقيقة المطلقة» لدى فضيلة الإمام الأكبر يختلف تماما عن نظيره لدى الدكتور الخشت. فالحقيقة المطلقة عند فضيلته لها معنى محدد فهى نقيض الحقيقة المشكوك فى صحتها أى أنها مرادفة للحقيقة اليقينية التى لا يجوز التشكيك فيها. أما عند الدكتور الخشت فإن الحقيقة المطلقة نقيض الحقيقة النسبية وبالتالى لا يمكن لها أن تنظم المعاملات المالية والمشاكل الحياتية المتغيرة التى يتعذر إخضاعها لأحكام ثابتة أزلية بسبب طبيعتها النسبية المرتبطة بالظروف المتغيرة. وإذا كان خطاب فضيلة الإمام الأكبر يعزو تخلف العالم الإسلامى إلى إهماله التراث فى معاشه وفى أنماط سلوكه اليومى أى فى ملبسه ومأكله وليس إلى تخلف التراث عن مواكبة العصر بتغيراته المتلاحقة حيث يترادف التراث فى خطابه مع مفهوم الحداثة فعلى العكس من ذلك يكشف التراث عن نفسه فى خطاب الدكتور الخشت فى صورة إشكالية معقدة قائمة على الخلط بين المقدس والبشرى وتقديس الرأى الواحد وبالتالى يتجه خطابه نحو التأكيد على حقيقة مؤداها ضرورة إخضاع التراث لمنهجيات العلوم الإنسانية الحديثة لإعادة الحياة فيه، وبينما يتجه خطاب الإمام الأكبر نحو التأكيد على شمول مناهج الدراسة فى جامعة الأزهر على كافة العلوم الطبيعية والإنسانية الحديثة التى تدرس فى الجامعات الأخرى يسعى خطاب الدكتور الخشت إلى التأكيد على أهمية تطبيق مناهج العلوم الإنسانية والدراسات البينية على نصوص التراث لتجديده وفقا لمقتضيات العصر.
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.