«التطعيمات الموسمية».. شائعات متكررة لدفع المواطنين لشراء الأمصال

مع بداية فصل الشتاء من كل عام، يكثر الحديث عن ضرورة التطعيمات الموسمية في هذا التوقيت من العام للوقاية من بعض الأمراض المُعْدِية التي تصيب الكثير من الأشخاص، خصوصًا لدى الأطفال وكبار السن والحوامل وغيرهم، لكن بالتدريج تحول الأمر إلى «سبوبة» يشارك فيها بعض الأطباء والصيادلة ومن خلفهم شركات الدواء المنتجة لهذا المصل لدفع المواطنين إلى شراء تلك الأمصال دون الحاجة إليها.
وخلال الشهرين الماضيين، شهدت مواقع التواصل الإعلامي «وجروبات الأمهات» في المدارس حالة غير مسبوقة من الشائعات والحملات الموجهة، التي تفيد بانتشار أمراض وبائية معدية في صفوف طلاب المدارس، لدرجة أن كثيرًا من الأهالي قرروا منع ذهاب أبنائهم إلى المدارس لفترات طويلة، بل وصل الأمر إلى اختلاق تقارير طبية «مضروبة» تُفيد بوفاة طفل هنا وآخر هناك نتيجة الإصابة بأمراض معدية، أبرزها «الالتهاب السحائي».
وكانت البداية من محافظة الإسكندرية، ثم انتقلت الشائعة بعدها إلى محافظة الغربية، وخلال أيام انتشرت بمحافظة الجيزة، وأخيرًا محافظة القليوبية، حيث ترددت شائعات تؤكد حدوث حالتي وفاة في صفوف طلاب إحدى المدارس بمدينة بنها نتيجة الإصابة بالالتهاب السحائي، وأن هناك طفلة ثالثة مازالت محتجزة في العناية المركزة بمستشفى حميات بنها.
وزارة الصحة أكدت، ل«المصرى اليوم»، على لسان مصدر مطلع وثيق الصلة بالملف- رفض ذكر اسمه، أن تلك الشائعات «مدفوعة» تحدث كل عام في هذا التوقيت، ويقف خلفها بعض شركات الأدوية التي تنتج تلك الأمصال وتسعى بكل الأشكال لخلق حالة من الإقبال المتزايد على شراء تلك الأمصال، ونظرًا لأن مصر خالية من مرض الالتهاب السحائي، وبالتالي هذه الشركات لن تجد سوقًا مناسبة لأمصالها، تلجأ أحيانًا إلى استخدام أساليب ملتوية لخلق مناخ من الشائعات تتبعه حالة من الخوف والقلق لدى المواطنين، تنتهى بشراء تلك الأمصال، بدليل إعلان بعض الشركات خلال الفترة الماضية طرح مصل جديد للوقاية من الالتهاب السحائي.
رسميًا، أكدت وزارة الصحة، على لسان الدكتور علاء عيد، رئيس قطاع الطب الوقائي، عدم وجود أي حالات التهاب سحائي بمحافظة القليوبية أو أي محافظات أخرى، مشيرًا إلى وجود برنامج الترصد الوبائي المعملي، الذي يعمل على مدار 24 ساعة، «البرنامج القومي لترصد الأمراض المعدية»، بالإضافة إلى البرنامج القومي الموسع للتطعيمات الإجبارية لطلاب المدارس «أولى حضانة- أولى ابتدائي- أولى إعدادي- أولى ثانوي»، بالإضافة إلى تطعيم المسافرين إلى الدول المتوطن بها المرض والمسافرين للحج والعمرة والفئات المستهدفة، وذلك لمنع انتشار المرض في مصر، موضحًا أنه تم عمل التوعية اللازمة بالمدارس، كما تم التنبيه على إدارات المدارس بضرورة الإبلاغ الفوري عن أي حالة يُشتبه في إصابتها بأي أمراض معدية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على النظافة العامة للمدارس.
وفيما يتعلق بالطفلة المصابة بمحافظة القليوبية، قال «عيد» إن الطفلة محتجزة بالعناية المركزة بمستشفى حميات بنها، منذ الثاني من شهر ديسمبر الجاري، مؤكدًا أنه تم إجراء التحاليل والفحوصات اللازمة واتخاذ الإجراءات الوقائية جميعًا لها، وجاء تشخيصها باشتباه التهاب بالمخ وليس الالتهاب السحائي، مضيفًا أن الحالة تتلقى الرعاية اللازمة داخل المستشفى، كما تم رفع تقرير كامل بالحالة إلى الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، حيث وجهت بتوفير كل الرعاية الطبية اللازمة لها.
وأوضح «عيد» أنه فور ورود بلاغ يفيد بالاشتباه في إصابة تلميذين بمرض الالتهاب السحائي الوبائي في مدرستين بالمرحلة الابتدائية بمحافظة القليوبية، وجهت وزيرة الصحة والسكان بتشكيل فريق من قطاع الطب الوقائي لتقصى الواقعة والوقوف على حقيقة الأمر، وتبين أن الحالتين إحداهما كانت تعانى ارتفاع درجة الحرارة وتشنجات، والأخرى ارتفاع درجة الحرارة فقط، مشيرًا إلى أن إحدى الحالتين تُوفيت بعد تشخيص إصابتها بتسمم ميكروبى بالدم، وتُوفيت الحالة الأخرى نتيجة توقف عضلة القلب والهبوط الحاد في الدورة الدموية، ولم تثبت إصابتهما بمرض الالتهاب السحائي الوبائي.
وشدد رئيس قطاع الطب الوقائي على عدم رصد أي حالات مصابة بأمراض معدية وبائية بالمدارس على مستوى محافظات الجمهورية، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة كانت قد أعلنت أن مصر ليست من دول الحزام الإفريقي لمرض الالتهاب السحائي الوبائي، حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.
ودَعَت الوزارة جميع المواطنين ومرتادى مواقع التواصل الاجتماعي إلى تحرى الدقة والموضوعية في نشر الأخبار، والتواصل مع الجهات المعنية بالوزارة للتأكد قبل نشر معلومات لا تستند إلى حقائق وتؤدى إلى إثارة الخوف والقلق بين المواطنين، كما أكد رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة والسكان أن أرصدة الطعوم المختلفة بالوزارة آمنة، وتكفى الاستخدام المنتظم للمواطنين، وأن وزارة الصحة تولى أهمية بالغة لتدعيم البرنامج الموسع للتطعيمات، مشددًا على وجود رصيد كافٍ من الطعوم اللازمة مثل لقاح الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال لتنفيذ الحملات القومية لرفع المناعة المجتمعية واستهداف جميع الفئات من الوافدين واللاجئين في سن التطعيم.