«كُنا قاعدين في الفصل، طارق قال للمدرس إنه تعبان، خلال ثواني قليلة، قلب طارق كان وقف تمامًا، المدرس منعنا نخرُج من الفصل، طارق وشه بقى لونه أصفر، المدرس قعد يضحك وفاكره بيهزر»، كلمات مُتقطعة جاءت في تسجيلات طلاب مدرسة «نور السلام الخاصة» عن وفاة الطالب «طارق»، والتي استمعت إليها «المصري اليوم». توفى طارق، 14 عامًا، طالب بالصف الإعدادي، نتيجة «إهمال مدرس الفصل، إذ طلب منهُ الطالب مغادرة الحصة لأنهُ يشعر بألم، لكن المدرس منعه، ظنًا منه أنه (بيهزر)»، حسبْ شهادات أهل وزملاء التلميذ الضحية. الاسم «طارق» «طارق، اسم على مُسمى، قالوا زمان إنه اتسمى طارق على اسم عمه اللى توفّى صغير، لكنه لما كبر بقى فعلاً (طارق)، زائر مُرحب بيه دايمًا في قلب كل واحد يقابله، بيدخل وعمره ما يخرج»، هكذا يتذكّر «فيصل»، عم «طارق» خفّة وبساطة ابن شقيقه، الخفّة التي تحولت إلى حُزن بسبب «الإهمال». يصمُت «فيصل» قليلاً ثم يضيف: «طارق كان أشقى وألطف وأعقل وأجنّ وأحلى طفل ممكن تشوفه في حياتك»، لا يعلم العمّ كيف تحول الطفل «طارق» إلى ضحية بين ليلةٍ وضحاها، «كُنا لسه بنتصور في فرح، أنا لسه فاكر ضحكته». الضحية «طارق» يروي «فيصل» ل«المصري اليوم» كيف تحوّلت حياة عائلة «طارق» بعد الوفاة «الصادمة»: «جالنا اتصال من المدرسة إن طارق في المستشفى تعبان، وأن الإسعاف جت بسرعة خدته، رحنا المستشفي بنجري، وصلنا المستشفي الحكومي على بعد 15 دقيقة من المدرسة، الدكتور قالنا (البقاء لله الحالة وصلت متوفاة)، الدكاترة حاولوا ينقذوه رغم معرفتهم أنه توفي». «طارق اتوفّى في ثواني، ده قضاء وقدر»، جملةٌ ردّدها مدرسي المدرسة على مسامع أهل «طارق»، فظنْ الأهل أن هذا ما حدث فعلاً، كما يقول «فيصل»: «سلمنا أمرنا لله غسلنا وكفنا، وإحنا بنحاول زي المجانين ندور على خربوش في جسمه، بنحاول منصدقش أنه مات بالشكل العبثي ده، بس ملقناش حاجة، صلينا ودفناه. ويُضيف: «بالليل وإحنا بناخُد العزاء، صحابه في الفصل قالوا (المدرسة بتكدب والقصة مختلفة)». روايةٌ زملاء الفصل استمعت «المصري اليوم» إلى شهادات زملاء «طارق» في الفصل، إذ قالوا: «التعب ظهر على طارق، بان عليه التعب ومال بجسمه على صاحبه، صاحبه اتخض وراح للمدرس عشان يقوله، المدرس قالة (بلاش لعب ودلع)، رد وقاله (والله تعبان بجد)، رد المدرس (ملكش دعوة ارجع اقعد مكانك)، عدت عشر دقايق، طارق بدأ جسمه يتخشب، صاحبه فضل يزعق فيه، ولما حاول يروح للمدرس، قعد يضحك ومنعه يخرج». بعد مرور 35 دقيقة تقريبًا على «ضحكات» المدرس و«ألم» طارق، وصلت عربة الإسعاف إلى المدرسة، وسط تهديدات المدرسين للتلاميذ «قالوا إن الإسعاف وصلت في 5 دقايق»، لكن الإسعاف ومحاولات الأطباء لإنعاش جسد الطفل الصغير، لم تُجد نفعًا، رحل صاحب ال14 عامًا منذ اللحظات الأولى. يقول «فيصل» إن ابن شقيقه كان يحلُم بأن يصبح ضابطًا، «كان بيربّي شنبه طول الوقت، ويقول أنا ضابط العيلة»، يصمُت، ثم يكمل: «طارق توفى مفيش حاجة هترجعه، بس كل واحد بيقرأ دلوقتي هو مشروع طارق جديد وأولاده هما طارق محتمل في أي لحظة، طارق مات بسبب الإهمال». «وفاة طبيعية لكن الإهمال السبب» قال محمد القوصي، والد الطالب طارق، إن وفاة ابنه طبيعية، إلا أنه اتهم المدرسة ب«الإهمال الجسيم». وأضاف «القوصي» في مداخلة هاتفية لبرنامج «يحدث في مصر»، الأربعاء، أنه تلقى العزاء في ابنه من المسؤولين بالمدرسة، وطلب منهم مشاهدة كاميرات المراقبة، وهنا اكتشفت أنهم تركوه يُعاني لمدة نصف ساعة حتى وافته المنية. وأوضح والد الطالب ضحية الإهمال، أن المدرس رفض السماح لزميل نجله باصطحابه لخارج الفصل لإنقاذه. ومن جانبه أكد طه عجلان، وكيل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بمحافظة القليوبية، أن القضية برمتها في أيد النيابة الإدارية حالي، ومن ثم ستذهب إلى النيابة العامة.
