هناك من يريد ان يخطف منا مستقبل مصر بل و يعمل جاهدا على بث حالة من الفوضى و الهلع بين صفوف المواطنين هدفها النهائى هو تمزيق الجبهة الداخلية و خلق حالة من النزاع والصراع بين أبناء الوطن الواحد و دفع الاقتصاد نحو السقوط حتى نؤجل التفكير فى أجراء الانتخابات البرلمانية نظرا لعدم الاستقرار و لابد ان نعى جيدا أنه لن يتحقق الاستقرار فى البلاد طالما ظلت هناك عوامل و اسباب كامنة داخل المجتمع المصرى تنخر فى نسيج هذا المجتمع لتعمل على تدميره و القضاء على مستقبله و لابد أن نخرج من حالة اليوتوبيا التى يعيش فى ظلها الكثير من الشباب المنادى بالحرية و نعيش الواقع كما هو و ندعم التحول المنظم إلى الديمقراطية بما يتوافق مع طبيعة الشعب المصرى بما فيها من مزايا و عيوب خاصة أننا نتكلم على مجتمع به 85 مليون نسمة و به الكثير من المشاكل التى لا تعد ولا تحصى التى تصل الى درجة الكوارث فمصر ليست سويسرا التى تتميز بقلة عدد السكان و ارتفاع مستوى المعيشة و ارتفاع مستوى التعليم والوعى لدى الشعب و لا يجب أن يعتقد أحد أن مجتمعا مثاليا سيظهر فور سقوط نظام الحكم فسقوط الحكم الديكتاتورى هو بمثابة تقطة البدء التى تحت ظروف حرية أفضل تتيح المجال لبذل جهود طويلة الأمد لتطوير المجتمع و تلبية حاجاته الانسانية بشكل أفضل و دعم معايير السلوك الديمقراطية لدي الشعب إن التعصب الدينى و حراس الفساد و غياب العدالة و الجهل والفقر وثقافة العشوائيات و انتشار المخدرات و تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ما هى الا أمثلة لعوامل مناهضة للتحول الديمقراطى و أيضا عوامل داعمة و مساعدة تعمل على تدمير المستقبل و تمزيق المجتمع فعلينا أن نعلم ان التعصب الدينى وانسداد الافق و التدين الثقافى الذى يهتم بالمظهر و الشكل و لا يهتم بالجوهر و المضمون ناتج عن تربية خاطئة وتعليم فاشل و مؤسسات دينية غائبة عن الواقع المعيش تتحدث عن الماضى و امجاده أكثر مما تتحدث عن الحاضر و المستقبل و يعتمد الخطاب الدينى فى عالمنا المعاصر اما على التأييد الشعبى او التزلف للسلطة و لا يريد أحد من الدعاة أن يقدم الصورة الصحيحة والحقيقية للدين الحق فأصبح الاستقطاب هو الهدف اما لزيادة عدد الاتباع لتحقق القنوات الفضائية مزيدا من الارباح من خلال زيادة الاعلانات او استغلال هؤلاء الاتباع للتصويت فى الانتخابات لصالح مرشح بعينه او الالتفاف حول فصيل سياسى معين و للآسف الهدف المعلن هو الدعوة الى الله ولكن الهدف الخفى هو استغلال تلك الدعوة لتحقيق مكاسب مادية او مجد شخصى او مكاسب سياسية و الخدعة هنا يقع فى براثنها الشعب نتيجة عملية التضليل و التأثير المستمرة على سلوكيات المواطنين لثقتهم فى شخصيات دينية بعينها لها بريقها الاعلامى و يترتب على ذلك و جود مجتمع متعصب للشخصيات أكثر من تعصبه لمبادئ الدين الصحيح فما يقوله الداعية صحيحا حتى ولو كان مخالفا لصحيح الدين و من هنا تغيب العقلية الناقدة الواعية التى تستطيع ان ترتكن الى مبادئ الحق لتعمل الفكر من أجل تكوين رأى مستقل فى قضايا الامة المصيرية و خاصة فى ظل أنتشار الجهل و الفقر وثقافة العشوائيات و من قضايا المواطن الملحة اليوم هو أن يشعر بالامن الذى يفتقده لان حراس الفساد من البلطجية الذين انتشروا فى الشارع المصرى و أصبحوا يهددون المواطنين فى أرزاقهم بل وينقضون على الاعتصامات و التظاهرات نتيجة الفراغ الامنى و عدم تفعيل دور رجال الشرطة فى الشارع المصرى رغم تواجدهم فى اماكن عملهم مما ترتب عليه حدوث حالة من عدم الانضباط فى الشارع المصرى فتزامن ظهور البلطجية مع تعمد قوات الامن على عدم تفعيل دورها يعطى انطباع لدى الشعب ان الشرطة تحاول الضغط على المواطنين لتعود قوات الامن بنفس آليات النظام السابق و لكن فى هذه المرة بطريقة مطورة يكون فيها الشعب راضيا على عمليات القمع و القهر التى سوف يعيشها الشعب من خلال ضباط الشرطة و خاصة عندما يعلم المواطنين ان القيادات المدانة بقتل المتظاهرين و الماثلة امام المحاكم لم تعزل بل قامت وزارة الداخلية بترقيتها الى مناصب قيادية أعلى وان ضباط امن الدولة هم أيضا أصبحوا ضباط جهاز الامن الوطنى فهؤلاء لا يمكن ان تتغير طريقة عملهم بين عشية وضحاها لانهم تعودوا عليها بل هؤلاء سيعملون على حماية زملائهم من الضباط المدانين امام المحاكم من خلال إخفاء ادلة الاتهام او بقاء الفراغ الامنى لفترة زمنية طويلة كوسيلة ضغط على المواطنين لينسوا موضوع محاكمات ضباط الشرطة المتورطين فى قتل المتظاهرين لان الشرطة تريد العودة من خلال تفعيل دورها على أرض الواقع ولكن بشروطها الخاصة التى تريد ان تفرضها على المجتمع و كأننا ندور فى حلقة مفرغة فيشعر المواطن بغياب العدالة لان المجتمع لا يشعر بأن القانون يطبق على الجميع و أن القانون السائد فى المجتمع لتحصل على حقوقك المشروعة هو الضغط من خلال التظاهر والاعتصام و الاضراب لانه لا توجد قنوات شرعية يستطيع المواطن من خلالها تقديم شكواه و تأخذها السلطة على محمل الجد و تعمل على حل تلك المشاكل مصر امامها طريق طويل من أجل أقامة نظام ديمقراطى عادل خاصة فى ظل تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة و دخول القوى السياسية فى صراعات جانبية بغض النظر عن المصلحة العليا للدولة و ليس عيبا ان تسعى تلك القوى لتحقيق مصالحها الخاصة ولكن لا تغيب عنها المصلحة العليا للدولة و رؤية مصالح المواطنين الحقيقية و لكن لابد ان نتمسك بالامل فى المستقبل مع الوعى التام بأن الطريق لبناء دولة قوية طويل ويحتاج الى صبر ووقت وجهد كبير فى ظل ظروف صعبة تحتاج الى فهم الواقع و الاقتراب منه أكثر لوضع النظام الديمقراطى الذى يتناسب مع ذلك الواقع