شركة مصرية تمنح يومًا إجازة للسيدات أثناء «الفترة المرهقة»

ذاتَ نهار ثقيل، استيقَظت الفتاة «س»، تركَت بعض النقاط الحمراء على فراشها، استعدت للذهاب إلى عملها، مُحملة بمشاعر شجيّة، إذ ستضطر للتفكير 100 مرة خلال اليوم في الأكياس السوداء التي ستشتريها لتضع بها الفوط الصحيّة.. محاولات الشرح المُتكررة لأسباب التعب أثناء العمل، وتهريب الفوط الصحية بين طيات الملابس أثناء الذهاب إلى الحمام، كى لا يعرف أحد أنها «حائض».
في السنوات البعيدة، كان يُعتقَد أن السيدة الحائض إذا سارت بجوار حقل قمح، فإن الحشرات والديدان تتساقط منه، وإن الكتان يتحول للون الأسود، حتى إن بعض الرجال كانوا يرفضون تناول الطعام من أيدى زوجاتهم خلال فترات طمثها. لم يتغير الأمر حتى عندما وصلنا إلى 2019، إذ تتعامل أغلب السيدات مع الدورة الشهرية وكأنها «زائر ثقيل»، ويتمنين تخصيص إجازة مدفوعة الأجر في العمل، وخلال مارس الماضى، أطلقت نساء مصريات دعوة لمنح إجازة للنساء أثناء فترة الحيض، عبّرت عنها صفحات مواقع التواصل الاجتماعى بسبب الألم والحالة النفسية الصعبة التي تصيب المرأة في ذلك التوقيت من خلال هاشتاج «اليوم العالمى للحيض»، وتحت شعار «الدورة الشهرية مش قلة أدب».
فيما كانت رانيا يوسف، مسؤولة التنمية البشرية بإحدى شركات التسويق، تتصفّح مواقع التواصل الاجتماعى، رأت مطالبات السيدات بأخذ إجازة من العمل خلال فترة الحيض، الأمر جعلها تتساءل عن إمكانية تطبيق الفكرة داخل الشركة التي تعمل بها- كما تقول ل«المصرى اليوم»-: «بعت للمدير التنفيذى للشركة، وبدأنا نفكر في التطبيق، لأن أغلب العاملين في الشركة من السيدات».
وفى اليوم التالى، تناقش المسؤولون عن الشركة بشأن تخصيص إجازة مدفوعة الأجر للسيدات خلال فترة الحيض، حسب شرح «رانيا» للفكرة: «فى البداية لقينا صعب ندى إجازة للسيدات طول فترة الحيض، إحنا بنشتغل 4 أيام في الأسبوع، لكن ممكن أول يوم أو يومين، لأن دى أصعب أيام».
«الفترة المُرهقة».. هكذا أصدر المدير التنفيذى للشركة على الفور قرارًا بإعطاء السيدات العاملات إجازة يوما واحدا مدفوع الأجر كاملاً، كما جاء في نص القرار. وعن آلية تطبيق القرار، تقول «رانيا»: «خيّرنا الموظفين، كل بنت تختار تاخُد إجازة اليوم الأول أو التانى، وممكن ناس ترفض ده، كل شخص حسب طاقته ومقدرته. طَبَعنا القرار، ونزلنّاه على السوشيال ميديا».
وأضافت: «ردود أفعال البنات في الشركة كانت كويسة، اتكسفوا في الأول، لكن كانوا مبسوطين جدًا، شعروا بالتقدير والامتنان من الشركة اللى بيشتغلوا فيها»، وذلك عكس ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعى «فى ناس كتير استقبلت القرار على أنه فضيحة، لكن في الحقيقة البنات هيتعاملوا معايا أنا، هيبعتوا لى على (واتس آب) مثلاً، ويقولولى اليوم ده إجازة ليه، وهتتحسب إجازة عارضة، وده بيتم تنظيمه مع الموارد البشرية».
الأمر الذي أوضحته «رانيا»: «الإجازة هتبقى زيها زى الإجازة العارضة، مدفوعة الأجر، أكيد مش هيتكتب في ورق (دى غايبة عشان عندها الدورة الشهرية)».