أصبح مصير الأجانب الذين انضموا إلى تنظيم «داعش» قضية أكثر إلحاحا مع تأهب مقاتلين تدعمهم الولاياتالمتحدة للسيطرة على آخر معقل للتنظيم فى شرق سوريا، وتقول قوات سوريا الديمقراطية إنها تحتجز 800 مقاتل أجنبى علاوة على 700 من زوجاتهم و1500 من أطفالهم الذين يعيشون بمعزل عنهم فى مخيمات، وتقول قوات سوريا الديمقراطية إنها لن تطلق سراح المقاتلين المحتجزين لكنهم ربما يفرون فى المستقبل إذا تعرضت المنطقة لهجوم، فيما تؤكد الدول الأوروبية أنها تعكف على كيفية التعامل مع مواطنيها الراغبين فى العودة إليها، بما فى ذلك إجراء تحقيقات مع المذنبين منهم بارتكاب جرائم ومحاكمتهم، لكنها أوضحت أن هذا الأمر صار أكثر تعقيدا، وتخشى تلك الدول من عدم وجود وقت كاف أمامها للاستجابة، باتخاذ إجراء، بعد قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية البالغ قوامها 2000 جندى من سوريا. وقال ترامب إن «الداعشية» هدى مثنى، التى غادرت الولاياتالمتحدة، لتعمل فى الدعاية لصالح تنظيم «داعش» الإرهابى، لن يسمح لها بالعودة إلى البلاد، موضحا أنّه أمر بمنع عودتها من سوريا إلى الولايات المتّحدة، فى حين أكّد محاميها أنّها مواطنة أمريكية مناقضاً بذلك إعلان واشنطن أن الشابة المولودة فى الولاياتالمتحدة ليست مواطنة أمريكية. وقال ترامب فى تغريدة عل موقع «تويتر»،: «أمرت وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، وهو موافق تماماً، بعدم السماح بعودة هدى مثنّى إلى البلاد، من سجنها فى شمال شرق سوريا»، وذلك بعد بيان للخارجية قالت فيه إن الشابة البالغة من العمر 24 عاماً ليست مواطنة أمريكية، غير أنّ حسن شلبى محامى هدى مثنّى أكّد بعيد تغريدة ترامب أنّ موكّلته مواطنة أمريكية مولودة فى نيوجرسى، وقال المحامى إنّ «هدى المثنّى ولدت فى نيوجيرسى فى 1994 بعد أشهر عديدة من انتهاء عمل والدها كدبلوماسى». ويحرم القانون الأمريكى، أبناء الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين فى الولايات المتّحدة الذين يولدون فى أمريكا، من الحقّ فى الحصول على الجنسية الأمريكية بصورة تلقائية، إذا ما ولدوا أثناء مزاولة والديهم العمل الدبلوماسى. وأكّد المحامى أنّ موكّلته المعتقلة لدى القوات الكردية فى سوريا والتى ترغب بالعودة إلى الولايات المتّحدة «كان بحوزتها جواز سفر صالح» عندما غادرت إلى سوريا فى 2014 للانضمام إلى تنظيم «داعش»، وأضاف المحامى أن ترامب «يناقض نفسه» عندما يطلب من الدول الأوروبية استقبال مواطنيها المقاتلين السابقين فى صفوف تنظيم «داعش»، ثم «يحاول التلاعب» عندما يتعلق الأمر بالمواطنين الأمريكيين، وأضاف المحامى فى تصريح لقناة «سى. بى. إس إن»: «إدارة ترامب تواصل محاولاتها سحب الجنسية الأمريكية من مواطنين أمريكيين، دون وجه حق». وذكر أن هدى «تملك جواز سفر أمريكيا وهى مواطنة أمريكية، ولدت فى هكنسيك بولاية نيوجيرسى، فى أكتوبر 1994 بعد تخلى والدها عن وظيفته الدبلوماسية». وكان بومبيو قال الأربعاء، إنّ هدى مثنّى «ليست مواطنة أمريكية، وليس عندها أى مسوّغ قانونى أو الحقّ فى الحصول على جنسيّة ولن يتم السماح لها بدخول الولاياتالمتحدة»، وأضاف أنها «لا تملك جواز سفر أمريكيا صحيح الصلاحية، ولا حق لها فى الحصول على جواز سفر، ولا حق لها فى الحصول على تأشيرة لدخول الولاياتالمتحدة». وأضاف فى بيان: «هدى مثنى ليست مواطنة أمريكية، ولن يسمح لها بدخول الولاياتالمتحدة». وولدت هدى مثنّى فى الولاياتالمتحدة لأبوين من اليمن أصبحا مواطنين، وفقاً لمشروع مكافحة التطرّف فى جامعة جورج واشنطن، وفى أواخر عام 2014، بعد انتقالها إلى سوريا بوقت قصير، نشرت على «تويتر» صورة لأربع نساء يضرمن النيران فى جوازات سفره« الغربية، وبينها جواز سفر أمريكى. وسافرت هدى، وعمرها 20 عاما، من أجل الالتحاق بتنظيم «داعش»، وقالت لعائلتها إنها ذاهبة إلى تركيا لحضور نشاط جامعى، ونشطت فى الدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعى لقتل الأمريكيين وتمجيد تنظيم «داعش» الإرهابى. وقالت «الداعشية» فى مقابلة مع صحيفة «الجارديان» البريطانية إنّها تنبذ التطرّف وتريد العودة إلى ديارها، وأضافت أنّها تعرضت لعملية غسل دماغ على الإنترنت، مؤكدة خجلها من دعمها السابق للجهاديين، وتزوّجت «مثنّى» فى سوريا من 3 جهاديين قتلوا جميعاً ولديها طفل، عمره 18 شهرا، وقالت إنها ندمت على الالتحاق بالتنظيم وطلبت الصفح عن صور الفيديو التى انتشرت لها على مواقع التواصل الاجتماعى تروج فيها للتنظيم، وتعيش حاليا فى مخيم شمالى سوريا، وتقول هدى إنها طلبت جواز سفر أمريكيا، وحصلت عليه، قبل السفر إلى تركيا. وقال محللون إن الإدارة الأمريكية ترتكز فى موقفها من الجنسية على أن والد هدى كان دبلوماسيا يمنيا، والأطفال الذين يولدون فى الولاياتالمتحدة لدبلوماسيين أجانب لا يحصلون على الجنسية بصفة آلية، ولكن محامى «هدى مثنى»، يقول إنها ولدت بعدما تخلى والدها عن الوظيفة الدبلوماسية. وفى غضون ذلك، قال مصدران عسكريان عراقيان إن قوات سوريا الديمقراطية سلمت العراق أكثر من 150 عراقيا وأجنبيا من مقاتلى تنظيم «داعش»، وأوضحا أن هذه هى المجموعة الأولى من عدة دفعات بموجب اتفاق أبرم لتسليم 502 مقاتل بشكل إجمالى. وتشبه حالة هدى مثنى، حالة الداعشية البريطانية، شميمة بيجوم، التى تنحدر من بنجلاديش، والتى جردتها لندن من الجنسية البريطانية، الأربعاء، وسافرت شميمة إلى سوريا عام 2015 بهدف الالتحاق بتنظيم «داعش»، ولكنها تريد العودة إلى بريطانيا، واستنكرت شميمة قرار إسقاط الجنسية عنها باعتبار أن بإمكانها الحصول على جنسية أخرى، وطالبت بالعودة إلى المملكة المتحدة، وقالت شميمة التى تصدرت قضيتها الأخبار لعدم إبدائها أى ندم على الالتحاق بالتنظيم: «هناك آخرون تتم إعادتهم إلى المملكة المتحدة، لا أدرى ما الذى يختلف فى حالتى أنا. هل لأن وضعى لقى أصداء إعلامية؟»، وقالت إنها تدرس طلب جنسية هولندية، وهى جنسية زوجها الذى قتل فى المعارك، ووضعت بيجوم مولودها فى مخيم الهول للاجئين شمال شرق سوريا، وفرت إليه بعد خروجها مع المئات من أخر جيب ل«داعش» شرق سوريا، وسبق أن أنجبت بيجوم طفلين فى سوريا، لكنهما توفيا بسبب المرض وسوء التغذية. وبموجب معاهدة نيويورك الموقعة فى 1961 وصادقت عليها بريطانيا، يحق لبريطانيا إسقاط الجنسية عن شخص إذا اعتبرت أن ذلك يخدم «المصلحة العامة» وبشرط ألا يجعله ذلك عديم الجنسية. ولمحت الوزارة إلى أن الرضيع يمكنه العودة إلى المملكة المتحدة وقال: «الأطفال يجب ألا يتعرضوا لمعاناة». وتقول وكالة الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبى (يوروبول) إن نحو 5000 أوروبى، معظمهم من بريطانيا وفرنسا وألمانياوبلجيكا، غادروا بلدانهم للقتال فى سورياوالعراق وإن نحو 1500 منهم عادوا إلى أوطانهم، ويقدر المسؤولون البريطانيون أن نحو 900 شخص من المملكة المتحدة توجهوا إلى سوريا، وقتل نحو خمسهم فى المعارك، وعاد نصفهم، وهو ما يعنى بقاء نحو 360 منهم، وأشار المسؤولون إلى أنه ليس كل من سافر إلى هذه المنطقة متطرف، إذ إن البعض منهم ذهب لأغراض خيرية حقيقية، كما أنه ليس كل من غادر بهدف القتال انضم إلى «داعش»، رغم أن معظم من بقى بالمنطقة يعتقد أنه من العناصر المتشددة. وتشير إحصاءات فى بلجيكا إن 442 بلجيكيا غادروا إلى سوريا أو العراق وإن 130 منهم عادوا، وقُتل 142، ويُحتجز فى سوريا حاليا 6 بلجيكيين و17 امرأة و32 طفلا، ويوجد 2 معتقلين بالعراق، وتعتقد السلطات الدنماركية أن 150 شخصا غادروا إلى سوريا أو العراق منذ 2012 وعاد أكثر من ثلثهم، وتعتقد أن ربعهم قتلوا فى المعارك، وتشير تقديرات فرنسية إلى أن ما بين 800 و1500 شخص غادروا للانضمام إلى »داعش». ويقدر المسؤولون الفرنسيون أن نحو 300 منهم قتلوا وأن 300 عادوا، وظل منهم 150 فى سورياوالعراق، ويُعتقد بوجود 100 فرنسى آخرين فى سوريا، ووفقا للسلطات الألمانية، سافر نحو 1050 إلى سورياوالعراق منذ 2013 وعاد نحو ثلثهم. ويوجد فى سورياوالعراق حاليا نحو 270 امرأة وطفلا من ألمانيا، وقالت وكالة المخابرات الهولندية (إيه.آى.فى.دى) إن نحو 315 شخصا غادروا إلى سوريا أو العراق، ثلثهم من النساء، ويُعتقد بأن نحو 55 منهم عادوا إلى هولندا، فيما قتل 85 وظل 135 فى منطقة الصراع.