العالم يتغير.. بكلمة!!

تمت دعوتى من قِبَل بعض الصديقات للاحتفال معهن بيوم «عيد الحب» بأحد الأماكن الشهيرة التى تقيم هذا الاحتفال «الاصطناعى» من كل عام.. يتظاهر الناس فيه بمشاعر الحب.. يتبادلون القبلات والتهانى.. يلبسون الأزياء الحمراء.. و«يحضنون» هذه الوردة الحمراء التى تلازمهم وهم يأكلون.. يرقصون.. ويتسامرون حتى تذبل أوراقها وهم يغادرون للعودة إلى ديارهم بعد ليلة حافلة، يتوهم فيها البعض أنهم فى حالة حب ترفرف فيها المشاعر العاطفية، ليعود الحال كما كان عليه فى الأيام السابقة وحتى لقاء وإشعار آخر بقدوم عام جديد!.
اعتذرت عن الدعوة، ولم يكن بسبب هذه المشاعر المصطنعة، فلم يشغلنى ذلك بقدر ما شغلنى هذا العدد من «الأحادييين» -singles - الذين يحتفلون دون حبيب!.
الأمر الذى دعانى أن أبحث عن المزيد من أسباب انتشار هذه الآفة التى أصبحت تصيب المجتمعات والبشر فى العالم كله وليس هنا فقط، حتى أصبح هناك ما يسمى يوم «الأحاديين» العالمى أو «Single Awareness» بمعنى يوم day «التوعية بالأحاديين»، حيث يحتفل هؤلاء غير المرتبطين بعلاقات عاطفية بيوم خاص للاحتفاء والتعبير عن الحب بكل أشكاله، وربما يكون يوماً لتذكرة العالم بمرارة «الوحدة» وتأثيرها على صحة الإنسان النفسية والجسمانية. وربما ذكرتنى هذه الحالة الإنسانية المؤلمة بمعنى يطلق عليه - «Single - use» وهو المعنى الذى اختاره القاموس البريطانى الشهير «Collins» كمصطلح لعام 2018 ، ضمن عشرة مصطلحات أخرى اعتبرها القاموس جديدة ومتداولة، وعليه بالتالى ضمها بين صفحاته وشرح معناها... وSingle - Use معنى يرمز للمنتجات التى ينبغى أن تستخدم مرة واحدة فقط ويتم التخلص منها مباشرة بعد ذلك، وبالرغم من أن المقارنة بين المعنيين مختلف إلا أن حروف الكلمة تجمعهما، بل يمكن استخدامها فى أكثر من معنى.. ولكن.. وربما لأننى أتحدث عن «الأحاديين»، لذا فإننى وجدت تشابهاً بين جوهر معنى يحمل «حزناً» وبين جوهر معنى آخر يحمل «استغناء» - استعارة - يترجمها كل منا حسب رؤيته.. أو يجوز حالته!!!.
المهم.. هناك الجديد من المصطلحات والكلمات التى أصبحت متداولة الآن على مستوى العالم كله.. كلها تعبر إما عن قضايا أو أخرى عن أوضاع واتجاهات تسود المجتمع العالمى، منها ما لا يعلم عنها الكثير ولكنها استطاعت أن تفرض وجودها لتصبح كلمات تحتاج إلى تفسير وترجمة، وهو ما قام به قاموس «Collins» هذا العام عندما رصد أهم عشر كلمات من بين قائمة تضم 4.5 مليار كلمة، ليلقى الضوء على أهميتها، بل لمزيد من التوعية على خطورتها..وقد تم اختيار كلمة Single - Use - هذا العام ك«مصطلح العام» لإلقاء الضوء على خطورة استخدام المواد البلاستيكية وأثرها على صحة الإنسان والبيئة.. وربما تكون صور البلاستيك العائم البائس فى المحيطات والبحار من زجاجات وحقائب وأدوات مائدة.. أدى إلى حملة عالمية للحد من استخدامها، ومن هنا ظهر مصطلح «Single - use»، الذى يأتى بعد مصطلح «أخبار مزيفة» لعام 2017، أما المتنافسون الآخرون لكلمة العام فى 2018 فشملوا كلمات «Plogging»، وهو جنون إسكندنافى يمارس فيه الرياضيون لَمّ القمامة، و«Gaslight» بمعنى محاولة التلاعب بالشخص من خلال تقديم معلومات زائفة باستمرار حتى يشك فى سلامة عقله، وقد شهد استخدام هذا المصطلح 20 ضعفاً خلال السنوات الخمس الأخيرة.. أيضاً مصطلح «Me -too»، الذى ينبع من الحركة الثقافية التى تسعى إلى فضح والقضاء على السلوك الجنسى المتحرش، خاصة فى مكان العمل، وكلمة «Floss» «الخيط» وهى ترمز إلى رقصة الفوز فى لعبة الفيديو فورتنيت Fortnite و«Vegan» ويعنى نباتى، ويرمز إلى الأشخاص الذين يمتنعون عن تناول أو استخدام أى منتج حيوانى فى الطعام أو الملبس.
كلمات.. وكلمات.. وكلمات.. دلائل قوية يفرضها الاهتمام والرأى العام على المجتمع الدولى.. ترى هل لنا هنا من كلمات لها هذا التأثير.. قد تساهم أو ربما هى الأخرى قد تُحدث من قوتها تغييراً؟!.