وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    لخريجي الجامعات.. التخصصات المطلوبة لكلية الشرطة 2025/2026 | مستند    محافظ المنوفية يلتقي مسئولي مركز إبداع مصر الرقمية وتكنولوجيا المعلومات    وزير الخارجية يفتتح منتدى الأعمال المصري - النيجري الأول    إسرائيل تعلن إعادة تفعيل منشأة لعلاج مصابي الدروز جنوب سوريا    ضبط 14 طن دقيق مدعم داخل المخابز السياحية بالمخالفة للقانون    ما كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة؟    سيعود للمستشفى.. آخر تطورات الحالة الصحية ل"حسن شحاتة"    تيدي أوكو يثير الجدل برسالة غامضة وسط أنباء فشل انتقاله للزمالك    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    فخر أبو ظبي الجديد.. إبراهيم عادل حديث صحف الإمارات بعد انضمامه للجزيرة    حزب الحرية: ثورة 23 يوليو خلدها التاريخ وأرست مبادئ العدالة والكرامة    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    «فيكا مصر» تتقدم بعرض للاستحواذ على «أسمنت سيناء»    الصحة: النسخة ال 3 لحملة حملة "100 يوم صحة" تستهدف مواجهة التوحد والإدمان    الكنيسة الأرثوذكسية: ثورة 23 يوليو مَكَّنَتْ المصريين من أن يحكموا أنفسهَم بأنفسهِم    سيارات "جينيسيس" تنطلق لأول مرة في شمال أفريقيا من بوابة السوق المصري    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    الكرملين: محادثات صعبة مع كييف في إسطنبول اليوم.. ومذكرات التفاهم "متناقضة"    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 9 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة في حملة بالقاهرة    أوباما ينتقد اتهامات ترامب "الغريبة" بشأن انتخابات 2016"    التفاصيل الكاملة ليوم الأربعاء 23 يوليو 1952    6 أساتذة يفوزون بجوائز الدولة للرواد والتشجيعية والمرأة من جامعة القاهرة    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الاستعانة بمركز بحثي متخصص لإعداد دراسة فنية لتطوير كورنيش طنطا في الغربية    علامة "غريبة" ظهرت على شابة كشفت إصابتها بسرطان العظام- لن تتوقعها    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    في الذكرى ال73 لثورة يوليو 1952.. تفاصيل انتفاضة الضباط الأحرار لاستعادة الاستقلال الوطني وإنهاء حكم الملكية    جامعة الإسكندرية الأهلية تفتح أبوابها لطلاب الثانوية العامة 2025    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    توافد المواطنين على ضريح الزعيم جمال عبد الناصر لإحياء ذكرى ثورة 23 يوليو    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    استشهاد 14 فلسطينيًا خلال غارات للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    السيسي: مصر أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اشتغالات» مصرية
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 05 - 2010

تحدثنا الأسبوع الماضى عن الازدواجية التى تصل لحد تناقض المفاهيم بين النخبة والشارع فى بلادنا، وضربنا مثلاً لذلك على تعبير «الحوارات»، وفى سياق رصد المتناقضات نضرب مثالاً آخر هو «الاشتغالة»، ولا شك أن الشغل أو العمل أهم المعايير الحاسمة لتحديد أقدار الأشخاص، وحتى الأمم والشعوب، لكن هذه الكلمة لها دلالة سيئة فى أوساط العوام، إذ تعنى «الاشتغالة» محاولة نصب أو احتيال.
وأخشى أن يكون العمل لدينا ارتبط بمفهوم «الاشتغالة» أو «السبوبة» بالمعنى الشعبوى، فقبل أن يتحدث الشاب الذى يبدأ حياته بالسؤال عن طبيعة عمله والمطلوب منه تحديداً، وما إذا كان مؤهلاً للقيام به، يضع العربة أمام الحصان ويسأل عن الراتب والضمانات، لأنه ببساطة لا يثق بأى جهة يعمل بها ولا يثق بنفسه أيضاً، ولا أتصور أن يعمل إنسان جاد متحضر بمهنة لا يثق بها، ولا بقدرته على أدائها، لأنه حينها سيتخبط ويتنقل بين المهن وجهات العمل دون أن يستقر به المقام حتى تضيع أجمل سنوات عمره، ويدخل حالة عدمية يلعن معها الزمان والأوطان والناس والحكومة وكل شىء، مع أنه لم يتوقف مع نفسه لحظة ليرى إن كان قد استثمر فى قدراته وطور مؤهلاته بجدية، وليس من خلال شهادات يمكن شراؤها.
ظلت نظرتنا كمصريين لإخواننا العرب فى السعودية والخليج نظرة دونية باعتبارهم مجرد «أجولة نقود»، ورسخت فى أذهاننا صورة نمطية لذلك العربى «السفيه» الذى يبعثر أمواله على الساقطات وموائد القمار، ولا يمتلك القدرة حتى على حماية الثروة التى منحها الله له باكتشاف النفط.
لكن بعد مرور نحو نصف قرن على «الطفرة النفطية» يبدو أننا- كمصريين- صرنا مطالبين بالتوقف مع أنفسنا لنكتشف أن هذه الصورة السلبية للعربى تغيرت جذرياً، والسبب ببساطة أن الأشقاء تجاوزوا «صدمة الثروة» واستثمروا فى البورصات والعقارات، لكن الأهم من ذلك استثمارهم فى أبنائهم، فاستقدموا لهم خير معلمى مصر والشام وغيرهم، كما ابتعثوا آخرين للدراسة فى الغرب، وعاد هؤلاء ليقودوا دفة الأمور فى بلادهم، بعد أن خسرنا نحن المصريين ثروتنا الحقيقية متمثلة فى الإنسان، وأحسبك ستوافقنى الرأى فى أن البحث عن «صنايعى» جيد،
ناهيك عن الطبيب والمعلم والصحفى وكل المهن، أصبح مهمة شاقة، فالطبقة الأفضل اختطفها الغرب مثل مجدى يعقوب وفاروق الباز وزويل وغيرهم، والطبقة التالية وجدت فرصتها فى الدول العربية الغنيّة، بينما بقيت لنا الطبقة الفاشلة التى لم يطلبها الغرب ولا الشرق، وأفسدها المناخ السائد، لتنتج لنا جيلاً يليق بمرحلة الانحطاط الحضارى التى تعيشها مصر.
«عبده اشتغالات» صار رمزاً للمرحلة، فهو فى البداية يتملق رئيسه لدرجة الانسحاق المخزى، وفى أول محكّ عملى يكشف حقيقة قدراته المتواضعة لن يدع تهمة إلا ويلصقها به، وهو ذاته الذى سيبدد وقته وطاقته كى يتهرب من واجبات العمل، ناهيك عن آلة الفساد الضخمة التى حاصرت الجهاز الإدارى للدولة وتضربه بالهشاشة لدرجة تجعل محاولة إصلاحها ضرباً من العبث، خاصة فى ظل شيوع ثقافة التبرير والبحث عن أعذار، بدلاً من شجاعة الاعتراف بالخطأ والتعلم من الخبرات الفاشلة وتجاوز المرارات.
باختصار علينا أ نكف عن الالتفاف على الأسباب الحقيقية لهذا الفشل المزرى الذى يحاصرنا فى كل مناحى الحياة، فتارة نتهم إسرائيل والشياطين، وأخرى نستخف بقيمة العقل لنختزل سبب فشلنا فى شتى أنشطة الحياة فيما يسميه بعض المهووسين «البعد عن الدين»، مع أن هناك أمماً لا تعتنق أى دين، ومع ذلك حققت نجاحات هائلة، فمشكلتنا الحقيقية ليست مع الأرض ولا السماء، بل تكمن فينا.
بصدق أقولها، إننا لم نكن بحاجة للوقفة مع الذات كما نحن الآن، علينا أن نسعى للاعتراف بحالة الانحطاط التى انزلقنا إليها، وعلينا إعادة تأهيل أبنائنا والارتقاء بقدراتهم وتغيير نمط التفكير التبريرى، وهو ما لن يحدث إلا بالتصدى لممارسات «الفهلوة والمكلمة والاشتغالات» بصرامة، وأحسب أن السلطة بكل مستوياتها هى المسؤول الأول عن تفعيل كل هذا، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، والناس على دين ملوكهم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.