أتيت.. رأيت..عشقت.. تذكرة ذهبية لرحلة فى عوالم سعاد مردم بك

«ولدتنى رحلة.. كانت مجرد رحلة على متن القطار.. عُثر علىّ وعمرى ثلاثة أيّام فى صحيفة قديمة، كانت تلفّنى كثيابٍ دافئة.. اختلقْت أبوين من صنع خيالى، وفى سنتى الخامسة وعلى مدار عام، اختلقتُ حكايتى، بأن أمى كانت مُهرة من فصيلة (أبالوزا) الأصيلة.. أنا مُهرة فى الحقيقة، بينما كنت فى أحلامى فتاة ستستيقظ يومًا، لتركض بعيدًا.. والآن أنا نجمة».
بهذا الاقتباس من رواية «مياه للفيلة»، للكاتبة سارة جروين، سيستقبلك معرض الفنانة سورية الأصل، سُعاد مِردم بك، فى قاعة الزمالك للفن، لتحظى بتذكرة ذهبية لرحلة فى عوالم لوحاتها، رحلة دون أُطر «الكانفاه»، لأماكن عدّة؛ بالقطار أو على الحصان أو حتى فى الخيال، وهو المعرض الذى يحمل اسم «أتيتُ.. رأيتُ.. عشقت»، فى محاكاة لمقولة يوليوس قيصر «أتيتُ.. رأيتُ.. انتصرت»، والاختلاف بين لفظى الكلمة الثالثة فى المقولتين، ما هو إلا تماهٍ فى معنييهما، فالعشق انتصار، كما تقول «سُعاد».
فى عالم من الخيال، تعظّم سُعاد مردم بك، الرحلة لا المسافر، فهى تركّز على فكرة السفر والانتقال فى شكله العام، فليس هذا معناه السفر الجسدى، بل مجرد الانتقال من مكان لآخر، أو من الوحدة إلى الملأ، أو رؤية أشخاصٍ جُدد، أو حتى الانتقال من حالة مزاجية إلى أخرى، ففكرة الانتقال متجسّدة فى أشكال عدة، تراها فى رمزية اللوحات، فترى الحصان تارة، وترى الثور تارة أخرى، وأيضًا العصفور، وترى كذلك تلك الفتاة الصغيرة التى تركب كلاً من تلك الثلاث، وتفسّر «سعاد» هذا الأمر ل«أيقونة»، بأن فى الحصان رمزية الرحلة والانتقال، وكذلك العصفور وفى الثور القوة والعزيمة والإصرار، كذلك نرى تكرارا لعنصر التاج فى لوحات المعرض، كتكراره فى لوحاتها من قبل، وفى هذا تقول إنه أمر يحدث دون قصد منها، كتكرار وجود الطيور والعصافير فى اللوحات، وهو أمر تحبه فقط ولا تتعمّد إسقاط معنى ما عليه.
تحب «سعاد» رسم البورتريه الذى لا يخلو معرضٌ لها منه، فهى تؤكد أن البورتريه دائمًا بطل فى معارضها، وهى تحب التركيز على الوجوه وملامحها، وخاصة العيون، كما نرى فى لوحاتها، إذ تؤمن بأن العين هى مرآة الروح، كذلك ترسم الفنانة السورية بأحجام للوحات قد تكون عصيّة على الكثيرين، إذ ترى تكرارًا للوحات طولية بحجم الشخص العادى، حيث توضح أن الرسم فى تلك المساحة الطولية الضيقة قد يكون صعبًا لكنه يستهويها بشكل كبير.