استاد الإسكندرية الأقدم أفريقيًا.. و132 ألف جنيه تكلفة إنشائه عام 1910

آهات المشجعين ودفوف المتحمسين وأغانى المتنافسين تتسلط عليها الأضواء الكاشفة فتلهب حماس اللاعبين للركض على نجيلة أقدم الملاعب الأفريقية على الإطلاق، استاد الإسكندرية، أو ملعب البلدية (مسماه القديم)، العالق فى ذهن الإسكندرانية حتى الآن.
فى وسط الحى اللاتينى، أقدم أحياء عروس البحر المتوسط، يقع استاد الإسكندرية، وتضم جدرانه المزينة بمنحوتات ذهبية عن الألعاب الأوليمبية، 10 بوابات أشهرها بوابة «الماراثون»، وتُعد نسخة طبق الأصل من بوابة الماراثون التذكارية فى استاد لوس أنجلوس.
لن تستطيع أن تمنع نفسك من رفع رأسك لتأمل الطراز الرومانى، الذى بنى به الاستاد وتصميمه المستوحى من أقواس النصر الرومانية، عملية بناء الاستاد لها قصة طريفة عندما تعثر تشيده أكثر من مرة؛ سواء بسبب الظروف السياسية أو التكلفة المادية.
يقول الدكتور إسلام عاصم، الخبير الأثرى: «بداية الفكرة تعود إلى أنجلو بولاناكى، اليونانى الأصل المصرى المولد، الذى تعرف على بيير دى كوبيرتان، باعث الألعاب الأوليمبية فى العصر الحديث؛ فحاول إقناع الدولة المصرية عام 1910 بتشكيل لجنة أوليمبية مصرية، وعين مندوبا لمصر فيها، وحاول إقناع بلدية إسكندرية ببناء ملعب أوليمبى ليكون الأول فى أفريقيا من نوعه لاستضافة الألعاب الأوليمبية عام 1916، ووفقا للموقع الرسمى للاستاد، وافقت البلدية على فكرة بولاناكى، وخصصت له أرضًا ملكًا لها مقابل إيجار بمنطقة الشاطبى، غير أنه بعد إنشاء نادى الاتحاد السكندرى عليها نُقل موقع الاستاد إلى مكانه الحالى بالحى اللاتينى، إلا أن الظروف السياسية ونشوب الحرب العالمية الأولى حالت دون ذلك، وبعد انتهاء الحرب بدأ «بولاناكى» تحقيق حلمه مرة أخرى من نقطة الصفر، ونجح فى إقناع الملك فؤاد، من خلال الأمير عمر طوسون باشا، لتبدأ رحلة دعم إنشاء الملعب بتبرع من الملك فؤاد والأمير طوسون، وتولى طوسون، رئاسة اللجنة الأوليمبية المصرية وساهمت الحكومة المصرية فى تشييده».
وأضاف: «كانت المفاجاة أن المبلغ الذى تم جمعه لم يكف، لذا تقرر تنظيم «يناصيب» يشارك فيه أهالى الإسكندرية وأغنياؤها، لتمويل المشروع، واستكمل المبلغ بالكاد، ووصلت تكلفة الإنشاءات 132 ألف جنيه مصرى، وكان يعد مبلغا ضخما حينها، وعلى مساحة 38 فدانًا شُيد المعمارى الروسى «ونيكوسوف» أقدم استاد فى أفريقيا بتكلفة تُقدّر بنحو 132 ألف جنيه، بمدرجات مقسمة إلى 4 أقسام تستوعب 18 ألف متفرج، تتوسطها المقصورة الرئيسية وتضم الصالون الملكى المخصص لاستقبال أفراد العائلة الملكية».
وتابع: «راعى «ونيكوسوف»، أن يحتوى تصميم الملعب على أجزاء من أسوار الإسكندرية الإسلامية القديمة، التى كانت موجودة فى نفس الموقع الذى بنى عليه الملعب، وتقع فى الجانب الشمالى من الاستاد وتطل على المشجعين، وفى نوفمبر 1929، لُعبت أول مباراة على أرض الاستاد، بين ناديى «الاتحاد السكندرى والقاهرة»، وانتهت بفوز الأول بهدف مقابل لا شىء، ليحصد كأس الافتتاح الذى حضره الملك فؤاد الأول وآلاف المتفرجين».