نحن و«الفايف جى»

الحديث لا ينقطع فى وسائل الإعلام الدولية عن الثورة الجديدة فى عالم تكنولوجيا الاتصالات المعروفة بالجيل الخامس أو 5G (فايف جى)، والتى سوف يشهد العالم بداية تطبيقاتها هذا العام 2019.
الحديث له جانبان، الأول سياسى ويتعلق بالمنافسة الشديدة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية حول هذه التكنولوجيا، فى ظل قناعة لدى البلدان أن من سيتحكم فى هذه التكنولوجيا سوف يسهل عليه التحكم فى العالم، وسيستطيع خلق مناطق نفوذ اقتصادى واستراتيجى اعتماداً عليها. وفى هذا الإطار قامت الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الغربيين بحظر شركة هواوى الصينية من المشاركة فى البنية التحتية لشبكة اتصالات الجيل الخامس فى بلادها، ليس فقط لاعتبارات أمنية، ولكن لأنها لا تريد أيضًا تقوية الشركة الصينية التى أصبحت رائدة فى هذا المجال.
أما الجانب الآخر من الحديث فيتعلق بالنقلة النوعية التى سوف تحدثها هذه التكنولوجيا فى العديد من جوانب الحياة اليومية، وفى مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والمواصلات والأمن وغيرها، منها على سبيل المثال السرعة الهائلة لتزيل الملفات الضخمة ومشاهدة الأحداث الحية بتقنية عالية الوضوح على الهواتف المحمولة، والاتصالات اللاسلكية بشكل عام، وتجميع المعلومات وتحليلها فى إطار ما يعرف بإنترنت الأشياء، وإدارة الطاقة ووسائل المواصلات والمرور، والتحكم فى الرى، والاستشعار عن بعد، والاستجابة لحالات الطوارئ، وتقنيات الأجهزة الطبية والتشخيص والعلاج، وإدارة منظومة التأمين الصحى، والتطبيقات التعليمية، وغيرها مما يطلق عليه الثورة الصناعية الرابعة.
هذه التكنولوجيا الجديدة - سواء كان مصدرها الصين أو الولايات المتحدة - سوف تكون متاحة لمن يريد استخدامها، وبعض الدول العربية أعلنت عن إدخال تطبيقات للجيل الخامس فى العام الجديد. نحن فى مصر ولو نظرت إلى تليفونك المحمول فستجد أنه يعتمد بالأساس على شبكة الجيل الثالث وفى مناطق محدودة على الجيل الرابع، وشبكة الإنترنت لم تصل إلى الجودة المأمولة. ومن ثم، نتمنى مع بداية هذا العام الجديد أن ندرك حجم التحول التكنولوجى الذى يشهده العالم، وخطورة التخلف عن هذا الركب، وأن نتحرك بخطوات أسرع نحو الجيل الخامس، وأن نستثمر بشكل أفضل فى البنية التحتية والبشرية اللازمة لذلك، فالأمر هذه المرة لا يتعلق فقط بتطبيقات جديدة على التليفون المحمول، ولكنه يرتبط بعملية التنمية، وأن نكون جزءا من حركة التاريخ نحو المستقبل.