أنطونيو بياتو «غرام فى الأقصر»

تحت عنوان «فى حب طيبة»، تحتفى محافظة الأقصر بمعرض أنطونيو بياتو، مصور الفراعنة، «1860- 1905»، والذى خلّد مرحلة مهمة من تاريخ مصر تعود إلى 150 عاماً، بحضور السفير الإيطالى، جامباولو كانتينى، والباحث فى علم المصريات، فرنسيس أمين، القائم بأعمال القنصل الإيطالى بالأقصر، والذى تنظمه جمعية المرشدين السياحيين المصريين، ويضم المعرض 40 لوحة صوّرها الفنان الإيطالى، الذى أقام فى الأقصر وتجول بين مدن مصر الأثرية قبيل قرابة 150 عاماً، وتُعد من أجمل وأغنى المجموعات الفوتوغرافية القديمة عن مصر، فلم يخلّد أحد قبله آثار مصر العليا كما خلّدها.
وللوحات المعرض ومصورها، «بياتو»، قصة تاريخية عندما كانت البلاد المطلة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر مقصداً لرواد فن التصوير الفوتوغرافى، وصارت مصر المقصد الأول لعشاق هذا الفن الوليد.
أنطونيو بياتو مصور الفراعنة
أنطونيو بياتو مصور الفراعنة
أنطونيو بياتو مصور الفراعنة
أنطونيو بياتو مصور الفراعنة
قال «أمين»، وهو أحد المشرفين على المعرض: «كان هؤلاء المصورون من عشاق هذا الفن، وأغلبهم كانوا سائحين تمثل مصر جزءاً مهماً من رحلاتهم الطويلة». وأضاف أنه مع التطور السريع فى تقنيات هذا الفن الجميل، «بدأنا نرى عدداً من المحترفين والممتهنين لهذا الفن، ومنهم المصور الإيطالى (بياتو)، الذى عمل فى مصر لأكثر من أربعين عاماً، وبالتحديد ما بين عامى 1860 و1906، حيث اشتهر (بياتو) بعمله المنسق، الذى يبلغ فى أهميته مرتبة الوثيقة التاريخية لكم هائل من آثار الأقصر، وبمرور الزمن ازداد تقدير علماء المصريات لعمل (بياتو) وإسهامه فى دراسة حضارة الفراعنة، كمصدر أساسى فى التوثيق وعلم الفهرسة والأرشيف، وصارت صوره مصدراً لا غنى عنه فى دراسة الآثار المصرية وترميمها، ومازال الغموض يحيط بجوانب حياة هذا المصور». وُلد «بياتو» فى البندقية، ورحل إلى كثير من بلدان البحر المتوسط والهند، قبل أن يستقر فى مصر، وعاش لأعوام قليلة فى القاهرة، قبل أن ينتقل جنوباً.
أنطونيو بياتو مصور الفراعنة
أنطونيو بياتو مصور الفراعنة
فى مدينة الأقصر، أنشأ أول استوديو فوتوغرافى دائم بالمدينة، التى قضى فيها بقية حياته، وتُعد الأخبار التى تتحدث عنه قليلة، بل معدومة فى الوثائق الرسمية التى يصعب العثور عليها ودراستها فى مصر، غير أن معرض لوحاته فى الأقصر عام 2009 كان أول معرض يشمل أعمالاً متكاملة ل«بياتو» فى مصر. واحتوى كتيب هذا المعرض بين صفحاته على آخر ما وصلنا من معلومات عن حياة «بياتو» وأعماله، وحسب «أمين»، فإن الأهمية القصوى لهذه الوثائق الفوتوغرافية، التى تشهد على أهمية أعمال الفنان الإيطالى، جاءت فى وقت كانت مصر تسير فيه بخطى حثيثة نحو الحداثة، مستندة على تراثها القديم.
وإلى جوار معبد الأقصر، المطل على نهر النيل، كان استوديو «بياتو»، الذى خلّد الكثير من الصور التى التقطها للذهبيات والمراكب البخارية الأولى، التى قطعت النيل بين طيبة والسودان جيئة وذهاباً، ومنها المركب رمسيس، الذى حمل الملكة «أوجينى» وضيوف الخديو إسماعيل.
تُوفى «بياتو» عام 1905، وعرضت أرملته الاستوديو للبيع بمحتوياته، التى بلغت 1500 اكليشيه زجاجى وحوالى مائة ألبوم فوتوغرافى و30 ألف كارت بوستال وعدداً من الكاميرات كبيرة الحجم، وطلبت مقابل هذا كله حوالى 50 ألف فرنك فرنسى وقتها.
وتكمن قيمة التراث الذى خلّفه «بياتو» فى أنه يضم صوراً لآثار صعيد مصر قبل أن تدب فيها معاول الحفر والتنقيب مثل معبدى الكرنك والأقصر وآثار البر الغربى مثل معابد هابو وتمثالى ممنون، بجانب التقاطه صوراً باهرة ونادرة لمعبد فيلة أثناء الفيضان قبيل بناء خزان أسوان.