من كان يتصور أن كرواتيا، تلك الدولة صغيرة المساحة.. قليلة السكان.. فقيرة الموارد، تحقق ما عجزت عنه دول أكبر مساحة غزيرة السكان، غنية الموارد، مثل روسيا وألمانيا وإسبانيا والبرازيل وإنجلترا أيضاً؟.. ولكنها فعلتها ووصلت - حتى الآن - إلى نهائى كأس العالم. وكرواتيا عانت الكثير طوال حياتها.. وخضعت للاحتلال والحكم الأجنبى مرات عديدة من الإمبراطورية العثمانية إلى إمبراطورية النمسا والمجر إلى الاحتلال الألمانى ثم الحكم الشيوعى.. وهى فوق كل ذلك تعانى من تعدد عرقى، ولغوى وانقسامات، بل وحروب داخلية.. وربما تحملت القهر منذ عام 1929 عندما أصبحت جزءاً من يوغوسلافيا القديمة، وبالذات تحت حكم الديكتاتور جوزيف بروز تيتو من عام 1945 إلى 1980. ومساحة كرواتيا الحالية 56 ألفاً و538 كيلومتراً مربعاً فقط، وعدد سكانها لا يصل إلى 5 ملايين نسمة.. وعاصمتها زغرب أقل من 100 ألف شخص.. أما سكانها فهم من الكروات بنسبة 78٪ والصرب بنسبة 12٪ والباقى من المجريين والسلوفان.. وبها لغتان: الصربية والكرواتية.. وإذا كان أغلبية السكان من الكاثوليك 77٪ فإن الأرثوذكس فيها 11٪، فضلاً عن عدد كبير من المسلمين، وأعظم دخلها السنوى من السياحة. وقد كانت كرواتيا جزءاً أو إقليماً يضم 5 دويلات أو قوميات هى البوسنة والهرسك والصرب والجبل الأسود ومقدونيا، وإن عرفت الاستقلال فقط منذ عام 1991. وربما ورثت كرواتيا - وأيضاً الصرب - سمعة طيبة فى كرة القدم من أيام «وحدة المنطقة تحت حكم تيتو باسم يوغوسلافيا».. التى ورثت الاسم «يوغوسلافيا الحالية».. كما ورثت العاصمة نفسها.. بلجراد». هنا يجب أن نناقش ما حققته كرواتيا هذه من نجاحات ومكاسب فى كأس العالم الحالية.. بينما دولٌ عريقة فشلت، وبالذات مثل البرازيل والأرجنتين وألمانيا وإسبانيا.. ألا يستدعى كل ذلك أن ندرس أسباب نجاح كرواتيا بهذه الإمكانيات القليلة.. وهل نطرح هذا السؤال على مسؤولى كرة القدم عندنا، الذين يرون أن كرة القدم تعنى فقط المدرب الأجنبى لا أكثر ولا أقل؟ ■ ■ وهل ما نخصصه للإنفاق على المنتخب القومى للكرة أقل مما يجب، أم أنه هناك فى كرواتيا أكثر مما يجب؟.. نقول ذلك ونحن نملك قاعدة شبابية أكبر مما تملكه كرواتيا.. أم أن العدد فى الليمون، واحسبوا معنا كم ربحت كرواتيا بوصولها إلى موقعها الحالى فى روسيا، لأن ذلك ينعكس فعلياً على السياحة التى هى أكبر مواردها.. وهى من السياحة الترفيهية لا أكثر. يا عالم.. ادرسوا هذه التجربة الكرواتية واعرفوا أسبابها، إذ ربما يحدث - يوماً ما - أن نصل إلى نصف ما وصلت إليه كرواتيا.. فى كرة القدم!!.