ختام المؤتمر الأول لصحفيي البيانات العرب: واقع جديد رغم التحديات

اختتمت، الخميس، فعاليات المؤتمر الأول لشبكة صحفيي البيانات العرب، بعنوان «من أجل صحافة بيانات متعمقة»، الذي عقد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة على مدار 3 أيام، تم خلاله تنظيم أكثر من 30 جلسة وورشة تدريبية، لمتحدثين من مصر وعدة دول عربية وأجنبية، تناولوا خلالها العديد من الموضوعات الخاصة بصحافة البيانات.
وأعرب عمرو العراقي، المدير التنفيذي للشبكة، عن سعادته لنجاح المؤتمر في خلق فرصة جيدة للتشبيك بين الصحفيين من مصر ومختلف البلدان العربية والأجنبية المهمتين بصحافة البيانات، والإطلاع على التجارب المختلفة، مضيفا أن المؤتمر نجح في التأكيد على أن صحافة البيانات لم تعد أملا نتطلع إليه، ولكن أصبحت واقعًا يجب التعامل معه وترسيخه في الصحافة الآن.
وأضاف «العراقي» ل «المصري اليوم»: «من حيث الأرقام، كنا نخطط لحضور 300 شخصًا، ولكن الحضور فاق 450، بزيادة 50%، مما يدل على إقبال ورغبة حقيقية من الصحفيين على التعلّم والإطلاع على هذا النوع من الصحافة».
وتابع «العراقي» أن شبكة صحفيي البيانات ستبدأ في التنظيم للمؤتمر القادم، ولكن ما بين المؤتمرين ستعقد الشبكة سلسلة من التدريبات المكثفة وتطوير لموقعها الإلكتروني، يشمل خصائص مميزة للأعضاء، مؤكدًا أن الشبكة ستقدم الدعم التقني والاستشاري للصحفيين الراغبين في إنتاج قصص صحفية قائمة على البيانات.
وشهد المؤتمر تفاعلًا كبيرًا من قبل المشاركين، في تغطية فعالياته عبر الهاشتاج الذي دشنه المنظمون «#ArabDJN18» خلال أيام المؤتمر الثلاث.
#arabdjn18 Tweets
تقنية «البلوكتشين» للصحفيين
شهد اليوم الأول للمؤتمر 10 جلسات مختلفة شارك فيهم العديد من الصحفيين العرب والمصريين والأجانب، كان من بينها ورشة بعنوان «مقدمة حول البلوكتشين لصحفيي البيانات»، قدمها وليد السقاف المحاضر في الصحافة وتكنولوجيا الإعلام بجامعة سوديرتورن في ستوكهولم.
وقال «السقاف» إن تكنولوجيا سلسلة الكتل «Blockchain» تعتبر بمثابة قاعدة كبيرة للبيانات، قد تختلف في الهدف أو التصميم، لذا فعلى الصحفيين تعلم كيفية استخراج البيانات منها، مضيفًا أن العملة الإلكترونية «بيتكوين» هي أكبر مستخدم لهذه التقنية، والتي تجمع كافة بيانات تداول ونقل هذه العملة حول العالم.
وأضاف «السقاف» ل «المصري اليوم»، أن صحفي البيانات يمكنه استخراج قصة صحفية من خلال تتبع بعض عمليات نقل العملات الإلكترونية، مثل التحقيق الذي أجراه الصحفي الأمريكي كيت كولينز بموقع Quartz، والذي قام برصد عمليات ابتزاز عن طريق بيتكوين، قبل أن ينتقل لنيويورك تايمز.
وتابع «السقاف» أن البلوكتشين يمكن استخدامها كوسيلة لحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بعمل الصحفي من صور وفيديوهات ومواد مكتوبة، لكونها عبارة عن قاعدة بيانات غير قابلة للتعديل في الماضي، مؤكدًا أن المؤسسات الصحفية أيضا يمكنها حماية حقوقها من خلال إضافة موادها عبر هذه التقنية.
صحافة البيانات المسموعة
من بين ورش اليوم الثاني للمؤتمر، قدمت نهال الشريف مراسلة وكالة الأنباء الألمانية بالشرق الأوسط، جلسة بعنوان «تصميم البيانات في الصحافة المسموعة»، وكيفية جعل المستمع أكثر تقبلًا للأرقام عبر الإذاعات والوسائط المسموعة.
وقالت «الشريف» إن الأمر يعتمد على تعويض الجانب البصري في تمثيل البيانات والأرقام عن طريق الصياغة الصحفية للمحتوى المقدم بالقصة المسموعة، وجعل الأرقام المقدمة قصيرة ومختصرة وتعبر عن الفكرة المطلوبة بشكل مركز.
وأضافت «الشريف» ل «المصري اليوم» أن تنويع عرض الأرقام المقدمة خلال القصة المسموعة لتجنب تشتيت انتباه المستمع وإصابته بالملل، والتركيز على استخدام النسب المئوية، مؤكدة أننا نحتاج في الإعلام إلى أن نعيد النظر في أهمية وقيمة الأرقام والبيانات، وكيفية استخلاص قصص صحفية منها.
«البيانات» والصحافة الاستقصائية
في اليوم الثالث، شارك مصعب الشوابكة الصحفي الاستقصائي الأردني في جلسة نقاشية بعنوان «حق الحصول على المعلومات لصحفيي البيانات»، وكيفية استغلال الصحفي للقدر المتاح من البيانات لإنتاج قصة صحفية عميقة.
وقال «الشوابكة» إن صحافة البيانات هي داعم أساسي لصحافة الاستقصاء، خاصة وأننا أصبحنا الآن نواجه حجم هائل من البيانات على الإنترنت، أو موجودة في مصادر مغلقة أو مفتوحة، مثل وثائق بنما وويكيليكس وغيرها.
وأكد «الشوابكة» ل «المصري اليوم» أن هناك العديد من التحديات التي تواجه صحافة البيانات في الوطن العربي، على رأسها غياب الشفافية وإتاحة حصول المعلومات والبيانات من المصادر الرسمية، مضيفًا أنه لا يوجد إلا خمس بلاد عربية لديها قوانين تنظم حق الصحفي في الحصول على المعلومات، إلا أن تطبيق هذه القوانين مازالت تفتقد للتفعيل الحقيقي.
وتابع أن غياب التشجيع الكافي من المؤسسات الصحفية يعتبر تحديًا آخر لهذا النوع من الصحافة، بالإضافة لضعف التمويل للقصص الاستقصائية القائمة على البيانات، وافتقاد صحفي البيانات العربي للدعم التقني المطلوب، والمتمثل في شراء العديد من الأدوات والبرامج التي يحتاجها في تحليل وتنقية البيانات.
وشدد «الشوابكة» على أن الصحفي العربي يجب أن يواجه هذه التحديات، ونشر قصص صحفية من خلال ما هو متاح من معلومات وبيانات، والعمل على تحليلها واستنباط نتائج قد تؤدي إلى تضارب في الأرقام، أو الكشف عن فساد في مؤسسة أو هيئة، واستغلال الإنترنت كوسيلة هامة ومفتوحة للحصول على المعلومات من كافة أنحاء العالم.
صحافة البيانات في الجامعات
قالت نهى بلعيد، أستاذة الصحافة بجامعة منوبة بتونس، ورئيسة تحرير المرصد العربي للصحافة، إن التطور الذي يشهده سوق العمل في الحاجة لصحفيين بيانات، يدفعنا لتطوير المناهج التعليمية بالجامعات، حتى يكون خريجي جامعات الصحافة والإعلام مؤهلين لذلك.
وأضافت «بلعيد» ل «المصري اليوم» أن المشكلة التي تواجه إدخال صحافة البيانات في المناهج الجامعية، هو غياب الأساتذة والأكاديميين المؤهلين لتدريس هذه المناهج الجديدة، مؤكدة أن أحد الحلول المطروحة هو أن يقوم المهنيين والمدربين العاملين بمجال صحافة البيانات بتدريس هذه المناهج عوضًا عن الأكاديميين.
وشددت «بلعيد» على أهمية التشبيك والتواصل بين كليات الصحافة وكليات الحاسبات والهندسة في إنتاج مشاريع مشتركة خاصة بصحافة البيانات، موضحًا أن هناك تجربة تونسية بهذا الشأن، بالمعهد العالي لفنون الملتيميديا بجامعة منوبة، والتي أعلنت عن دبلومة لهندسة وسائل الإعلام، والتي تحتوي على تخصصات عديدة منها تصميم وإنتاج وتمثيل البيانات بصريًا.