حينما تتأمل الاحداث قليلا لابد وان تشعر بان هناك عوامل غير طبيعية تساعد السياسة الامريكية حتى ان كثيرا من الساسة الامريكان يؤمنون بان القدر يساعدهم على تنفيذ خططهم ولهذا كانت للعوامل الغيبية او الاساطير المتوارثة تاثيرا كبيرا على مواقفهم السياسية ولكن هل صحيح القدر يقف مع الامريكان وهل تلك العوامل الغير طبيعية مرجعها الى قوى الخير ام الى قوى شريرة شيطانية حينما تجد موروثا شعبيا له علاقة بالقوى الغيبية اذا ما وضعت نفسك فى موقف من يؤمن بهذه الموروثات ربما تفهمت سبب تصديقهم لها وذلك حينما يبنى المرء معتقده على حدث وقع فى اعقاب حدث اخر وربط هو بين الحدثين ولا رابط بينهما وانما هو الخيال الشيطانى الذى لا يعتمد على واقع محسوس وذلك مثل من يتشائم مثلا من يوم الجمعة فاذا وقع له اى حدث سئ يوم الجمعة ارجع ذلك الى اليوم نفسه وازداد يقينا بان يوم الجمعة يوم مشئوم وهو عكس ما ارشد اليه الدين بالكلية وانما هذا الذى يتشائم من يوم الجمعة اوقع نفسه فريسة فى ايدى الشيطان الذى سهل عليه ان يوقعه فى كل ما يضرة ويسيئه فى ذلك اليوم حتى يزداد يقينا بمعتقده الباطل وكثيرا من الناس يأخذون الدين عن طريق تلك التجارب الشيطانية وذلك حينما يقوم بعمل لا يدرى اهو عمل صائب شرعا ام غير صائب فاذا اقدم عليه حدث له شيئ سيئ فاذا به يتأكد ان هذا العمل الذى قام به واعقبه ما ساءه واضره عمل غير صائب شرعا والشرع لا يؤخذ من مثل هذه التجارب ومن يفكر بهذه الطريقة يوقع نفسه فى مكائد الشيطان قس على ذلك كثيرا من المعتقدات التى يرى معتقدوها انهم جربوها بانفسهم فالتجربة ما هى الا تدخل شيطانى عقب حدث معين وما على الانسان الا ان يربط بين الحدث وما اعقبه حتى يخرج من ذلك بمعتقد لا دليل عليه فاذا كان ذلك يحدث لمن اكرمهم الله بكتاب من عنده فيه تفصيل كل شئ فما بالك بمن كان كتابهم لا يحوى اى تفصيلات عن الصواب والخطأ والحق والباطل وانما يعرفون كل ذلك من خلال مثل تلك التجارب التى يتلاعب الشيطان باصحابها اذا نظرت الى الاحداث السياسية فى الثلاثين عاما الاخيرة تجد احداثا لا يمكن ان تكون من عمل الانسان ومع ذلك كلها تصب فى صالح السياسة الامريكية على وجه الخصوص والمدهش ان المخططين الامريكيين يعون جيدا كيف يتعاملون مع تلك الاحداث التى تقع دون تخطيط منهم ولكنها تسير فى صالحهم فيؤدى ذلك الى احداث تختلط فيها العوامل الانسانية مع العوامل غير الانسانية التى يرجعها الامريكان الى قوى خيرة تراهم الاصلح لحكم العالم ولكنها فى الحقيقة قوى شيطانية شريرة تستعملهم لتحقيق اهدافها الاتحاد السوفيتى قام بغزو افغانستان فى عام 79 وفى نفس هذا العام قامت ثورة شيعية فى ايران وفى نفس هذا العام قامت حرب بين ايران والعراق كان طبيعيا ان استراتيجية امريكا فى الرد على الغزو السوفيتى هو باثارة المشاعر الدينية دون غيرها وفى تحفيز الدول الاسلامية على مساعدة المجاهدين الافغان بسبب الرابط الدينى دون غيره ولكن اثارة مثل هذه المشاعر كما هو خطر على السوقيت فهو خطر على الامريكان والغرب كذلك وهنا نرى كيف تدخلت عوامل غير طبيعية لحماية الامريكان من هذا الخطر وذلك من خلال الثورة الايرانية فوجود مثل هذه القوة الشيعية لتفصل بين المجاهدين الافغان والدول العربية كان مهما حتى لا تنتقل اثار الجهاد الافغانى الى الدول العربية فايران الشاة كانت متحالفة مع الامريكان وكان من الطبيعى ان يطلبوا منها مساعدتهم فى الجهاد الافغانى ونقل المجاهدين عبر اراضيها وهو ما لن يؤدى الى انتشار المشاعر الدينية الجهادية بين العرب فقط بل وبين الايرانيين ايضا وهو ما كان يمكن ان يؤثر على قوة المذهب الشيعى نفسه فى الوجدان الايرانى العام لذلك كانت تبدو الثورة فى غير مصلحة الامريكان ولكنها فى الحقيقة كانت لمصلحتهم الاكيدة لقد كانت المساعدات العربية للمجاهدين الافغان مجرد مساعدات حكومية واما على الصعيد الشعبى فكانت محدودة لبعد المسافة وصعوبة الاتصال اما اذا كانت هذه الحرب بالقرب من الدول العربية وتم احياء المشاعر الدينية بالقرب من العرب لانتقلت تلك المشاعر بسرعة البرق اليهم واصبح العرب جميعا او غالبيتهم نسخة من اسامة بن لادن وايمن الظواهرى ولما احتاجوا ساعتها لتكتيك الارهاب الذى لا يلجأ اليه الا المستضعفون وليست الدول والشعوب اما حرب ايران والعراق فكانت بتخطيط امريكى فالامريكان هم الذين شجعوا صدام حسين على مهاجمة ايران خوفا من تهديد ايران لمنابع البترول فى الخليج وهنا تداخلت العوامل الانسانية مع العوامل غير الانسانية فالثورة لم تكن بتخطيط امريكى لكنها بالتاكيد فى مصلحة امريكا بالاخص فى الحد من تاثير الجهاد الافغانى على المسلمين جميعا سنة وشيعة اما الحرب العراقية الايرانية فكانت بتخطيط امريكى لمنع التهديد الايرانى لمنابع البترول. فى عام 86 كشف عن قضيحة ايران جيت وفى نفس العام ظهرت بوادر تفكك الاتحاد السوفيتى فضيحة ايران جيت ادت الى هزيمة ايران وقبولها بوقف اطلاق النار بعد ذلك بعامين وهو ما اغضب الساسة الغربيين كثيرا ولا زلت اذكر تصريح وزير بريطانى فى معرض رده على الصحفيين فقال الجميع يتحدث عن وقف اطلاق النار وقف اطلاق النار وقف اطلاق النار وقف اطلاق النار قالها اربع مرات بما يدلك على مدى الضيق الذى اصاب الغرب من توقف الحرب العراقية الايرانية لما يسببه ذلك من تهديد للخليج ولاسرائيل ايضا من كلا الدولتين ولكن توقف الحرب كان فى صالح الامريكان بعد ذلك حينما سقط الاتحاد السوفيتى واصبح لا مسوغ لاستمرار حلف الاطلسى الذى كان موجها لحلف وارسو الذى انهار لتوه الامريكان كانوا يخوفون اوروبا من العراق وايران معا لانهما اصبحا مصدر تهديد لمنابع البترول المغذية لاوروبا ويبدو ان صدام اعتقد انه سوف يساعد ذلك التوجه الامريكى حينما يجعله حقيقة واقعة فاقدم على غزو الكويت تلك الخطوة التى بالتاكيد اسعدت امريكا لكن رد فعلها لم يكن هو ما توقعه صدام حسين الذى اعتقد ان امريكا ستعمل على ابقاء الوضع على ما هو عليه حتى تستغل ذلك فى تخويف اوروبا والابقاء على حلف الاطلسى بقيادتها ولكن امريكا كان لها مخطط اخر وهو تحرير الكويت واحتلالها مع السعودية بدلا من صدام حسين وبدلا من ان يسيطر هو على منابع البترول سيطرت هى عليها وحينما اكتشفت اوروبا ذلك سارعت كل الدول بسحب قواتها لكن امريكا بقيت فى الخليج وظلت تستعمل تلك الورقة للضغط على اوروبا طوال فترة التسعينات خطوة صدام بغزو الكويت هى من تلك العوامل غير الانسانية التى ساعدت امريكا ليس صحيحا ان صدام كان عميلا لامريكا او انه كان متفقا معها على كل ما حدث فذلك لا يمكن ان يصدقه عقل وانما هو الشيطان الذى ادخل فى راس صدام تلك الحسابات غير الواقعية والمدهش ان صدام فعل كل شئ فى صالح امريكا من اول الغزو الى الافراج عن الرهائن الغربيين جميعا الى استمرار الحرب اربعين يوما حتى قضت امريكا على قواته الاساسية ثم الانسحاب بدون اى مواجهات برية حقيقية مما جعل الحرب تنتهى بدون خسائر غربية تذكر رغم ان كل الخبراء كانوا يؤكدون ان خسائر الامريكان والغرب لابد وان تتخطى العشرة الاف جندى تداخلت العوامل غير الانسانية التى ادخلت فى راس صدام كل هذه الخزعبلات مع العوامل الانسانية التى هى مخطط امريكا فى الرد على الغزو واستمرار بقاءها فى الخليج مسيطرة على منابع البترول لكن كان الوضع فى الخليج لا يتحمل الاستمرار على ما هو عليه اكثر من ذلك فالوكالة الدولية والمفتشين الدوليين والعالم كله بدا يسأم ذلك الحديث عن اسلحة دمار شامل لم ير لها اثر لابد من طريقة اخرى تكون بديلة عن تلك الحجة التى استنفذت كل فرصها طريقة ما تسمح لامريكا باستمرار وجودها فى الخليج مع سيطرتها على منابع البترول بينما كانت امريكا تفكر فى تلك الطريقة قامت انتفاضة فلسطينية جديدة وانتشرت صور الاطفال الفلسطينيين القتلى برصاص الاحتلال الاسرائيلى وهو ما الهب مشاعر بضعة نفر من الشباب المسلم الذى فكر فى طريقة ما تثأر من ذلك العدوان الاسرائيلى وبالطبع كانت نقمتهم على امريكا حامية اسرائيل اكبر من نقمتهم على اسرائيل نفسها وحينما فكروا فى ضرب امريكا كان فى تصورهم حادث برج التجارة العالمى فى 93 وكان فى تصورهم ايضا من قام او مول هذه العملية وهو اسامة بن لادن وحينما حذر مبارك الامريكان من ان هناك هجوما بالطائرات المدنية سوف يوجه الى امريكا لم يحرك الامريكان ساكنا لذلك يتسائل المرء هل تلك العملية بالذات من العوامل الانسانية يعنى المخطط لها من قبل الامريكان ام من العوامل غير الانسانية اى من الشيطان ام انها من الاثنين معا فحينما علم الامريكان بها وجدوا انها فرصة جيدة لهم لتكون بديلا عن مسالة محاصرة العراق والبحث عن اسلحته للدمار الشامل وبالفعل وقعت احداث سبتمبر كما لم يكن ليتخيلها لا اسامة بن لادن ولا احد من منفذيها وهنا كانت فرصة امريكا لتمارس كل السلوكيات العدوانية والتوسعية دون ان يعترض احد فى العالم ويكون لاعتراضه اى صدى يعنى تستطيع ان تقول ان صدام حسين واسامة بن لادن انقذا امريكا من ورطتها المتمثلة فى انتفاء وجود مبرراتها لقيادة العالم الغربى ومن ثم العالم كله وطوال العقد الاول من الالفية استعملت امريكا احداث سبتمبر كمبرر لسياستها التوسعية والحفاظ على بقائها الدولة العظمى الوحيدة فى العالم ولكن ايضا تلك الورقة ورقة محاربة الارهاب اصبحت مملة وكاد العالم ان يسأمها كما سأم ورقة محاصرة صدام والتفتيش الدولى عن اسلحته للدمار الشامل فما العمل ؟ هل الثورات العربية من العوامل الانسانية اى بتخطيط امريكى ام انها بتخطيط شيطانى ؟ لاادى كيف استطاع كثير من المشايخ ان يجمعوا بين رفضهم لما اقدم عليه بوعزيزى من حرق نفسه وبين نتيجة ذلك وهى الثورات المتتالية هل يمكن ان يرضى عنا الله فيكرمنا بثورة عربية شاملة من خلال عمل يوقن كل مسلم انه يغضب الله غضبا شديدا هل رضى الله عنا بما يغضبه ؟ ام ان الثورات العربية هى ورقة جديدة ستستعملها امريكا كمبرر لاستمرار هيمنتها وبذلك يكون بوعزيزى ثالث ثلاثة صدام وأسامة وبوعزيزى