لأننا نحب هذا الوطن فاننا نخاف عليه ، لا لأنه وطننا الذى ولدنا فيه بل لأنه ولد فينا وكبر حبه معنا كلما كبرنا ، ثم اننا نخاف عليه من كل سوء فنخاف عليه من الجهل ومن المرض ومن سوء المعيشه ومن الفتنة الطائفيه . وفى الحديث عن الفتنة الطائفيه ينتاب المرء شعور خاص بالمسؤوليه ، وحقيقة الأمر أننى كلما كتبت ليقرأ الناس شعرت بالمسؤوليه لكن هذه المسؤولية أكبر وأشد خطرا ، ولهذا سأتحرى الدقة فى كل كلامى عن هذا الملف وسآتى لكم بالمصادر التى تجعل كلامى موثقا . لأننى اتفقت معكم فى مقال الاسبوع الماضى أننا سنفتح ملفات الفتنة الطائفيه لنحاول الاشتراك فى تقديم حلول جوهرية لها لا ظاهريه ، فسأتكلم اليوم فى حادثة شغلت الرأى العام المصرى فترة من الزمن حتى هدأت قليلا لكن آثارها لا تزال معلقة فى النفوس وتنتظر من يشعلها مرة أخرى . هذه الحادثة هى احدى الحوادث التى تتهم فيها الكنيسة المصرية باختطاف فتاة أسلمت واخفاءها فى مكان ما وربما قال البعض قتلها . وفاء قسطنطين امرأة مصريه من مدينة شبين الكوم التابعه لمحافظة المنوفيه تزوجت من مجدى يوسف عوض الذى عين كاهنا بكنيسة بمدينة أبو المطامير بمحافظة البحيره ، تشاهد وفاء قدرا فى يوم من الأيام برنامج الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم للدكتور ''زغول النجار‘‘ فتتأثر بكلامه وتسأل أحد زملائها من المسلمين فى العمل فأمدها بالكتب ثم أسلمت وأعلنت اسلامها بعد سنتين من الاسلام سرا . بعد اعلان اسلامها هربت من سكنها بمساعدة زميلها المسلم وهنا تبدأ الفتنه ، تقوم مظاهرات مسيحية غاضبة فى البحيره والقاهره اجتجاجا على اسلامها واختفاءها باعتبراها زوجة لكاهن مسيحى ، لم يقف الأمر عند هذا فوفقا للحوار الذى نشرته المصرى اليوم فى عددها الصادر بتاريخ 3/3/2010 مع منير فخرى عبد النور القيادى الوفدى قال منير حرفيا ''أيام أزمة وفاء قسطنطين كنت عائدا ليلا من وادى النطرون بعد مقابلة البابا شنوده وقد فشلت فى إقناعه بالعودة إلى القاهرة بعد أن قرر الاعتكاف ورفض العودة إلا بعد عودة وفاء قسطنطين، وكنا على مشارف عيد واعتكاف البابا وعدم عودته كان سيتسبب فى أزمة أكبر، فاتصلت بالدكتور زكريا عزمى الذى تدخل ولم يهدأ له بال إلا بعد أن أجرى اتصالاته وتأكد من وجودها فى إحدى مديريات الأمن وأمر بتسليمها للبابا شنودة فى دير وادى النطرون‘‘ . غضب كثير من المسلمين فى مصر واتهمو الحكومة بالتقصير فى حماية (امرأة مسلمه) وتسليمها للكنيسة لتعاقبها على اسلامها وتجبرها على العودة الى المسيحيه ، وفقا لما نشره موقع مصراوى فلقد تم تسليم قسطنطين إلى الكنيسة القبطية حيث احتجزت لعدة أيام في بيت للراهبات بمنطقة النعام شرق القاهرة قبل أن تنقل إلى دير الأنبا بيشوي هي وأسرتها، حيث التقت البابا شنودة الذي قرر تعيينها مهندسة في الكاتدرائية وعدم عودتها مرة أخرى إلى بلدتها في أبو المطامير بمحافظة البحيرة‘‘ ومن يوما لم تظهر وفاء قسطنطين حتى الآن . بعد ذلك بفترة ليست ببعيده قال الدكتور زغلول النجار فى حوار له مع صحيفة الخميس أن السيدة وفاء قسطنطين قتلت في وادي النطرون وأنه علم بطريقة غير مباشرة أنهم - الاقباط - قتلوها لأنها رفضت أن ترتد عن الإسلام ، وتابع '' أنا قمت بإهداء أخر كتاب لي إليها وسميتها شهيدة العصر لأنها أثبتت بإعتزازها بتوحيد الله سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله الواحد الاحد هو أفضل منا في الوجود وهي قالت في أخر مؤتمر صحفي "أنا أسلمت بسبب مقال د.زغلول النجار وهذا يكفيني شرفا". فى 15/9/2008 وكما نشر المصرى اليوم ومصراوى أن البابا شنوده قد أمر بظهور وفاء قسطنطين على فضائية (اغابى) القبطيه للتأكيد على أنها لم تقتل ، بعد ذلك بفتره ظهر تكذيب للخبر وقال الأنبا مرقص المتحدث الاعلامى باسم الكنيسة للعربيه بأن الأمر ما زال موضع التشاور. فى تحليل القصة كلها يمكننى أن أقول فى نقاط محدده : ■ علينا أن نعلم جميعا أن مصر فوق الجميع ويجب علينا تحرى مصلحة الوطن قبل أى فعل أو قول يمكن أن يساهم ولو بشكل بسيط فى افساد هذا الوطن. ■ لن يزيد المسلمون اسلام واحدة أو ينقص من الأقباط ليتعصب هؤلاء أو هؤلاء. ■ اسلام أى شخص أو تنصره يعتبر حرية شخصيه لأى شخص فى مصر طالما أن مصر لا تحكم بنظام الدولة الاسلاميه المتكامل وطالما أن الدستور لا يمنع ذلك. ■ قضية وفاء قسطنطين أو غيرها تعتبر من قضايا حقوق انسان فى المقام الأول بغض النظر عن اسلامها من عدمه ، واحتجاز أى مواطن بدون وجه حق هو جريمة يعاقب عليها القانون ، وبالتالى فلا أستطيع فى هذا المقام أن ألوم السلفيين على مظاهراتهم من أجل وفاء أو كاميليا أو غيرهما لأنهم يطلبون باظهارها لتعلن عن ديانتها بحرية تامه دون اكراه أو تهديد . ■ اذا كانت وفاء لم تقتل وتعيش بكامل حريتها حياة طبيعيه وهى تدين بالمسيحية كما صرح البابا شنوده على التليفزيون المصرى فى حوار أذيع ونشر على الانترنت أيامها ، فما الذى يمنع من ظهورها لتقول ذلك؟ ■ الحديث عن أن هؤلاء السيدات لا يردن الظهور فى الاعلام وأن هذه حرية شخصيه هو درب من دروب السفه ، اذ كيف يقال مثل هذه الهراء فى وقت قد يؤدى فيه عدم ظهورهن الى اشعال لنيران فتنة حقيقية تدك فى عضد هذا الوطن وتؤخره الى الوراء خطوات بل ربما تمتد آثاره الى فترات طويله لا يعلم مداها الا الله. ■ لماذا تراجعت الكنيسة عن قرار ظهور وفاء قسطنطين والعودة للتشاور؟ ■ الحديث عن مقتل وفاء قسطنطين يخرجنا من حيز الحديث عن الاحتجاز أو الارهاب الى جرائم القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد وفى هذا يجب التحقيق الدقيق من النيابة العامه. ■ سنكمل الحديث فى هذا الملف الخطير فى مقال الاسبوع المقبل ان شاء الله فانتظرونا . ■ فى نهاية المقال لا أجد أروع من هذه الآيات الكريمات التى علمنا فيها ربنا كيفية احترام حقوق الانسان حقا لا مجازا يقول ربى '' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‘‘ بقلم : أحمد شلبى