مؤتمر«الشمول المالى» يعزز البرنامج الوطنى للتنمية: القيادة السياسية تراهن على «المركزى» لدعم «الإصلاح».. والقاهرة تعرض رؤيتها للمستقبل

ترتكن الدول القوية فى تنفيذ سياستها على مؤسساتها التى تتمتع بالثقة والقدرة على إحداث الفارق على الأرض، فى ظل منطق دولى لايعترف بالضعيف وإن كان حليفاً، ويحترم القوى وإن كان عدوًا !. ويوما بعد الآخر يثبت البنك المركزى والقطاع المصرفى المصرى أن تلك القوة التى تراهن عليها القيادة السياسية فى مصر لخدمة قضية الإصلاح الاقتصادى والوقوف على برنامج وطنى للاستدامة المالية، فى ظل مرحلة فارقة من تاريخ وطن بات بعد سنوات من عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، أكثر ارتكازا على محاور تتعلق بالعمل الزائد وتقليل الاستهلاك ومنح فرصة لمؤسسات الدولة لإحداث تغيير. فالبنك المركزى استضاف نهاية الأسبوع الماضى مؤتمر التحالف الدولى للشمول المالى فى مدينة السلام بشرم الشيخ لأول مرة فى دولة عربية، فى إطار استراتيجيته للمساهمة فى وضع مصر على الخريطة العالمية وتصدرها للمشهد الدولى، فى ظل الزخم والإشادة العالمية ببرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى استهدف إصلاح منظومة سعر الصرف، وإعادة بناء الاحتياطى من النقد الأجنبى، ليصل إلى أكثر من 36 مليار دولار، وترشيد الاستيراد من الخارج، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، والإصلاح الهيكلى لعجز الموازنة العامة للدولة. المؤتمر شهد اهتمام دولى كبير ومشاركة غير مسبوقة وصلت لنحو 700 وفد من 95 دولة، مما دفع بينو ندولو رئيس التحالف المنتهى ولايته ومحافظ بنك تنزانيا، للتأكيد فى كلمته الافتتاحية على إن مؤتمر هذا العام استثنائيًا من حيث المشاركة الدولية الكبيرة، واصفا مدينة شرم الشيخ ب «الجنة» ومشيدا بالتنظيم المصرى للمؤتمر.
الاهتمام المحلى أيضا كان على أعلى مستوى حيث حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء وكافة الوزراء ومجلس إدارة البنك المركزى بقيادة طارق عامر وكافة رؤساء البنوك ورؤساء مؤسسات الدفع الإلكترونى، وهو مايؤكد سعى الدولة جديا إلى السعى نحو تحقيق ونشر الشمول المالى والذى يساهم بشكل فعال فى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، ويدعمها فى ذلك انضمامها لمجلس إدارة التحالف الدولى للشمول المالى. ومثل المؤتمر فرصة جيدة لعرض رؤى الدولة على المستويين الاقتصادى والاجتماعى فى ظل التمثيل عالى المستوى بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، الذى أثقل من أهمية المؤتمر، وأكد على بدء الدولة فى جنى ثمار الإصلاح الاقتصادى، وهو ما ظهر فى المؤشرات الاقتصادية المختلفة للدولة وكان على رأسها زيادة معدلات النمو الاقتصادى لتصل إلى 4.9% خلال الربع الأخير من العام المالى الماضى.
وتمكن المؤتمر من إرسال العديد من الرسائل الهامة والمحورية عن وضع الاقتصاد المصرى وقدرته على العودة مجددا لخريطة الاستثمار العالمى من خلال الإصلاحات المالية والنقدية التى تم اتخاذها إلى جانب الإصلاحات التشريعية.
وأكد المشاركون على استعادة مصر ثقة المؤسسات الدولية للاستثمار فيها وظهر ذلك عبر تمكنها من جذب استثمارات أجنبية فى أدوات الدين الحكومية تخطت 15 مليار دولار، مشيرين الى التزام مصر التام باستكمال خطوات الإصلاح إلى جانب قدرتها على تغطية كافة التزاماتها الدولية بفضل امتلاكها احتياطى نقدى قوى تخطى ال 36 مليار دولار للمرة الأولى فى تاريخه. كما بعث المؤتمر رسالة للعالم أن شرم الشيخ مدينة السلام وأن مصر آمنه وقادرة وأن مؤسساتها الأمنية قادرة على حماياتها، فى ظل الإعجاب الكبير من الوفود المشاركة والتى وصفوها بجنة الله فى أرضه وهو ما يتطلب من مؤسسات الدولة استكمال مابدأه البنك المركزى فى التسويق للسياحة فى مصر والعمل على عودتها سريعا. وشهد المؤتمر العديد من الفعاليات كان أبرزها توقيع مبادرة الاتفاقية العربية للشمول المالى، بين كل من التحالف الدولى للشمول المالى، وصندوق النقد العربى، والوكالة الألمانية للتعاون الدولى، بالإضافة إلى توقيع البنك المركزى مذكرة تفاهم تُعد الأولى من نوعها مع المجلس القومى للمرأة، بهدف تنظيم التعاون بين الطرفين فيما يتعلق بدعم وتمكين المرأة المصرية اقتصاديًا وماليًا، من أجل منحها فرص عادلة ليكون لها دور فعال فى المجتمع المصرى.
وتأكيدا على دور مصر فى دعم المرأة اختيار التحالف الدولى للشمول المالى، مصر كنائب لرئيس لجنة متخصصة لشئون المرأة، ويمثل مصر فى التحالف لبنى هلال، نائب محافظ البنك المركزى المصرى. وناقش المؤتمر الذى عقد تحت عنوان «اكتشاف سبل التنوع وتعزيز الشمول المالى» أحدث سياسات الشمول المالى والأنشطة المتعلقة به على مستوى العالم، إلى جانب استعراض التنوع فى الخبرات والثقافات للدول الأعضاء فى التحالف.
كما صدر عن المؤتمر لأول مرة على مستوى العالم، ميثاق خاص بشأن دمج الشمول المالى وتغير المناخ والتمويل الأخضر تحت مسمى «ميثاق شرم الشيخ» وسيتم اضافته إلى مبادىء «المايا» للشمول المالى، وهو ينص على التزامات من شأنها مساعدة الدول فى التكيف مع الآثار المناخية والتخفيف من حدتها من خلال سياسات الشمول المالى، وهو معنى بالدول التى تعهدت بالالتزام بتعهداتها فيما يتعلق بمستويات قابلة للشمول، والتى حققت قفزة بنسبة 13% فى عدد المواطنين المشمولين بالخدمات البنكية مقابل 8% من الذين لم يقوموا بذلك.