وديع الصافى: مبارك كان صديقى ورغبته في توريث ابنه أنانية

«عظيمة يا مصر يا أرض النعم» بهذه الكلمات بدأ المطرب اللبنانى الكبير وديع الصافى حديثه ل«المصرى اليوم» معبرا عن مدى حبه واعتزازه وسعادته بالشعب المصرى بعد نجاح ثورة 25 يناير.الصافى أحد عمالقة الطرب فى لبنان والعالم العربى، وكان له دوره الكبير فى ترسيخ قواعد الغناء اللبنانى، وفى نشر الأغنية اللبنانية فى أكثر من بلد، وقد أصبح مدرسة فى الغناء والتلحين، ليس فى لبنان فقط، بل فى العالم العربى أيضًا، واقترن اسمه بلبنان وبجباله، وقد تجاوز من العمر 90 عاماً محطما رقما قياسيا فى عدد الأغنيات التى قدمها طوال مسيرته الفنية والتى تخطت 4500، أغنية ومازال يواصل عطاءه وغناءه حتى الآن، بل يستعد لطرح ألبوم جديد، كما طرح مؤخرا أغنية «أهل مصر» والتى أهداها للشعب المصرى بعد نجاح الثورة.
■ كيف تابعت أحداث ثورة 25 يناير؟
- إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، المقربون منى يعلمون جيدا مدى حبى لمصر لذا تابعت من خلال الفضائيات تطور الأحداث دقيقة بدقيقة، لدرجة أننى لم أغادر الغرفة لمدة ثلاثة أيام متصلة، ولم أتمالك نفسى عندما شاهدت منظر سقوط الضحايا الأبرياء الباحثين عن الحرية والحياة الكريمة لكنى مقتنع دائما بأن الحرية لها ثمن باهظ للشعوب، وفى النهاية سعيد جدا بالإنجاز التاريخى الذى حققه المصريون بثورتهم ومتفائل بالأيام المقبلة، وبالرغم من أن مبارك كان صديقى، فهذا لا يعنى أننى وافقت على استمراره فى الحكم لأكثر من 30 عاماً، هذا بخلاف رغبته فى توريث ابنه وكأننا فى عصر الملكية وهذا أعتبره أنانية، وهؤلاء الرؤساء لم يروا الشعوب بل اهتموا بأنفسهم فقط، وكان يكفى مبارك 10 سنوات وكان لابد أن يتنحى بعدها.
■ لذا بادرت بتقديم أغنية وطنية لمصر؟
- بالفعل، لكنى أحب أن أقول للمصريين بعد نجاح ثورتهم «عظيمة يا مصر يا أرض النعم»، أما أغنية «أهل مصر» فهى من كلمات دكتور نبيل خلف ومن ألحانى ويتم عرضها على الفضائيات حالياً، ويقول مطلعها « هقولك إيه تانى يا ليل.. على مصر الحلم الجميل.. ما أنا قلت لك وحلفت لك.. وحبى مش محتاج دليل»، والأغنية تحمل إيمانا بالشعب المصرى خاصة أن مصر لها الفضل على كل الدول العربية.
■ لماذا فضلت تلحين الأغنية بنفسك؟
- 99% من أغنياتى أضع ألحانها بنفسى، وبالتحديد الأغنيات الوطنية أفضل تلحينها لأننى أعبر من خلال اللحن عن مشاعرى بصدق شديد، والحمد لله لم يستغرق وضع اللحن سوى 10 دقائق فقط، واعتدت دائما على الصلاة قبل أن أبدأ فى أى عمل وأردد مقولة «اهدنى يا رب»، لذا الأمور تسير بسلاسة شديدة.
■ هل قمت بتغيير أى كلمات أثناء التسجيل كما اعتدت فى أعمالك السابقة؟
- لم يحدث أى تغيير فى الكلمات، لكنى دائما ما أقوم بإضافة أو تغيير أى كلمة فى الأغنية، خاصة أننى شاعر أيضا، ومسؤول عن كل كلمة أغنيها، لذا أتابع بدقة جميع مراحل الأغنية، ولا أغنى كلمة إلا إذا كنت مقتنعا بها، ولو أخطا الشاعر فى كلمة وقمت بغنائها أعتبر نفسى المسؤول، كما أننى سعيد بالتعاون مع الشاعر الموهوب نبيل خلف الذى أعتبره من أفضل الشعراء فى الوطن العربى، وقد تابعت خلال الفترة الأخيرة عددا كبيرا من الأغنيات التى كتبها، وأعجبت بها جدا خاصة الدينية، لذا لم أتردد لحظة فى الغناء من كلماته وقريبا سوف نكرر التعاون.
■ أثبت أن الحنجرة ليس لها عمر، بعد أن تخطيت التسعين ومازلت تغنى، فكيف تحافظ على صوتك؟
- أولاً حفاظى على صوتى أعتبره كرما من عند الله، كما أن الغضب و«الزعل» يؤثر بشكل أساسى على نقاء الصوت لذا عندما يشتد بى الغضب من أى شىء ألجأ للصلاة.
■ وديع الصافى يستمع إلى من من المطربين الموجودين حالياً؟
- مازلت أستمتع بأغنيات كبار المطربين مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وغيرهما من جيل العمالقة، بالإضافة إلى أبنائى لأنهم يسيرون على نهجى وما يخرج من القلب يدخل إلى القلب، وتوجد أصوات كثيرة جيدة من الجيل الجديد لكن لا يوجد هدف من الأغنية، لذا معظمهم يغنى للتسلية فقط، كما اختفت الألحان القوية، لكن هذا لا ينكر أن هناك ألحاناً جيدة.
■ تردد مؤخرا استعدادك لتقديم حفل غنائى فى مصر؟
- أتمنى ذلك، وعندما تستقر الأوضاع سأحيى حفلاً احتفالا بنجاح الثورة، وسأقدم خلاله جميع الأغنيات الوطنية التى قدمتها على مدار تاريخى الفنى، وسأدعى لمصر بالسلام والأمان لأنها رمز للأمة العربية، كما أننى مصرى الجنسية والروح، هذا بخلاف أن الجمهور المصرى ذواق مع كامل احترامى لباقى الشعب العربى.
■ ما أسباب فسخك لتعاقدك مع «روتانا»؟
- الشركة لم تلتزم ببنود التعاقد، فقد انتهت مدة التعاقد، ولم ينفذوا إلا ألبوماً واحداً فقط، وهو عبارة عن أغنيات قديمة أعدنا توزيعها وتسجيلها، والشركة تعاملت معنا بمنطق المط والتطويل، وكى تتخذ قرارا تستغرق عدة شهور حتى يصل رد رئيسها سالم الهندى.
■ لماذا لم تلجأ للقضاء؟
- رفضت استخدام هذا الأسلوب، وفضلت ترك الشركة فى هدوء، خاصة أننا كنا قد تعاقدنا على إنتاج ألبومات جديدة، بالإضافة إلى إعادة توزيع عدد من أغنياتى القديمة، ونظرا لقلة تكاليف إعادة توزيع الأغنيات القديمة طرحوا ألبوماً واحداً فقط، وتفاوض أبنائى معهم على تسجيل ألبوم جديد بأسعار أقل بكثير عما هو منصوص عليه فى التعاقد بعد أن خفضنا تكاليف الإنتاج، وبالرغم من ذلك رفضت الشركة، حتى الدويتو الذى سجلته مع نجوى كرم لم أحصل على مستحقاتى المادية من الشركة.
■ لماذا لم تلجأ للأمير الوليد بن طلال الذى تربطك به علاقة جيدة؟
- حدث ذلك مرة واحدة لكن الأمير حولنا إلى سالم الهندى، وسالم حولنا إلى فرع الشركة فى بيروت، وكأننى مثل كرة القدم، وأعتقد أن سالم الهندى رفض تنفيذ التعاقد الذى وقعناه من رئيس الشركة الذى يسبقه، هذا بخلاف أن الشركة فى ذلك الوقت كانت لديها مشاكل ودعاوى قضائية مع جمعية المؤلفين والملحنين فى فرنسا «الساسيم» مما عطل إعادة طرح الأغنيات مرة أخرى.
■ هل لديك مشاريع فنية أخرى؟
- تلقيت خلال الفترة الماضية أكثر من عرض لكننى أفاضل بينها حالياً، خاصة أن لدى ألبوما جاهزاً للطرح، وانتهيت أيضاً من اختيار كلمات وألحان ألبوم جديد من المقرر تسجيله خلال أيام، وبالرغم من أننى لدى القدرة على تلحين جمع أغنيات الألبوم فإننى فضلت التعاون مع ملحنين آخرين حتى أمنح فرصة للمواهب الجديد، خاصة أننى أحب التواضع، ولولا التواضع لما وصلت لما أنا فيه.
■ هل سيضم الألبوم أغنيات طويلة؟
- الألبوم متنوع ويضم عدداً كبيراً من الأشكال الموسيقية، والحمد لله لدى خبرة كبيرة فى هذا المجال، حيث إن رصيدى الغنائى يتخطى 4 آلاف أغنية حتى الآن معظمها من ألحانى، لكن للأسف لا يوجد لدى منها حاليا سوى 2500 أغنية فقط، نظراً لأننى عندما بدأت الغناء لم يكن هناك آلات تسجيل فكنت أقدم الأغنية مباشرة فى الإذاعة والحفلات فقط، وبالرغم من انشغالى بالحفلات فى عدد كبير من الدول العربية فإننى كنت حريصا على تقديم أكثر من أغنية جديدة كل أسبوع، والحمد لله كان ربنا يلهمنى دائما فمثلا لحن «أغنية عظيمة يا مصر» لم يستغرق منى سوى 10 دقائق فقط.
■ تردد أنك رفضت عروضاً لتقديم عدد من الدويتوهات مؤخرا؟
- بالفعل، لأننى انتقى واختار ما يناسبنى من المطربين كصوت وسمعة، خاصة أن هناك أصواتاً ضعيفة أصحاب مسيرات فنية سيئة، وبعد أن أتلقى عرضاً من مطرب أو مطربة أتناقش مع ابنى جورج وبعدها اتخذ قراراً بالقبول أو الرفض.
■ هل المنافسة قديماً كانت مختلفة عما يحدث حاليا فى الوسط الفنى؟
- المنافسة قديما كانت قائمة على الاحترام المتبادل، أما حاليا فأصبحت مثل الحرب بعد أن غابت القيم.
■ من هم أصدقائك من الوسط الفنى قديما؟
- أولهم محمد عبدالوهاب الذى اعتبره رمزاً للأناقة فى الفن والأداء، وكان صديقى ومؤمنا بموهبتى، وعندما ظهر فى أحد البرامج التليفزيونية وسأله المذيع عن أهم الأصوات فأجابه «وديع الصافى».
■ هل تأثرت بمحمد عبدالوهاب؟
- بالتأكيد، عبدالوهاب هو معلم الأجيال وسابق زمانه، وبصراحة استمتع بمعظم أغنياته، أما أغنيات الأفلام فبعضها يعجبنى، وهذا لا يقلل من شأنه، لأن أغانى الأفلام مرتبطة بموقف أو حدث، كما تأثرت بوالدى ووالدتى وخالى، خاصة أننا أسرة فنية لكنى الوحيد فيهم الذى احترف الغناء، وبالرغم من ذلك واجهت صعوبة فى بداية حياتى لإقناع أسرتى باحتراف الغناء.
■ ما الأغانى التى ترددها حاليا فى أوقات فراغك؟
- لا توجد أغنية محددة، وكل يوم على حسب حالتى، لكن الأغنيات الوطنية هى الأقرب إلى قلبى ومنها «الله يرضى عليك» و«عظيمة يا مصر»، والتى حصلت بعدها على الجنسية المصرية.
■ لماذا شاركت فى عدد قليل من التجارب السينمائية؟
- لدى خمس تجارب فقط، وأنا مطرب ولا توجد لدى أعصاب للسينما.
■ وهل السينما أضافت لكبار المطربين؟
- السينما مهمة فى عصر الصورة وأيضاً تحتفظ بالتراث الغنائى لكنها من وجهه نظرى أضعفت القوى، وقوت الضعيف.
■ تردد أنك اكتشفت عدداً من المواهب الغنائية وقدمتها للساحة؟
- بالفعل، وبالرغم من انشغالى الدائم فإننى كنت حريصاً على تقديم مواهب جديدة للساحة الفنية منها صباح التى أراها ممثلة أكثر منها مطربة.