(حسيت كأن أنور نازل عليا) هذا ما قالتة جيهان السادات عندما رأت الفنان أحمد زكى وهو يهبط السلم مجسدا لشخصية الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام فى فيلم أيام السادات، فكل من رأى هذا الفيلم وتأمل عبقرية تقمص الفنان أحمد زكى لشخصية السادات أشاد بالفيلم وأشاد بإمكانيات الفنان، ولكن ما يؤخذ على أحمد زكى فى هذا الفيلم هو إنتقاءه للمواقف التى يبدوا فيها السادات على صواب وذلك يؤكد لنا إنحيازة التام للسادات وعدم إلتزامه الحياد فى هذا الفيلم، فلابد لصانع الفيلم أو العمل السينمائى أن يكون محايدا حيث أن لكل منا مميزاته وعيوبه فنحن بشر ولسنا ملائكة لانخطىء ويجب على صانع العمل السينمائى ذكر هذا وذاك لكى يتوفر عنصر المصداقية للمشاهد، وأن يطرح وجهة نظرة الشخصية جانبا بعيدا عن العمل الدرامى، ففى فيلم أيام السادات على سبيل المثال تناول الفنان أحمد زكى أحداث كثيرة فى فترة حكم السادات فيما لا يزيد عن مشهد أو مشهدين وهذا يفقد المشاهد إحساسة بأهمية هذا الحدث وحجمة الحقيقى ومدى تأثيرة وبالتالى تضارب وجهات النظر فية، فمثلا أحداث إنتفاضة 77 والتى عرفت بإسم إنتفاضة الخبز وأطلق عليها السادات إسم إنتفاضة الحرامية، هذه الإنتفاضة التى حركها الشيوعيون عندما تم رفع الدعم عن السلع والمنتجات مما أدى إلى حدوث زيادة فى أسعار السلع الأساسية فجاءت هذة الإنتفاضة منددة بسياسة الإنفتاح عموما والتى طبقها السادات وقتها، حيث قامت عدة مظاهرات فى الشوارع والميادين العامة وتدخل الأمن المركزى لصدها وردعها مما جعل الشعب يرفض ذلك وحدثت إشتباكات عنيفة بين الأمم الموجودة بالشوارع والميادين وقوات الشرطة حتى عجزوا عن فض هذة الإحتجاجات و تطور الأمر إلى حرق الأماكن العامة وتدمير المترو والمنشآت وسرقة المحلات والمبانى الحكومية، الأمر الذى أجبر السادات أن يدفع بالجيش لتأمين البلاد وإعلان حالة الطوارىء وفرض حظر التجوال والتراجع فى قراراتة وإرجاع الدعم مرة أخرى، كل هذة الأحداث تم ذكرها فى فيلم أيام السادات فيما لا يتعدى الثلاث مشاهد فقط، الأول وهو قرار السادات مع الحكومة رفع الدعم والثانى مجموعة لقطات أرشيفية للإنتفاضة يراها السادات بالطائرة والثالث عندما كان يجلس السادات مع جيهان مقررا رفع الدعم، إن من لم يعاصر هذة الأحداث ولا يعلم عنها لا يستطيع من خلال هذة المشاهد البسيطة فهم الحدث بحجمه الحقيقى، وعلى هذا النهج فإننا نجد العديد من القضايا التى تم تناولها بهذا الإسلوب أو لم يتم التطرق لها أصلا مثل قضية الفنية العسكرية وهى أول إنقلاب عسكرى مسلح فى فترة حكم السادات، وحقيقة ضربة لليبيا ودخول معركة مع القذافى عرفت بإسم معركة الأيام الأربعة والتى تم إنهاءها بعد تدخل الدول العربية لفض النزاع، وأسباب تهديدة لأثيوبيا بضرب منابعها للنيل بالطيران المصرى إذا حدث منها خطوات لبناء سدود على مجرى النيل وقد جائت هذة التصريحات من أثيوبيا عندما أعلن السادات فى حيفا إعتزامه توصيل مياه النيل لإسرائيل وبدأ بعدها فى شق ترعة السلام فعلا، والعديد والعديد من الأحداث الهامة مثل تفاصيل مباحثات كامب ديفيد ومباحثات السلام السرية مع إسرائيل، ومصطلح دولة العلم والإيمان ولقب الرئيس المؤمن الذى منحة لنفسة وأحداث الزاوية الحمراء وموقفة منها وخطاب سبتمبر 1981 الشديد اللهجة حيث تم إيجازة بشكل شديد جدا كما أن قرار التحفظ لم يتم تناولة سوى من وجهة نظر السادات فقط وتبريراتة لة ولم يعرض وجهات النظر الأخرى وأخيرا تفاصيل الإغتيال فى العرض العسكرى وكيف حدث. يحسب للفنان أحمد زكى أنة إستطاع أن يخرج هذا العمل الفنى الرائع للنور رغم كل المشاكل المادية التى واجهتة والتى أضطرتة لبيع شقتة وشرائة شقة أخرى صغيرة ليتسنى لة إستكمال تكاليف الفيلم، والأسوء أن الفيلم تعرض بعد ذلك للسرقة أثناء عرضة مما جعل الإقبال علية فى السينمات ضعيفا، كما أن الفيلم منع من عدة مهرجانات دولية بسبب رفض أحمد زكى حذف أى مشاهد تتحدث عن القضية الفلسطينية تغضب اللوبى الصهيونى، وأيضا رفض عدة دول عربية عرض هذا الفيلم بسبب مشاكل شخصية مع السادات لا ذنب لأحمد زكى فيها، فبالرغم من كل هذة العوائق إلا أن أهم ما يحسب لأحمد زكى أنة أعطى تفصيلا كبيرا عن حياه السادات قبل الحكم وقتلة لأمين عثمان وذكرياتة مع الزنزانة 54 مما جعل الفيلم طويلا جدا ووجب إيجازة فى الأحداث الأخيرة. فى عام 1983 قامت هوليوود بإنتاج مسلسلا عن السادات بعنوان (سادات) تحدثت فية عن أحداث الحرب والسلام التى قام بها السادات ولم نتطرق نحن ناحية هذة الخطوة إلا عام 2001 وبمبادرة شخصية من الفنان أحمد زكى وهنا تكمن المشكلة، فالمشكلة تكمن فى غياب المنظومة وقلة وبطىء الأعمال السينمائية بالمقارنة بهوليوود والتى تقوم هى بتوثيق تاريخنا أسرع مما نوثقة نحن وليس الفارق بيننا وبينهم هو السرعة فقط ولكن فى أن أعمالهم أكثر إنتشارا من أعمالنا ويتم تناولها برؤيتها هى (الغرب)، والسؤال الأن هو: هل سوف يتسنى لنا أن نحظى بهذة الصفات يوما ما؟