شهود عيان يكشفون ملامح «الانتحارى» فى طنطا

فى قاعة 2 بقسم العظام بمستشفى طنطا الجامعى يرقد عماد بهجت توفيق على سرير مقابل للسرير الذى يرقد عليه نجله، بعدما أصيب الاثنان فى حادث تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا أثناء صلاة عيد «أحد الشعانين».
وقال «توفيق» ل«المصرى اليوم»: كنت أقف فى الصف الثانى وابنى ديفيد، شماس، وشاهدت شاباً شعره كثيف وأشعث ولون بشرته أسود داكن ويرتدى جاكت أسود له سوسته مغلقة ووسطه منتفخ قليلا ويضع يديه الاثنين فى جيبه ويجرى مندفعا فى طرقة وسط الكنيسة متجها ناحية الكرسى الباباوى بين مكان الشمامسة والمصلين وكان شكله مريبا وينظر ناحية الهيكل ولا ينظر للمصلين.
وأضاف: الغريب أنه لم ينتبه له أحد من الأمن الذى يقف أمام الكنيسة وحاولت أن أخرج لأسأله «انت مين؟» لكن للأسف لم تمر سوى لحظات خاطفة وتحركت خطوة واحدة وانفجر هذا الشخص أمام عينى واهتز المكان ولم أشعر بنفسى إلا وأنا على الأرض وأتربة صفراء كثيفة ودخان يغطى المكان.
وتابع: الأمن كان بيفتشنا إحنا المسيحيين ومش عارف إزاى شخص زى ده يعدى بسهولة كده ويدخل جرى للكنيسة، وتحاملت على نفسى وتوجهت للبحث على ابنى فوجدت جثثا كثيرة على الأرض وأشلاء متناثرة فى المكان وابنى والشمامسة غارقين فى الدماء.
وأوضح أن نجله ديفيد 16سنة مازال يرتدى ملابس الشمامسة البيضاء ملطخة بالدماء، وتابع: «إحنا كنا واقفين مركزين فى الصلاة ووقت دخول الحمل سجدنا ووقفنا مرة ثانية للبدء فى قراءة الأناجيل ضمن طقوس الصلاة وفجأة سمعنا صوت انفجار مدوى وسقطت على الأرض ووجدت الدماء تسيل من كل مكان ولم أتمكن من تحريك قدمى وظللت أنادى على أخواتى الشمامسة وعلى أبى ولم أسمع سوى أصوات ضعيفة وصرخات وأنين وفجأة لقيت حجارة مشتعلة تسقط أمامى وصوت سيارات المطافئ والإسعاف تملأ المكان فزحفت حتى وصلت لكنبة وتشبثت بها وجلست عليها حتى حضر أبى وبعده الإسعاف».
وأضاف عبدالسيد مكرم عبدالسيد، 50 سنة أحد المصابين: «كنت ضمن الشمامسة ومشغولين بالصلاة ونشعر بالأمن لأننا بين يد الرب وفجأة سمعنا صوت انفجار قوى أصم آذاننا وسقطنا على الأرض والدنيا ضلمت أمام أعيننا وكنت حاسس بدخان كثيف ولقيت أخويا الشماس جنبى مصاب وكله دم وحاولت أفوقه لكن للأسف مقدرتش وعرفت أنه مات ولقيت أشلاء حولى فى كل مكان وأنا مش قادر أتحرك لأن رجلى كانت مصابة جدا وبتنزف، مش عارف ليه بيقتلونا ده إحنا كنا بنصلى وندعى لهم وربنا قال «أحبوا أعداءكم» لكن هم حتى مش بيحبوا نفسهم وبينتحروا».
وانفعل أحد الشباب غاضبا: «لازم وزير الداخلية يتشال دى أقل حاجة تبرد جرحنا لأن من 10 أيام كان فى عمليات إرهابية كبروفة، ونفس الكنيسة كان فيها قنبلة تم العثور عليها، واضح إن فى حاجة هتحصل فى طنطا ليه الأمن مأمنش الكنائس كويس وهو عارف إن عندنا عيد وكلنا هنروح الكنائس؟»، وتابع الشاب: «مافيش صلاة عيد فى طنطا قبل ما نأخد حقنا».
وقال أندروا مشيل فؤاد، طالب بالثانوية العامة: أثناء الصلاة وقع الانفجار «ومحستش بنفسى» ووجدت الدماء على وجهى وقام بعض المتواجدين بنقلى للمستشفى وأصيبت ببعض الشظايا بالعين وتم عمل الإسعافات لى بالمستشفى».
وقال روبير توفيق: «توجهت إلى كنيسة مارجرجس، صباح أمس، بصحبة بعض أقاربى ودخلنا إلى قاعة الصلاة وأثناء تواجدى فى الصفوف الأولى أمام الهيكل شاهدت شخص يسير بسرعة يدخل القاعة يرتدى» جاكيت أسود وشعره منكوش غير مهندم الملابس شكله مش طبيعى يثير الانتباه والريبة وبعدها وقع الانفجار فى ثوانى وتحولت القاعة إلى جحيم لا يطاق.. صراخ وبكاء وعويل وسقطت على الأرض من شدة الانفجار.
وداخل جناح الحالات الحرجة ترقد هنية يوسف 60 سنة داخل غرفة الحروق مصابة بحروق من الدرجة الأولى بالوجه والقدمين والذراعين، وقالت إنها توجهت إلى الصلاة فى الساعة 8 صباح أمس، وأثناء جلوسها فى الصفوف الأمامية وقع الانفجار وأصيبت بحروق فى الوجه والذراعين ولم تقدر على الوقوف للخروج نتيجة كبر سنها وتم نقلها بالإسعاف إلى المستشفى لتلقى العلاج، وأضافت: «الأمن الموجود مش فالح غير يفتش واحدة ست زى حالاتى عندها 60 سنة وترك الجانى يدخل يفجر نفسه».
ونددت ابنة المصابة بسوء الإجراءات الأمنية المتبعة بالكنيسة قائلة: الأمن رفع البوابات الإلكترونية عن مداخل الكنيسة فى أهم يوم وهو «عيد الزعف» وعمرنا ما سمعنا إن فى ملهى ليلى انفجر وتساءلت: فين الأمن، أمناء الشرطة قاعدين يشربوا ويهزروا مع بعض وسابوا البوابات».
ومن جانبه، قال الدكتور محمود هلال، طبيب الطوارئ بالمستشفى، إن الحالات التى تم استقبالها عبارة عن حروق متفرقة بأنحاء الجسد، وهناك حالة لرجل مصاب ببتر فى الطرف السفلى، فضلا عن إصابة الضحايا بكسور وكدمات، واستقبل المستشفى 4 حالات وفاة أحدهم مصاب بشق فى الرأس، مؤكدا أن المستشفى فور الحادث اتخذ جميع الإجراءات اللازمة لاستقبال الضحايا والمصابين وتم توفير كميات من المحاليل والأدوية اللازمة ونقل الدماء إلى المصابين.