مشاكل مستشفى الدمرداش هى مشاكل كل مستشفيات مصر: قلة الإمكانيات، سوء التنظيم، وأضيف إليهما للأسف تعرضها للبلطجة. وصلتنى رسالة مؤثرة من الدكتورة «عبير عيسى»، مدرس أمراض الباطنة بعين شمس، أعجبتنى لأن فيها الكثير من النقد الذاتى. تقول الرسالة إنه تم إغلاق استقبال الطوارئ بمستشفى الدمرداش منذ يوم الإثنين 4 أبريل، ثم فتحه جزئياً لمدة ست ساعات فقط فى اليوم، بعدها لا يتم استقبال المرضى وإنما تحويلهم من عند الباب للبحث عن مستشفيات أخرى. والسبب هو حدوث العديد من حوادث التعدى على الأطباء والتمريض.. شتائم فظيعة من أهالى المرضى وضرب مبرح ورفع مطاوى وتهديد بالسلاح، البعض يفتعل الخناقة قبل الكشف على المرضى، والطامة الكبرى إذا أخبرتهم بأن الحالة تحتاج رعاية ولا يوجد مكان، أما الخطر الأعظم إذا حدثت وفاة. مشاكل الاستقبال كانت موجودة قبل الثورة، ولكن هيبة الأمن كانت تفرض الاحتشام. الآن، بعد أن تكشّف للعامة نهب المليارات، أصبحت القاعدة لديهم هى أخذ حقك بالذراع. أمن المستشفى، أو ما يُسمى الحَرَس، يحتاجون إلى من يحرسهم! والناس لم تعد تخاف من الشرطة، والجيش- بعد تكرار الاعتداءات- وضع ( مُدرّعة)، لكن تم سحبها للأسف. واستمرت الخناقات والأطباء صامدون يحدوهم ضميرهم المهنى حتى توالت الكوارث، واضطرت إدارة المستشفى إلى تعليق العمل فى انتظار حماية الجيش، والمرضى الغلابة يدورون فى الشوارع ويبحثون عن مستشفى مازال صامداً فى وجه البلطجية. ■ ■ ■ لكنى أعترف بأن هناك تقصيراً فى أدائنا، قد يكون سبباً يدفع المرضى وذويهم إلى العنف، ربما نحن الأطباء لم نتعلم مهارات الاتصال، ربما كثرة الضغوط والتعود على الموت يجعلاننا ننقل الأخبار السيئة ( كوفاة المريض) بطريقة روتينية لا تراعى المشاعر. تخيل أن ترى عزيزا لديك يموت، والطبيب يخبرك بمنتهى البساطة أن حالته سيئة جدا ويحتاج لرعاية مركزة وأنه لا يوجد عندنا مكان!! تخيل أن يدور كعب داير على المستشفيات - والمريض يموت - فى مرور متوقف وتكدس وزحام! وتخيل أن المريض الذى استقبل فى استقبال الباطنة يحتاج تدخلاً جراحياً، فيحملونه «هيلا بيلا» إلى مستشفى الجراحة، لماذا لا يكون هناك مبنى كبير للطوارئ يجمع كل هذه التخصصات؟! أو تقول لأهل المريض إن جهاز غازات الدم معطل، والأشعة معطلة، والمناظير معطلة، وعليه أن يؤديها فى الخارج؟ ولماذا فى نفس الوقت ننفق الملايين على مبنى تطوير التعليم، ولماذا نكسو المبانى بالرخام؟! ألا تدفع كل هذه الأشياء إلى العنف؟ ■ ■ ■ والخلاصة، أن الجيش يجب أن يتدخل لفرض الأمن، والإدارة يجب أن تحسم المشاكل: الأجهزة المعطلة يجب إصلاحها، لا بد من فتح رعاية مركزة كبيرة الحجم، لابد من مبنى جديد للطوارئ يجمع كل التخصصات سوياً. وفى النهاية، أقول إن الحل بالتأكيد ليس أن أغلق المستشفى، والجيش لن يحل المشاكل وحده، وإنما الإدارة والحلول السريعة هى التى ستنجز كل شىء. [email protected]