في صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام»، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها. ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى، وأبلغته إلى وزير الداخلية «فؤاد سراج الدين» الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصرت الدبابات والمصفحات البريطانية مبنى المحافظة بسبعة آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة، ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لايزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لايحملون غير البنادق واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، واستمر المصريون يقاومون حتى نفدت آخر طلقة بعد ساعتين من القتال، وسقط منهم خمسون شهيدًا. واستقبل المصريون تلك الأنباء في القاهرة بسخط، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة في صباح السبت «زي النهارده» في 26 يناير 1952إلا أن بعضا من عناصر هذه المظاهرات انحرف عن الهدف منه، وأخذ يضرم النار في أكثر من مكان، وخلال ساعات قليلة كانت النيران قد التهمت نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط المدينة ما بين الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا والساعة الحادية عشرة مساءً ومن بين ما طالته النيران سينما ريفولى شيكوريل وعمر أفندى و30مكتبًا لشركات كبرى، و117 مكتب أعمال وشقق سكنية، و13 فندقًا كبيرًا منها: شبرد ومترو بوليتان وفيكتوريا، و40 دار سينما بينها ريفولى وراديو ومترو وديانا وميامى، و8 محال ومعارض كبرى للسيارات، و10 متاجر للسلاح، و73 مقهى ومطعمًا وصالة منها جروبى والأمريكين، و92 حانة، و16 ناديًا. وقد أسفرت حوادث ذلك اليوم عن مقتل 26شخصًا،وكانت بعض المصادرقدألمحت إلى أن الحادث كان مدبرًا وأن المجموعات التي قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالٍ من التدريب والمهارة، وقد استخدموا السيارات لتنفيذ عملياتهم في وقت قياسى، وفى نفس ليلة الحريق قدم رئيس الوزارة «النحاس باشا» استقالته، ولكن الملك رفضها، واجتمع مجلس الوزراء، وقرر مواجهة الموقف بإعلان الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد، وتم تعيين «النحاس باشا» حاكمًا عسكريًا عامًا في نفس الليلة.