أمام أحد محال بيع الطيور، في منطقة فيصل بالجيزة، وقفت عجوز خمسينية على بعد خطوات من البائع الذي انشغل بتقطيع الدواجن المتراصة أمامه أعلى طاولة معدنية بالمحل، لم تتركها نظرة الاستحياء التي خفضّت من نبرة سؤالها وهى تهمس: «ألاقى هياكل فراخ يا ابنى؟». هز الشاب رأسه بالنفى، فتمتمت العجوز بصوت منخفض، بعد أن بدأ الشاب العشرينى في عرض أسعار الدواجن عليها، إلا أنها رحلت في صمت قبل أن يُنهى الشاب حديثه. ارتفعت أسعار الدواجن بنسبة 65 % مع بداية العام الجديد، حيث وصل سعر كيلو الدواجن البلدى إلى 30 جنيها بدلا من 18، وارتفع سعر الدواجن البيضاء إلى 27 للكيلو الواحد بدلا من 16 جنيها، كما صعد طبق البيض إلى 48 جنيهًا، مما أثر في حركة البيع والشراء بالسوق. وأرجع عدد من أصحاب محال لبيع الطيور رفع أسعارها، بسبب موسم الشتاء الذي يقل فيه المعروض من الدواجن، وارتفاع ثمن حمولة سيارات النقل بعد عزم الحكومة رفع أسعار الوقود. «المفروض الحكومة تصرف لنا حبوب منع الأكل عشان ترحمنا من ارتفاع الأسعار».. بهذه العبارة الساخرة تحدث جمال عبدالوهاب، موظف، عن رأيه في سر ارتفاع أسعار الدواجن. وقال: «فوجئت برفع أسعار الدواجن في يوم وليلة، والغلبان لا مكان له، فأنا موظف في وزارة التضامن الاجتماعى، ولا أملك سوى راتبى الشهرى الذي يكفى مستلزمات أسرتى بالكاد، وفى الماضى كنت أستعوض الفرخة باللحوم الحمراء التي أعجز عن شرائها لكن اليوم فلم أعد أستطيع شراء اللحوم الحمراء أو البيضاء». وانتقدت عبير على عجز الحكومة في تطبيق التسعيرة الجبرية على اللحوم والدواجن، وطالبت بتطبيقها للحد من جشع التجار على حد قولها، وتساءلت قائلة: «ما السبب الحقيقى وراء عدم إخضاع الدواجن واللحوم للتسعيرة مثل باقى السلع، هذا يجعل المواطن البسيط فريسة لأصحاب محلات الدواجن». وأرجع محمد بهاء، صاحب محل لبيع لحوم الدواجن، ارتفاع أسعارها إلى ارتفاع أسعار النقل بسبب رفع أسعار البنزين، وقال: «نفاجأ مثل المواطن العادى برفع أسعار الدواجن في المزارع بسبب نقص البنزين في الأسواق أو رفع ثمنه، وهو ما يترتب عليه رفع ثمن كيلو الدواجن إضافة إلى رفع سعر نقل حمولة الدواجن من المحافظات المصدرة لها، فرفع ثمن البنزين لا يتحمله المواطن وحده ولكن نتحمله جميعا». ورفض بهاء اتهام أصحاب محال الدواجن بالجشع، يقول: «من يتهمنى بالاستغلال فهو ظالم، رفع ثمن الدواجن يكون رغم إرادتى، أنا أتمنى أن أبيع الفراخ برخص التراب علشان الناس تيجى المحل وتشترى منى، لأن رفع ثمنها دفع الناس للاستغناء عن الفراخ وأكل السمك بديلا عنها». واستبعد محمد عبدالجابر، صاحب محل دواجن، انخفاض أسعار الدواجن مرة أخرى، وقال: «لا أعتقد انخفاض أسعار الفراخ، لأن صناعة الدواجن في تدهور مستمر، فنحن أصحاب المحال لا نحصل على نفس كميات الفراخ مثل الماضى، فخلال شهر واحد ارتفعت أسعار الدواجن بنسبة 65%، حتى هياكل الفراخ أكل الغلابة وصل إلى 8 جنيهات و«بالحجز»، في الوقت الذي كنا نبيعها مقابل 4 جنيهات».
