كل يوم يفاجئنا د. عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، مفاجأة من العيار الثقيل، مرة حين لم يجد إلا الدكتور زاهى حواس ليعرض عليه للمرة الثانية وزارة الآثار (كتبت فى حينها مقالاً بعنوان: المحتاس يجيب حواس)، ومرة حين لم يجد أحداً يحل محل المستشار محمد الدكرورى فى الهيئة العامة للرقابة المالية، فأبقى عليه رغم تغيير رئيس الهيئة وأعضاء مجلس إدارتها بالكامل إلا اثنين فقط، أحدهما الدكرورى الحاصل على لقب «ترزى القوانين»، وهى شهادة يعتز بها، لأنها فى رأيه دليل على الحنكة والبراعة فى صياغة المواد القانونية، وكان له دور مهم فى صياغة عدد من مشروعات القوانين مثل قانون الصحافة رقم 93 لسنة 1995، وتعديل المادة 76 من الدستور، وقانون مجلس الشعب، وقوانين الضرائب وتنظيم هيئة سوق المال، ومنع الاحتكار... إلخ والمستشار الدكرورى يحمل لقباً ثانياً أطلقته عليه وسائل الإعلام، ولم يكن راضيا عنه وهو «محامى الرئيس»، وقد أُطلق عليه بعد أن وكله الرئيس مبارك فى تقديم طلب ترشحه فى الانتخابات الرئاسية السابقة، والمستشار الدكرورى لم يعمل يوما بمهنة المحاماة لكنه عمل فى مجلس الدولة منذ تخرجه فى كلية الحقوق، ووصل إلى منصب رئيس هيئة المفوضين بالمجلس. وتم ندبه لجهات حكومية أبرزها رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى عمله كمستشار لوزير التجارة الخارجية، وكان ذلك سبباً من أسباب خلافاته الكثيرة مع نادى القضاة، الذى كان ضد فكرة الندب باعتبارها «ذهب المعز» الذى يغرى القضاة بالتحرك من خانة الحياد إلى موالاة الحكومة، وربما لذلك اختاره الرئيس مبارك ضمن العشرة الذين تم تعيينهم بمجلس الشعب عام 2005، كما اختيرأميناً للجنة القيم بالحزب الوطنى وعضوا بلجنة السياسات. فى أبريل عام 2007 دافع المستشار الدكرورى علناً عن الاستفتاء على التعديلات الدستورية، مؤكدا أنه «أُجرى بنزاهة تامة، وما ذكرته أحزاب المعارضة ليس إلا هجومًا معتادًا!!»، وفى حوار تليفزيونى مع الراحل مجدى مهنا رفض الدكرورى الإشارات المتعلقة بأن هدف التعديلات هو تمرير سيناريو التوريث، لكنه نفى، وبكل ثقة، وجود حق دستورى للمستقلين فى الترشح لرئاسة الجمهورية، وقال: هل من المتصور أن أؤسس لنظام يتيح ل 70 مليون مواطن الترشح للرئاسة، فهنا لا أرشح لعمديّة- منصب العمدة- بل أرشح لرئاسة مصر، ومن ثم لابد أن يكون المرشح شخصية قوية لها قبول عام، فالضوابط يجب أن تتناسب مع جلال المنصب. هذا قليل من كثير عن المستشار محمد الدكرورى ومواقفه وقناعاته التى أهلته للتقرب من نظام الحكم السابق، الذى سمح له رغم عضويته بمجلس الشعب بوجوده كعضو فى العديد من الهيئات والمجالس، ومنها الهيئة المذكورة التى أتحدث عنها اليوم. أنشئت الهيئة العامة للرقابة المالية بموجب قرار جمهورى وقانون رقم 10 لسنة 2009، ثم أصدر رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف قراراً بتعيين مجلس إدارتها برئاسة الدكتور زياد بهاء الدين حينذاك، وشمل القرار تعيين المستشار الدكرورى ضمن أعضائها، وهذه الهيئة حلّت محل كل من الهيئة العامة لسوق المال، والهيئة العامة لشؤون التمويل العقارى، والهيئة المصرية للرقابة على التأمين، وقد أُعطيت للهيئة اختصاصات كثيرة فى غاية الأهمية فى مجال الأنشطة المالية غير المصرفية، فهى التى تمنح تراخيص مزاولة المهنة والتفتيش على الجهات التى يرخص لها بالعمل وتضع القواعد اللازمة لضمان المنافسة والشفافية وتنسق مع هيئات الرقابة المالية فى الخارج...إلخ. والقانون المنظم لعمل الهيئة أكد أن مجلس إدارتها هو السلطة العليا المهيمنة على شؤونها، وله أن يتخذ ما يراه ضروريا من قرارات دون حاجة لاعتمادها من جهة إدارية أعلى، وهذا ينم عن قوة هذا المجلس الذى يجب أن يتمتع كل أعضائه بالنزاهة والأمانة والشفافية. وسؤالى للدكتور عصام شرف: هل يا سيدى قرأت تاريخ المستشار الدكرورى السابق ووجدت فيه ما يؤهله للبقاء فى عضوية هذه الهيئة حتى يونيو 2013، وما هى المعايير التى تم على أساسها تغيير الرئيس وغالبية الأعضاء والإبقاء على المستشار الدكرورى؟ هل عدمت مصر خبراءها أم أننا مازلنا فى حاجة لترزية القوانين؟ والله أنا خايفة ييجى يوم ونلاقى جمال مبارك رئيس الجمهورية لأننا برضه لم نعثر على بديل!.. وربنا يستر