مقابر الأقباط الجماعية.. هنا تُمجد الكنيسة شهداءها

لافتة طويلة بقائمة الشهداء وصور جماعية على مدفن واحد ورائحة دماء شهداء مختلطة وأرواح ترفرف فى سمائها تنتظر القصاص، ودموع تنهال فى كل ذكرى، تلك هى مشاهد المقبرة الجماعية الدائمة التى تضم شهداء الأقباط بعد كل حادث إرهابى فى الفترة الأخيرة، بدءاً من أحداث تفجيرات كنيسة القديسين فى يناير 2011 بالإسكندرية، والتى راح ضحيتها 23 شهيدا، وتم دفنهم فى مقبرة جماعية بدير مارمينا بصحراء «كينج مريوط»، وحادث ماسبيرو من نفس العام، والذى راح ضحيته 27 شهيدا، وتم دفنهم فى مقبرة جماعية بكنيسة الملاك ميخائيل بمدينة 6 أكتوبر، وأخيرا حادث الكنيسة البطرسية، أمس الأول، والذى تم دفنهم فى مقابر دير الأنبا شنودة «رئيس المتوحدين» بالمقطم.
«المقبرة الجماعية امتداد من الكنيسة القديمة، وهو تقليد اتبع من زمن الاضطهاد للأقباط، فعندما كان يحدث حادث كبير للأقباط فى مكان واحد ووقت واحد يدفنون فى نفس البلدة فى شكل مقبرة واحدة»، هكذا قال القس فلوباتير أنور، كاهن كنيسة السيدة العذراء وأبو سيفين بالمعصرة التابعة لحلوان، لافتا إلى أن الدفن بشكل جماعى فى مقبرة واحدة يشير إلى استشهادهم وهم أسرة واحدة، والكنيسة تحافظ على عدم تفكك الأسرة الواحدة، وتظل سيرتهم يتمجد بها الأجيال فيما بعد.
المقبرة الجماعية للأقباط ليست وليدة الفترة الأخيرة، وإنما ترجع إلى العصور القديمة، هذا ما أكده المهندس ماجد الراهب، رئيس جمعية المحافظة على التراث المصرى، مشيرا إلى أن المقابر الجماعية هى تقليد من العصور الأولى القديمة، وكانت تستخدم كنوع من التكريم للشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن أو من أجل الكنيسة، وتقوم الكنيسة أو رجال الدين بعمل تذكار لهم، وأحيانا يبنى بأسمائهم كنيسة.
وأوضح «الراهب» أن تاريخ الكنيسة القديم يسجل الكثير من المذابح الجماعية للأقباط بدءاً من القرن الأول الميلادى حتى الآن، وفى كل حادث يدفنون فى مقبرة جماعية، لافتا إلى أن أشهر المقابر الجماعية هى مقبرة شهداء أخميم بالفيوم.
ويرى الدكتور لؤى محمود سعيد، مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، قصة المدافن الجماعية فى العصور القديمة ترجع إلى أن الحدث هو الذى يفرض نفسه على أن يدفنوا بطريقة جماعية أو لا، ولكنه لا يرتبط بالقديم بشكل موثق فى السجلات الكنسية أو الطقوس الدينية.
وأوضح «لؤى» أنه طبقا للآثار أول مقبرة جماعية اكتشفت للأقباط فى القرن الرابع الميلادى، ولكن بداية المقابر تاريخيا بدأت من القرن الأول الميلادى، وأشار إلى أنه حتى فى حرب أكتوبر استخدم نظام المقابر الجماعية، وتوجد مقبرة جماعية لضحايا الحرب تابعة للقوات المسلحة تضم شهداء مسلمين ومسيحيين