يواجه الاقتصاد العالمي الكثير من الضغوط، كنتيجة مباشرة لضعف الطلب في الاقتصادات الكبرى، إضافة إلى تدهور أسعار النفط وتقلب أسواق المال منذ بداية العام الجاري. ورغم ذلك مازالت آمال المستثمرين معلقة بمعدلات النمو التي وعد بها صناع السياسات المالية في الدول المتقدمة الكبرى. ففي السنوات القليلة الماضية اكتسب الاقتصاد العالمي ديناميكية إيجابية تجسدت في مزيج غير مستقر من الفرص الاستثمارية، ومع تعرض الدول الكبرى للمشكلات الجيوسياسية تضاءلت تلك الفرص. وخفض صندوق النقد الدولي مجدداً توقعاته للنمو العالمي في مواجهة «تزايد التهديدات» للاقتصاد في الدول الكبرى الناشئة وأمام مخاطر متزايدة من «جمود طويل» في النشاط الاقتصادي. وأفاد الصندوق في توقعاته الجديدة، اليوم الثلاثاء، أن إجمالي الناتج الداخلي في العالم سيرتفع بنسبة 3.2% في 2016 و3.5% في 2017 ما يشكل تراجعا بنسبة 0.2 نقطة و0.1 على التوالي مقارنة مع توقعاته السابقة في يناير الماضي. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لدى الصندوق مورس اوبتسفيلد، إن «الأفاق المتراجعة تدعو إلى رد فوري واستباقي، حيث لم يعد هناك مجالاً للخطأ». واعتبر صندوق النقد الدولي أن التراجع الإضافي للنمو سيجعل الاقتصاد العالمي هشاً أكثر في مواجهة صدمات جديدة، وسيزيد من مخاطر انكماش جديدة أكبر من الذي سجل في 2009. وأوضح الصندوق في تقريره، أن الدول الناشئة التي أضُعفت جراء تراجع أسعار المواد الاولية والتباطؤ الاقتصادي الصيني نسبيا، فلا تزال آفاقها للنمو غير مستقرة لتبلغ توقعات الصندوق معدل 6.5 % في 2016. في حين ابقى صندوق النقد الدولي على توقعاته بتحقيق السعودية نمواً اقتصادياً منخفضا في 2016 جراء تدني أسعار النفط، إلا انه قلص تقديراته للدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي تقريره التحديثي عن توقعات الاقتصاد العالمي خلال إبريل الجاري، رجح الصندوق نمو الاقتصاد السعودي، أكبر اقتصاد نفطي بالمنطقة، بنسبة 1.2% هذه السنة، وهي أدنى نسبة نمو خلال 7 أعوام. كما توقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 1.9% في 2017، ليحافظ بذلك على التوقعات التي أصدرها في يناير. وفي نفس السياق، توقع الصندوق أن ينمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان بنحو3.1% في 2016، أي بانخفاض قدره 0.8%عن توقعات الصندوق في أكتوبر. وتوقع الصندوق نمو اقتصاد المنطقة السنة المقبلة 3.5%، بتراجع 0.7% عن توقعاته السابقة، مقارنة بنمو اقتصادي قدره 2.5 % للمنطقة بأكملها في 2015. واعتبر تقرير صندوق النقد أن «التوقعات في مناطق الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وأفغانستان، وباكستان ضعفت بشكل كبير بسبب التراجعات الإضافية في أسعار النفط والنزاعات المتزايدة والمخاطر الأمنية». ويرى ألن سينا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «ديسيجن إيكونميكس» للأبحاث الاقتصادية في حديثه ل«المصري اليوم»، أن خفض التوقعات لنمو الاقتصاد العالمي نذير شؤم على الاستثمار، مؤكدا أن هناك مخاوف من ضعف النمو، وتصاعد التحديات حتى لو لم يتم الافصاح عنها. ولا تعد هذه المرة الأولى التي يخفض فيها الصندوق توقعاته للاقتصاد العالمي، فقد أعربت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، يناير الماضي في اجتماع لقادة المؤسسات المالية العالمية، عن قلقها إيزاء النمو الهش وتصاعد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية على حد السواء.
