إذا أراد أى مرشح أن يخرج من السباق الرئاسى الأمريكى بشهادة حسن السير والسلوك، فعليه أن يتعامل بحذر وحرص مع ملفى السلاح والمخدرات، انطلاقا من كونهما قضيتين تحظيان ب «لوبى» قادر على التأثير فى صنع القرار الأمريكى، بل التحكم بصفقاته المشبوهة فى إعادة تشكيل المكتب البيضاوى. وكشف ملف السلاح عورات إدارة الرئيس باراك أوباما الذى لم يجد مفرًّا من الاعتراف بالإخفاق فى مواجهة الأزمة، خصوصًا مع تصاعد حالات القتل والسطو المسلح التى تتفاقم باستمرار. ويرجع الفشل فى تغيير هذا الواقع إلى قوة تأثير جماعات الضغط المؤيدة لاقتناء الأسلحة من قبل الأفراد، حيث استطاعت تلك الجماعات منع إصدار قوانين وتشريعات تشدد شروط اقتناء الأسلحة الشخصية، رغم الزيادة المطردة فى حوادث إطلاق النار فى الولاياتالمتحدة منذ عام 2009. وسلطت عدة دراسات أمريكية الضوء على أهمية السلاح لدى المواطن، مشيرة إلى أن الأمريكيين يمتلكون أكثر من 270 مليون قطعة سلاح فردية، أى ما نسبته 89 قطعة لكل 100 مواطن، وهو ما يوازى نسبة 35% من الأسلحة الفردية فى العالم. ورغم تعاقب حوادث إطلاق النار بشكل يومى، فى الولاياتالمتحدة، ارتفعت نسبة المدافعين عن اقتناء الأسلحة الشخصية من 30% قبل 20 عاماً إلى 50% عام 2015، وفشلت كل الجهود المبذولة لاتخاذ تدابير تحول دون وصول الأسلحة إلى أيدى المنحرفين أو ذوى المرض النفسى، ولعل أبرز أسباب عزوف المشرعين الأمريكيين عن وضع قانون يحد من تداول السلاح حلول الانتخابات الرئاسية والتى تستدعى عدم رغبة أعضاء الكونجرس فى إغضاب «لوبى الأسلحة الشخصية»، الذى يعد واحداً من أكبر ممولى الحملات الانتخابية. وتمثل «المنظمة الأمريكية للسلاح» أكثر كيانات «لوبى السلاح» فى الولاياتالمتحدة شراسة وتضم 4 ملايين عضو. وشكلت المنظمة مع نظيرتها «ملاك البنادق الأمريكيون»، ترسا نشطا فى عجلة الانتخابات، ليصل ما أنفقه هذا اللوبى على حملات الدعاية ما يزيد على 35 مليون دولار مقابل 2.4 مليون لكل من «حملة برادى» و«الائتلاف للتصدى للعنف الناتج عن البنادق»، بما يعنى أن لوبى السلاح أصبح «جوكر» المرشحين لنيل الأصوات.
