عندما يترك الرئيس الأمريكى باراك أوباما منصبه فى 2017، ستشهد خريطة العالم تغيرات عديدة عن 2008، حينما تولى فترته الأولى، فرؤساء تمت الإطاحة بهم فى ثورات «الربيع العربى»، فى مصر وتونس واليمن، وأنظمة عرفت بقبضتها الحديدية أصبحت تعانى من الفوضى والنزاع المسلح مثل ليبيا وسوريا والعراق، والأهم هو ظهور «داعش» الذى يسعى ل«إقامة خلافة» مستغلًّا الفوضى التى تجتاح الشرق الأوسط، ويتجه لتهديد الغرب من خلال اتخاذ ليبيا كمحطة انطلاق لأوروبا وأمريكا. وواجه أوباما انتقادات أبرزها أن سياساته الخارجية متخبطة فى العديد من الملفات، مثل رفضه إرسال قوات أمريكية لمحاربة «داعش»، وإعلانه إرسال «مستشارين» لمساعدة القوات المحاربة للتنظيم، ثم الاتفاق النووى مع إيران، وهو ما جعله يصطدم بدول الخليج وإسرائيل والحزب الجمهورى، وخلال «الربيع العربى» أثار تخليه عن الرئيس السابق حسنى مبارك، وغموض موقفه تجاه الرئيس السورى، بشار الأسد، ما بين المطالبة الفورية بالرحيل أو البقاء لفترة انتقالية غضب حلفائه. واختلفت رؤية المرشحين للرئاسة تجاه سياسة أوباما، ففى مناظرة، رأى المرشح عن الحزب الجمهورى، جيب بوش، أن الولاياتالمتحدة أصبحت «ضعيفة، ما يدفع العالم إلى الابتعاد عنها والدخول فى تحالفات أخرى»، ودعا إلى تعزيز قدرات واشنطن العسكرية، بينما قال المرشح الجمهورى بن كارسون إن «داعش» يشكل خطرًا جسيمًا على العالم، مشيرا إلى أنه يجب تحديد عوامل تؤدى إلى استئصاله. وفى معسكر أوباما الديمقراطى، أبدى مرشحو الحزب معارضتهم لإرسال قوات أمريكية برية إلى الشرق الأوسط لمواجهة «داعش». ومع تزايد الدور العسكرى للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، بخاصة عقب هجمات 11 سبتمبر، كانت النتيجة كارثية بعد تورطها فى حرب العراق، التى وعد الرئيس الحالى باراك أوباما بإنهائها فور دخوله البيت الأبيض، كما وعد بإعادة تشكيل العلاقات مع العالم الإسلامى، وهو ما تم بالفعل فى الحالة الإيرانية على حساب العرب. ويمثل الاتفاق النووى مع إيران وقنبلة كوريا الشمالية الهيدروجينية، مثالًا قويًّا على اختلاف الرؤى بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى بشأن السياسة الخارجية، فالرئيس الأمريكى نفّذ الوعد الذى قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية، خلال 2008، بالتفاوض مع إيران، وتوصل إلى اتفاق معها يحد من طموحاتها النووية، ورفعت الولاياتالمتحدة ودول أخرى العقوبات المفروضة على طهران. وبينما اختلف المرشحون الجمهوريون حول طريقة التعامل مع إيران فى حالة وصولهم إلى مقعد الرئاسة، لكنهم اتفقوا فى الهجوم على الاتفاق، يرون أن الاتفاق الذى ينص على الإفراج عن أموال إيرانية ورفع للعقوبات، جعل الولاياتالمتحدة تعطى الكثير لكنها لم تحصل سوى على القليل. وبينما اعتبرت واشنطن التجربة النووية التى أجرتها كوريا الشمالية «عملا غير مقبول وغير مسؤول»، فإنها فشلت حتى الآن فى احتواء الخطر المتصاعد من بيونج يانج وبحسب خبراء فإن إدارة أوباما تستغل خلافها مع كوريا الشمالية لتعميق تحالفها الاستراتيجى مع اليابان وكوريا الجنوبية، ولتبرير وجودها العسكرى فى منطقة شرق آسيا ولضمان مراقبة الصين. ومنذ عهد نيكسون سعت واشنطن لتأسيس علاقات قوية مع الصين، مع الاحتفاظ بتواجد عسكرى لها داخل آسيا تحسباً لأى سلوك معادٍ من جانب الصين ضدها، وهو ما يظهر فى الصراع بينهما فى منطقة جنوب شرق آسيا خشية تفوق الصين التى اخترقت الاقتصاديات الأوروبية بقوة، وذكرت صحيفة «بيزنس إنسايدر» الأمريكية أن استراتيجية الصين تتمثل فى بسط نفوذها على «بحار الشرق»، وبجانب صراع القطبين الذى يعود إلى فترة الحرب الباردة، استمرت العلاقات «الروسية -الأمريكية» فى تأزم بسبب الاختلاف حول الأزمة السورية، وتأزمت العلاقات بينهما بعد ضم روسيا جزيرة القرم ودورها فى أوكرانيا، فردت واشنطن بمعاقبة موسكو وإرغام الاتحاد الأوروبى على سلك نفس الطريق، فيما صنف الرئيس الروسى فيلاديمير بوتين الولاياتالمتحدة باعتبارها مصدر تهديد لأمن ومصالح بلاده.