المفتي: الجماعات الإرهابية تستغل الدين للتغطية على أعمالها الإجرامية

تواصل الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، مع أكثر من خمسين شبكة إعلامية حول العالم، يأتي في مقدمتها وكالة «رويترز»، وجريدة «الهافنجتون بوست»، والوكالات الإيطالية والألمانية والهولندية، لتوضيح موقف الإسلام من العمليات الإرهابية وتداعيات الهجوم الإرهابي.
وأكد المفتي، في تصريحاته للإعلام العالمي، الثلاثاء، أن هذا الهجوم المروع الذي ضرب باريس هذا الأسبوع يسيء إلى ضمير كل إنسان عاقل، بغض النظر عن هويتهم الدينية.
وأضاف المفتي: «أود أن أؤكد بشكل قاطع لا لبس فيه تضامننا الكامل مع الشعب الفرنسي وكافة الشعوب العربية والغربية التي طالتها نار الإرهاب»، موضحًا أن الجماعات الإرهابية تقوم، وبشكل صارخ، باستخدام الدين كستار للتغطية على أعمالها الإجرامية، في مغالطة أيديولوجية تكشف منطقها المشوه، ومصادرها التي تستقى منها فكرها العفن، فتحولها لمصدر تبرير لإشباع شهواتها التي لا تنتهي من إراقة الدماء، وهذه الأيديولوجيات التي تحث على الكراهية والإرهاب يجب القضاء عليها واقتلاعها من جذورها، إذ أنها لا تمت للإسلام بصلة».
وتساءل المفتي: «من أين نبع التطرف؟»، وأرجع ذلك إلى أنه «في كل من الإسلام والديانات الأخرى ظهر أشخاص قد نصبوا أنفسهم مرجعيات دينية دون أدنى أساس سليم في العلوم الدينية، مع افتقارهم للمؤهلات العلمية للفهم الصحيح للنصوص الدينية والأخلاق، كل هذا أفرز تفسيرات متطرفة للأديان لا تمت لها بصلة»، مؤكدًا أن هؤلاء جاءوا كنتاج لبيئات عقلية مضطربة تبنت التفسيرات المشوهة والمضللة للأديان، التي ليس لها أساس في العقيدة والتعاليم الصحيحة، لأن هدفهم الأساسي هو خلق الفوضى في العالم أجمع.
وجدَّد المفتي، في معرض حديثه، التأكيد على أن الإسلام يجرم كافة أشكال التطرف ويحاربها ويدين هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
وقال المفتي: «إذا كنا نريد معالجة هذه المشكلة علينا أن نبذل الجهد لفهم ومعرفة العوامل المؤدية إلى انحراف الشباب نحو التطرف بكافة أنواعه في عالمنا المعاصر، وإلا فإننا نخاطر بعدم قدرتنا على معالجة هذه الآفة والقضاء عليها بشكل كامل وصحيح»، مشددًا على أن هذا هو الخيار الأوحد أمامنا إذا كنا جادين في بناء مستقبل أفضل، ووضع حد لهذا الوضع الخطير الذي يهدد الإنسانية جمعاء في جميع أنحاء العالم.
وشدَّد المفتي على أن الأحداث الإرهابية الأخيرة التي وقعت في أنحاء كثيرة من العالم تؤكد أن الإرهاب والتطرف لا دين له ولا وطن، مضيفا: «نحن جميعًا مسؤولون بشكل جماعي عن مكافحة هذا الانحراف اللاإنساني، وعلى المسلمين وكافة شعوب العالم في قارات العالم أجمع أوروبا والأمريكتين وآسيا وأفريقيا وأستراليا، أن يقوموا بواجبهم للقضاء على هذا الخطر الداهم».
وتابع المفتي: «إننا في حاجة لإشاعة روح التعاون فيما بيننا في هذا الوقت الحرج، فأنا قلق بشأن استغلال العواطف الهوجاء من قبل الجماعات والأحزاب المتعصبة في أوروبا لإلحاق الأذى بالمسلمين هناك، وإلقاء اللوم كله على الإسلام، كما أخشى من استهداف طائفة دينية كبيرة، بسبب أعمال قلة منحرفة، وهو ما قد يولد عنفًا مضادًّا، تنتج عنه نتائج عكسية تعوق مجهوداتنا في مكافحة الإرهاب».
واختتم المفتي حديثه، قائلا: إنه «من المهم بالنسبة لنا في هذه المحنة، شديدة الحزن، أن نقف سويًّا لمعالجة أسباب هذا الحادث الأليم بطريقة منصفة وعادلة»، مؤكدًا أنه من المهم كذلك أن يتوقف تشويه صورة المسلمين دون سبب، ليس لأنه أمر جيد بالنسبة للمسلمين فحسب، ولكن لأن قدرتنا المستقبلية في مواجهة الإرهاب تعتمد على ذلك.