تسيطر تقافة الشفاهية على المجتمع المصرى حيث يرتاح الشعب المصرى الى ترديد الشعارات و لا يرتاح الى نقد الذات و تعديل السلوك فلا يليق و لا يصح بهذا الشعب ان يظل أسير تلك الشعارات التى عفا عليها الزمن و يظل يردد تلك الشعارات و يصر عليها دون أن يراجعها او يتحقق منها بل لو أحد يفكر فى ذلك أعتبر هذا ضربا من الخيانة إن ترديد الشعارات لزمن طويل يحملنا على الظن بأننا نخلص لها و أننا أمناء عليها مع أننا ربما نكون قد تجاوزناها بالفعل و ربما بدأنا نعمل فى الاتجاه المعاكس لها منذ زمن بعيد و أعتقد أن بيننا من يطالب هذه المراجعة لبعض القوانين و أن طلبهم يصطدم بالرفض فى كل مرة كما حدث فى مصر عندما تمسكت بعض الفئات بالموافقة على التعديلات الدستورية رافعة لشعار الاستقرار فهذا الشعار سوف يظل يردد فى كل مرة مع اى استفتاء او لتمرير قانون مناهض للحريات او للموافقة مثلا على اعلان حالة الطوارئ وتمديدها او الايحاء للمواطنين بأن الاستقرار مرتبط بفوز أحد المرشحين فى الانتخابات سواء اكانت الرئاسية او البرلمانية و إشعار المواطن بالخطر كل الخطر فى البعد عن هذا المرشح لان اختيار المنافس له سيدخل المجتمع فى فوضى و حالة ارتباك لا تتحملها الدولة او تظهر فئات فى المجتمع تطالب ببقاء المجلس العسكرى فى الحكم دعما للاستقرار لاننا غير مؤهلين للحكم المدنى او تظهر لنا جماعات تطالب الرئيس المنتخب بتعيين نائب له من المؤسسة العسكرية حفاظا على الاستقرار فهذا الشعار كان يستخدمه النظام السابق لتمرير مشروع التوريث و عندما تجتمع فئة عمالية لتستخدم وسيلة الاضراب عن العمل للمطالبة بحقوقها المشروعة فتصبح مهددة للاستقرار لانها لم تجد من يصغى لها ويسعى الى تلبية مطالبها عبر السنوات السابقة من الحكم الظالم ولا توجد آليات أخرى وقنوات مشروعة متوفرة أمامها ليسلوكها دون اللجوء الى فكرة الاضراب او الاعتصام كوسيلة ضغط لتلبية مطالبهم على الرغم اننا ما زالنا متمسكين بنسبة الخمسين فى المائة عمال و فلاحين فى مجلس الشعب و هذا شعار آخر متمسكين به وهو لا يعبر عن تلك الفئات على الاطلاق بل ظلمت تلك الفئات أكثر من غيرها فى عهد النظام السابق لابد من اعادة النظر فى تلك الشعارات و خاصة شعار الاستقرار الذى أصبح لبانة على كل لسان اى قوة سياسية تريد ان تحصد مكاسب خاصة لها على حساب المصلحة العليا للمجتمع فترفع هذا الشعار لتوهم المجتمع بأن الاستقرار سوف يتحقق من خلال افكارها ومبادئها دون غيرها من القوى السياسية المنافسة لها على الساحة فالفئات المهمشة فى النهاية هى التى تظلم و تسلب منها حقوقها من جراء تبنى القوى السياسية و المجتمعية للشعارات دون ايجاد حلول لمشاكل المواطنين على أرض الواقع فينتج عن ذلك تهميش تلك الفئات و استبعادها بدلا من احتوائها و العمل على خدمتها و تكريس كل الجهود لتحسين نوعية الحياة التى تعيشها تلك الفئات و لن يحدث ذلك الا اذا غيرنا من طريقة تفكيرنا و منظورنا الى الحياة عن طريق تبنى ثقافة التغيير و التخلى عن ثقافة الشفاهية لان الاثنين معا لا يجتمعان فى ظل دولة واحدة فالتخلص من الشعارات الغير معبرة عن حياة الناس وو اقع معيشتهم و التى تغير جودة الحياة لهم أمر ضرورى و حتمى وكفانا شعارات لنرحم هذا الشعب و علينا أن نبدأ فى العمل الجدى الذى يحقق المجد لبلدنا العزيز المشكلة الاخرى التى ترتبط بثقافة الشفاهية هو ترديد الشائعات و انتشارها بصورة سريعة على الرغم من أنها مجهولة المصدر و هذه الشائعات تعتبر أداة هدم لاى مجتمع يحاول النهوض و الذى يساعد على ذلك هو الاعلام و شغل الرأى العام بأمور تافهة لا تغير من واقع حال المواطن ولا ترفع من مستوى ثقافته بل على العكس تجعله مواطن أحمق ينساق وراء تلك الشائعات المثيرة و ينشغل و قته هو ومن حوله بها دون أن يسفر ذلك عن نتيجة تفيده او ترفع من شأن مجتمعه كأننا ندور فى حلقة مفرغة فبدلا من ان يسعى الاعلام الجاد الصالح الى خلق الشخصية الصالحة و غرس قيم الامانة و الاحساس بالواجب و التضحية بالذات و الشرف و الخدمة و الانضباط و التسامح و الاحترام و العدل و تنمية الذات و الثقة و الكياسة و الجلد و احترام الآخرين و الشجاعة و النزاهة و الاجتهاد و الوطنية الخ من تلك القيم الايجابية و تعريف الناس بحقوقهم وو اجباتهم اتجاه المجتمع الذى يعيشون فيه و توعية الشعب بكيفية الاضراب ؟ و متى يضرب العامل ؟ و لماذا ؟ و كيف يضرب دون ان يضر بالعملية الانتاجية و فى نفس الوقت يتمكن من أن يحصل على حقوقه ؟و تقوية النقابات العمالية و المجتمعات المدنية التى تتحدث باسم الفئات المهمشة كل هذه الامور داخل اطار ثقافة التغيير التى هى تواجه مقاومة شديدة لقوة تأثير و نفوذ تقافة الشفاهية على المجتمع المصرى الى جانب دخول المجتمع فى مجادلات و مهاترات كلامية نتيجة الشعارات و الشائعات فأى قضية تثار فى الاعلام عن عمد هدفها الاثارة و جذب المشاهد وتحقيق مكاسب اعلانية من وراء ذلك و اقحام المجتمع فى قضايا كلايمة لا تفيد و لا تنقل المجتمع من الحالة التى نعيشها الى حالة أفضل فيدخل الشعب فى حلقات نقاش جدلية حول ظهور عبود الزمر فى القنوات الفضائية ونجد الناس ينقسمون بين مؤيد و معارض لظهوره و يدخل المواطنين فى جدل عقيم لن يؤثر فى القضايا الملحة التى تغير احوالهم و احوال بلدهم ثم يثير الاعلام جدل الناس فى مباريات كرة القدم و كأننا ندور فى حلقة مفرغة و نشغل أنفسنا بأشياء تافهة تلك الاشياء هى التى تقاوم التغيير الذى ينشده الشعب من تقدم ورقى فعلينا التخلص من تلك الثقافة البغيضة ثقافة الشفاهية لانه لا وقت لنا الآن سوى العمل و ليس شيئا آخر