هناك عدة صدمات تعرضت لها الثورة خلال الفترة السابقة و لم تكن تتوقعها لان آليات تفريغ الثورة من تحقيق مطالبها جاءت بسياسة ناعمة وهادئة دون محاولة التصادم مع الثورة ولكن من خلال الالتفاف على الثورة عن طريق تبنى أفكار و مطالب الثورة ثم العمل على هدمها بطريقة غير مباشرة فرأس الحكومة المصرية دكتور عصام شرف أكتسب شرعيته من ميدان التحرير بأرادة شعبية حرة فى مشهد تاريخى لم يكن أحد يتخيله على الاطلاق قبل يوم 25 يناير و لكن عندما شكلت الحكومة ضمت فى عناصرها اعضاء من النظام السابق من عهد الرئيس المخلوع مبارك و كانت موجودة فى حكومة نظيف ثم ظلت باقية فى حكومة شفيق ثم وجدناها أيضا باقية فى حكومة شرف و تلك الوجوه التى خرجت من عباءة الحزب الوطنى وتنتمى بالولاء الى النظام السابق لو ظلت باقية فى مناصبها فى حكومة شرف لسوف تعمل جاهدة على اجهاض الثورة و لو بشكل غير منظور و لا يشعر به أحد و الشعب لم يبدى اعتراض على تلك الوجوه وقتها و إن كان حذر من وجودها على موقع مجلس الوزراء قبل تشكيل الحكومة ألا أن صوت هؤلاء لم يسمع و لم يكن له صدى لدى المسؤولين و كان السبب فى عدم الاعتراض هو أعطاء الحكومة فرصتها و تمكينها من ادارة البلاد فى فترة حرجة وعصيبة و دفع عجلة الاقتصاد الى الامام ولكن بقاء وجود هؤلاء يشعر الشعب بالقلق و الخطر على ثورته و من هنا يحاول الشعب الحفاظ على ثورته وأيضا الحفاظ على حكومة شرف من تلك الرموز التى تحتمى ببقائها فى سلطة الحكم فى ظل حكومة معترف بها من الشعب و تعمل فى الخفاء من أجل إجهاض الثورة وعرقلة مسيرة الحكومة و هى فى نفس الوقت تتمتع بحرية العمل و فرض أرادتها تحت مظلة الثورة و من صدمات الثورة ظهور رموز من النظام السابق مدانة من قبل الشعب على الفضائيات بصورة متكررة بطرقة تستفز الشعب على الرغم ان تلك الرموز الضالعة فى جرائم النظام السابق ضد الشعب وعدم البدء فى محاكمات جادة ضدهم الى جانب تقاعس السلطة فى مصر عن محاكمة الرئيس المخلوع هو و أسرته و بطء العدالة فى محاكمة وجوه موجودة خلف القضبان و المفاجأة التى لم تكن متوقعة أن الحكومة تدرس قانونا هدفه ان يسدد هؤلاء المجرمين بعض الاموال التى نهبوها من دم الشعب ثم تقوم الدولة بتبرئتهم من الجرائم التى أرتكبوها وعدم ملاحقتهم قضائيا ثم نجدهم بعد ذلك يعودون الى الحياة ليمارسوا أعمالهم بطريقة طبيعية أليس هذا يعد شئ عجيب لا يمكن فهمه او تخيله ؟ على الرغم من أن أصولهم و ممتلكاتهم التى نهبوها من الشعب جزء منها موجود فى مصر تستطيع الدولة أن تصادر تلك الممتلكات و تردها الى صاحبها الحقيقى الشعب المصرى الذى نهب و سرق وسلبت إراداته وحريته بسبب جرائم هؤلاء فى حقه و من صدمات الثورة عدم جدية الدولة فى استرداد الاموال المنهوبة من الخارج وردها الى خزانة الدولة المصرية و نحن الآن فى مرحلة أنتقالية نحتاج فيها الى كل مليم او حتى البدء فى أجراءات جادة وحقيقية لفتح ذلك الملف حتى يطمئن المواطن من أن ما سلب منه سوف يعود او يوجد احتمال و احد فى المليون بأن هناك أمل فى عودة تلك الاموال ليستفاد منها فى بناء وتنمية اقتصاد البلاد لان معظم دول الاتحاد الاوروبى جمدت أرصدت الرئيس المخلوع و كذلك المملكة المتحدة ولكن تلك الدول تنتظر اما أحكام قضائية بالادانة ونحن نعلم جميعا ان محاكمة الرئيس المخلوع لم تبدأ بعد او تنتظر خطوات جادة بأجراءات قانونية صحيحة للمطالبة بعودة تلك الاموال فعلى الدولة ان تسعى جاهدة فى ذلك الاتجاه لدعم الاقتصاد الوطنى و من أجل تفريغ الثورة من مضمونها يتم ذلك من خلال المبالغة فى الاضرابات و الاعتصامات فى مؤسسات الدولة بهدف عرقلة عملية الانتاج وعرقلة الاقتصاد بشكل متعمد و مخطط من خلال اثارة العاملين فى قطاعات الدولة المختلفة مما دفع المجلس العسكرى فى النهاية الى تجريم الاعتصامات و الاضرابات لان بعض تلك المظاهرات كانت تنتهى فى النهاية بتخريب فى ممتلكات الدولة وكان يحدث ذلك غالبا يالتزامن مع اضرابات أمناء الشرطة فى كل مرة كنا نسمع حريقا فى مبنى وزارة الداخلية و لذلك صدر هذا المرسوم بقانون الذى هو يسير فى عكس الاتجاه مع مبادئ الثورة لان من يشعل تلك الاضرابات شخصيات عامة معروفة بالاسم فبدلا من اصدار ذلك القانون كان من الممكن احتجاز او اعتقال تلك الشخصيات بموجب قانون الطوارئ و هنا كنا سنشعر لاول مرة فى حياتنا ان قانون الطوارئ قد طبق تطبيقا صحيحا و الغريب انه سوف يطبق على الشخصيات التى كانت فى العهد السابق تسن هذا القانون و تسعى الى بقائه و كان سينطبق عليهم المثل الذى يقول من حفر حفرة لاخيه و قع فيها اما هناك بعض العاملين يقومون بعمل اضرابات و اعتصامات بهدف ازالة رموز الفساد فى قطاعتهم و تلك الرموز تابعة الولاء للنظام السابق و ليس ذلك فقط بل تقوم بنهب وسرقة الدولة على مدار العقود الماضية فتلك الطلبات مشروعة والعمل على تحقيقها امر حتمى وبدلا من صدور هذا القانون ليخيف هؤلاء العاملين الشرفاء ويرعبهم فكان على الدولة أخذ طلبات هؤلاء العاملين بمنتهى الجدية وتعمل جاهدة على تطهير قطاعات الدولة من الفاسدين و المفسدين و الضرب بيد من حديد على ايدى هؤلاء و أيضا وضع جدول زمنى فى اطار واضح ومحدد لتلبية طلبات العاملين الأخرى خاصة المواضيع المتعلقة بالاجور وتحسين مستوى المعيشة لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة كأحد الاهداف الاساسية للثورة المصرية و من صدمات الثورة بقاء الحزب الوطنى فى الحياة السياسية المصرية لم يحل حتى هذه اللحظة مع وجودة توصية قانونية من هيئة قضائية مرموقة توصى بحل هذا الحزب الذى احتكر السلطة منذ تأسيسه و اختلطت اموال الحزب بأموال الدولة بل كان يستولى على اموال الدولة وينفق منها على اعضائه ويقوم بالاتيلاء على مبانى واراضى الدولة و يتخذها مقار خاصة بالحزب و يوجد لدى اعضائه مؤسسة شبه عسكرية من البلطجية الذين يرهبون الناس أثناء الانتخابات و يستخدمون كل الاساليب الدنيئة من أجل الوصول الى كرسى البرلمان من خلال الرشاوى التى تعطى للناخب وللمسؤولين الكبار داخل الحزب لتمرير اسمائهم كمرشحين للحزب داخل الدائرة و لتمكنيهم للفوز بالمقعد داخل البرلمان فكيف لم يحل حزب بمثل تلك المواصفات حتى هذه اللحظة ؟ و كيف لم تحل المجالس المحلية و التى يسيطر عليها اعضاء الحزب الوطنى حتى هذه اللحظة على الرغم من أننا مقبلون فى المرحلة القادمة على انتخابات برلمانية ؟ خاصة ان الانتخابات البرلمانية القادمة ستحدد شكل الحياة السياسية المصرية فى الفترة القادمة لانها ستختار اللجنة التأسيسية التى سوف تضع دستور جديد للبلاد و فى النهاية نقول ان القانون الذى تسنه السلطة الحاكمة التى تمسك بمقاليد السيادة يتعين ان يخضع له كافة افراد الشعب و عندما يكون الاعتقاد الراسخ فى أذهان الشعب ان السيادة هى حق لكل افراد الشعب و تمارسه السلطة السياسية لمصلحة المجموع تولد لدى افراد الشعب الرغبة فى الطاعة فالقوة المادية و إن كانت لازمة لضبط النظام فى المجتمع إلا أنها لا يمكن أن تكتسب هيبتها فى نفوس المحكومين من افراد الشعب إلا اذا اكتسبت قوة معنوية تدفع افراد الشعب الى الانقياد لها و تلك الرابطة المعنوية التى تتكون بين الشعب و السلطة عندما يشعر الشعب بأن سلطة الحكم تهدف الى تحقيق العدل و تكفل لأفراد الشعب ممارسة كافة حقوقهم و حرياتهم و تضمن ذلك بما تصدره من قوانين و ما تتخذه من قرارات من شأنها ضبط النظام فى المجتمع و كما كان الشعار دائما ايام الثورة ان الشعب و الجيش ايد واحدة و تلك الرابطة المعنوية التى تكون بين الشعب والقوات المسلحة هى التى أوصلت الثورة الى آلت اليه الآن ولكن عندما يعبر الشعب عن قلقه و مخاوفه وصدمته من بعض الاشياء التى حدثت فالهدف من ذلك هو الحفاظ على تلك الرابطة التى تكونت بين الجيش والشعب و أيضا حماية الثورة من أن تسير فى الاتجاه المعاكس لاهدافها و طموحاتها و حماية حكومة الثورة من بعض الرموز التى يمكن ان تكون عائق لمسار عمل تلك الحكومة