منذ أول مؤتمر للمصريين بالخارج، وكنت وقتها ممثلا للجالية المصرية فى فرنسا، والذى انعقد تحت قبة جامعة القاهرة عام 83- 84، وحضره الرئيس السابق.. «ونحن نطالب بأربعة مطالب أساسية هى»: 1- ممارسة حقنا الدستورى «بالتصويت» فى الانتخابات التى تجرى داخل وطننا الأم مصر، أسوة بالإخوة اللبنانيين، والفلسطينيين، والموزمبيقيين وحتى الفساويين.. ورغم أن «الرئيس» طالب الحكومة أمامنا بالإسراع فى تنفيذ هذا المطلب.. فلم يحدث شىء!! 2- حقنا فى «التمثيل النيابى».. واقترحنا وقتها أن تكون لكل «قارة نائب» بالبرلمان.. كما هو حاصل مع الإخوة الجزائريين، وعددهم 3 ملايين مغترب.. لهم ستة ممثلين فى مجلس الأمة الجزائرى.. والمغاربة لهم أربعة نواب.. وحتى الفرنسيين بالخارج وعددهم 1.5 مليون لهم 11 سيناتور بمجلس الشيوخ الفرنسى.. هم لسان حال زملائهم، ومقدمى اقتراحاتهم، والمدافعين عن قضاياهم.. وحلقة الوصل بينهم وبين الوطن.. ولم يحدث شىء!! 3- مكتب لاستقبال العائدين الراغبين فى العودة جزئيا أو كليا سواء بغرض استثمار مدخراتهم أو خبراتهم.. مكتب يقدم لهم المعلومات والبيانات ودراسات الجدوى للمشروعات التى ترى الحكومة أنها تحقق خطة الدولة وأهدافها.. وهذا ليس بدعة.. فهذا المكتب موجود فى تونس، المغرب، بوركينافاسو، وحتى فرنسا.. ولم يحدث شىء رغم أنه قد بح صوتنا مع جميع المسؤولين لإفهامهم أن هناك مليون مصرى من المهاجرين راغبين فى العودة للاستثمار، وعلى فرض أن كل واحد منهم لديه مدخرات 200 ألف دولار، ثمن غرفة وحمام هناك بمعنى 200 ألف دولار × مليون مصرى × 6 جنيهات = احسبها أنت.. والأهم هو خبراتهم، وانضباطهم، ومعرفتهم بالأسواق الخارجية.. إلخ، إلخ.. ولم يحدث شىء!! 4- رعاية الجيل الثانى، والاهتمام به، وربطه بوطن الآباء والأجداد.. حتى نتمكن من تكوين «لوبى مصرى» يساعدنا فى سياستنا الخارجية وكأنهم امتداد جغرافى لنا بالعواصم العالمية التى يقيمون بها.. خاصة أن منهم الآن «نجوماً بارزة» من المميزين والموهوبين فى السياسة، والعلوم والفنون، والرياضة والإعلام والصحافة.. وللأسف إن هؤلاء بمجرد وفاة الأب والأم ستنقطع كل صلاتهم بالوطن.. خاصة أننا فى التعديل الدستورى اتهمناهم مباشرة بعدم الولاء والانتماء.. وانتقصنا من حقوقهم الدستورية.. بإقصائهم واستبعادهم، بحجة أنهم يحملون جنسيات أخرى بجانب الجنسية المصرية.. وللعلم، إن هذا سيتسبب فى شرخ عميق بعلاقتنا بهم.. وهذا عيب وخطأ يجب تداركه عند وضع الدستور الدائم!! أما عن علمائنا وخبرائنا من الجيل الأول.. فحدث ولا حرج.. بعد أن ملَّوا وزهقوا من المؤتمرات والندوات التى كانت مجرد ديكور وشو إعلامى.. ولهذا أحجموا، وفقدوا الأمل.. وحتى المتبرعين منهم طفشوا بعد أن تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب بالبيروقراطية العقيمة والروتين العفن!! الخلاصة: أننا لم نستفد من إمكانيات وخبرات ومدخرات المصريين بالخارج التى ليست لها حدود، والدليل أن تحويلاتهم النقدية المباشرة فقط وصلت إلى 8 مليارات دولار فى العام الماضى وحده، مما يعنى أن المغتربين ثروة علمية ومالية، وخبرات يمكنها أن تغير خريطة مصر الجغرافية، وتسهم بشكل مؤثر وواضح فى مستقبلنا.. ولهذا: اتصل بى د . عصام شرف رئيس الحكومة.. فى اليوم التالى بعد حلفه اليمين.. وطالبنى بالتعاون والمشاركة، ولم أتردد لحظة عندما اتصل بى فى اليوم التالى صديقى د. أحمد البرعى، وزير القوى العاملة والهجرة.. وطلب أن أكون مسؤولاً عن ملف «المصريين بالخارج».. وكان شرطى الوحيد: أن أعمل «كمتبرع» volunteer.. أى بلا أى مسمى وظيفى، ودون مقابل.. واتفقنا.. وبدأنا من اللحظة الأولى: 1- بالنقاش مع إحدى شركات الاتصالات المصرية، التى تملك تقنيات كافية لكى يدلى المغتربون بأصواتهم فى أول انتخابات مقبلة هذا العام. 2- تم إعداد مكتب لاستقبال العائدين بوزارة الهجرة، وعنوانه 40 شارع أحمد عرابى بالمهندسين، وله موقع على النت، وبه مجموعة من الشباب الوطنى المخلص، ومسؤولون قادرون على أداء هذه المهمة القومية «سأكتب عنهم بعد نجاح التجربة». 3- تم إرسال خطابات لبعثاتنا الدبلوماسية بالخارج.. لإرسال قوائم بأسماء وعناوين المميزين والموهوبين من الجيلين الثانى والثالث، والنجوم فى العواصم العالمية.. بغرض التواصل وسماع مقترحاتهم وتلبية مطالبهم. 4- يجرى الآن الإعداد ل«برنامج تليفزيونى» مع إحدى القنوات عالية المصداقية والانتشار.. بغرض حل مشاكل المغتربين على الهواء مباشرة.. والرد على أى استفسارات.. والمواجهة مع المسؤولين فى الجمارك - التأمينات - الأحوال المدنية - الاستثمار.. إلخ. 5- الإصرار على تجديد مطلبنا بالتمثيل فى المجالس النيابية.. وسيتم العرض على المجلس العسكرى لاتخاذ اللازم. وهذا ما تم خلال «عشرة أيام» من تاريخ التكليف، وبالتعاون مع د . أحمد البرعى، وزير القوى العاملة والهجرة.. وسنبدأ الاتصالات المكثفة مع وزير الخارجية الفاهم معنى واجب احترام كل مصرى بالخارج ورعايته.. وسنطالبهم بعمل «كارت قنصلى» يعطى حامله الحق فى وجود «محامٍ» بجانبه إذا تعرض لأى مشكلة بالغربة.. والحق فى التأمين ضد الإصابات والوفاة.. والحق فى الحصول على جواز سفر فورا إذا فقد جوازه دون الرجوع إلى القاهرة.. وبهذا يمكننا عمل حصر عددى ونوعى لهم. وهذه أول خطوة على طريق الألف ميل.. وأول بشائر ثورة 25 يناير للنهوض بهذا الوطن، وتحقيق حلمنا فى مصر جديدة.. بعد أن نجحنا فى أول امتحانات الديمقراطية.. بالاستفتاء على التعديلات الدستورية أيا كانت النتيجة. ولهذا.. ورغم تخوفاتى وقلقى، فإننى من المؤمنين بأنه إذا اتحدنا وتجمعنا وشاركنا بجدية، وفاعلية، وبتجرد.. فسوف نرى مصر «التى فى خاطرنا جميعا» مختلفة تماما بعد 9 سنوات من الآن، لنراها فى المكان الذى تستحقه على الخريطة العالمية بما يليق بتاريخها وحضارتها وعظمتها.. وهذا ما كنا نطالب به ونتمناه، ونحن قادرون عليه بإذن الله. ملحوظة: قبل الانتهاء من كتابة هذا المقال صباح أمس الأحد..اتصل بى ثانية رئيس الحكومة د . عصام شرف.. وطلب منى أن نلتقى كمجموعة «volunteers» المتطوعين من كل التخصصات المؤثرة والمهمة لتقديم مقترحاتنا، وأفكارنا، للمساهمة فى نجاح الوطن، للعبور من هذه الفترة الحرجة بالتعاون مع مجلس الوزراء.. فمن يجد فى نفسه التميز والقدرة فليتفضل بالاتصال بنا.. ولنبدأ معاً يدا بيد. [email protected]