وسط كلام كثير قيل ولايزال يتردد هنا وهناك عن نتائج الدورة الرباعية لتحديد بطل الدورى الممتاز لكرة القدم هذا الموسم.. لابد من الدعوة لتأمل سياسى لما جرى فى مباراتى الأهلى خلال تلك الدورة أمام الزمالك ثم بتروجت.. فالأهلى فاز بالمباراتين، وكانت هناك أسباب وعوامل فنية تناولتها استوديوهات التحليل الكروى وخبراؤه، ولهم كل التقدير والاحترام.. ولكن يبقى الأهم من هذا الفوز هو الذين حققوه أو صنعوه بأقدامهم، وقبلها عقولهم، وقبلها قلوبهم.. وأقصد كل هؤلاء اللاعبين الصغار والجدد.. الموهوبين والمغامرين والطامحين.. الذين كانوا حتى أيام قليلة مضت مجرد شباب يعشقون كرة القدم، لكن لا الجمهور يحفظ أسماءهم وصورهم، ولا الإعلام يحتفى بهم ويتتبع أخبارهم وحكاياتهم.. ولم يكن الجمهور مخطئا ولا الإعلام أيضا.. فهؤلاء لم يكونوا مظلومين أو منسيين عمدا وإنما فقط كانوا فى انتظار فرصة واحدة حقيقية أجادوا تماما استغلالها حين جاءتهم.. فكرة القدم فى مصر دائما أكثر حكمة وذكاء وواقعية من السياسة فى مصر.. لأن كرة القدم لا تسمح ببقاء أحد أكثر من اللازم، ولا تتمسك بأحد انتهى أوانه، ولا تتخيل أن الحياة ستتوقف وتموت اللعبة وتغيب الانتصارات إن غاب لاعب أو ألف لاعب بعكس السياسة المصرية وإداراتها وإعلامها، التى تفضل التمسك بكل الوجوه والأفكار والأصوات القديمة حتى لو كان الثمن هو الجمود والشلل والتكرار وموات الإبداع وكل الأحلام.. وأتمنى لو يلتفت الرئيس السيسى لمباراتى الأهلى الماضيتين ويعيد قراءة تحليل أسمائها ووقائعها ونتائجها.. لا أقصد أن يكون الرئيس بالضرورة محللا كرويا أو عاشقا للعبة، ملما بكل تفاصيلها وملامحها.. إنما يكفيه فقط أن يعرف ويتأكد أن الأهلى حتى وقت قريب جدا لم يكن يراهن على أى انتصار بدون ترديد أسماء كبيرة لها ثقلها وتاريخها وتجربتها الساحرة وإنجازاتها الحقيقية مثل أبوتريكة وبركات ووائل جمعة وعماد متعب وسيد معوض.. واختفى هؤلاء أو ابتعدوا مع بقاء ودوام احترام وامتنان الجميع لهم.. ولم يسقط الأهلى.. فبإمكان السيسى نقلها إلى ملاعب السياسة.. فقط إذا أدرك الرئيس أنه ليس من الضرورى أن تبقى نفس الوجوه والأسماء.. فالحياة لا تعترف أو لا تحترم هذه القاعدة التى لا تنحاز للحياة.. وأبدا لا يعنى التغيير والتجديد عدم الوفاء للقدماء.. لكن هناك دائما فترة صلاحية للاستخدام السياسى أو الاقتصادى أو الإعلامى أو الكروى.. وإذا كنت أدعو الرئيس السيسى لقراءة تجربة الأهلى الجديدة فى المباراتين الماضيتين.. فإننى أدعو أيضا أهل الكرة أنفسهم لأن يدركوا زيف صراعاتهم على تبادل خطف الأسماء القديمة، فى حين تبقى مفتوحة أمامهم كنوزهم ومواهبهم وطموحاتهم وجنونهم.