قادتنى خطاى هذا الأسبوع إلى لقاء سيدتين فاضلتين فى أماكن عامة.. كانت الدموع القاسم المشترك بينهما.. الأولى بكت بحُرْقة لأنها تعرضت لواقعة سطو ب«السنج والمطاوى» من بلطجية ولصوص وهى عائدة إلى منزلها بعد شراء حاجيات البيت.. زوجها يعمل فى شركة قطاع خاص حتى منتصف الليل.. كانت تحمل رضيعتها حين داهمها «خفافيش الليل والنهار» وسرقوا حقيبة اليد والموبايل و«حلق صغير» فى أذن الطفلة المسكينة.. روت لى السيدة قصتها.. وقالت باكية «أرجوكم.. عايزين الشرطة ترجع للشوارع تانى.. نفسنا نحس بالأمان.. الأمن أهم من الطعام والسكن»..! الثانية بكت وهى تطرح سؤالاً «ما ذنب زوجى ضابط الشرطة الشريف الذى يواجه إهانات لا حصر لها أثناء تأدية عمله فى الشارع.. أعرف أن بعض قيادات وضباط الأمن ارتكبوا أخطاءً خلال العهد السابق.. ولكن كيف نحاسب كل الضباط.. وهل بإمكان ضابط الشرطة حفظ الأمن ومواجهة المجرمين، بينما تحيطه نظرات وعبارات الإهانة.. أقسم بالله أن زوجى وزملاء له كثيرين يعملون 20 ساعة يومياً.. يعود إلى البيت منهكاً وخائر القوى، ويقول لى (كل التعب يهون، ولكن الإهانات تمزقنى.. نفسى أسيب الشغلانة دى.. الناس لا تريد أن تمنحنا فرصة لبداية جديدة.. كتير منهم مش عارفين إننا مظلومين زيهم ويمكن أكتر.. ولكن طبيعة عملى تفرض علىّ الصبر والالتزام والتضحية بحياتى لحماية طفل صغير أو سيدة بريئة من إحساس الخوف)»..! تلك هى المشكلة يا سادة.. فنحن ندرك جميعاً أن الأمن هو السلعة الأولى فى قائمة الحياة.. وربما كان مناسباً فى ظل المرحلة الراهنة أن نسأل أنفسنا: هل نستطيع العيش دون أمن وأمان.. وكيف نبدأ صفحة جديدة مع جهاز الشرطة؟!.. دعونا نفتح نقاشاً عاماً حول ما يجب أن تقدمه أجهزة الأمن لاستعادة ثقة المواطنين.. وما ينبغى لنا تقديمه من حسن النوايا والمساندة للساهرين على أمننا دون الإخلال بهيبة رجل الأمن؟! إن مراجعة التجارب الثورية فى العالم كله تؤكد أن نجاح أى ثورة يتوقف على احترام سيادة القانون، وإعادة بناء العلاقة بين الشعب وأجهزة الأمن كأولوية سريعة لحفظ السلام الاجتماعى وحياة وحقوق المواطنين.. فليست «شطارة» ولا نزاهة أن نقضى على الشرطة، ثم نطالب القوات المسلحة بحمايتنا من اللصوص.. فالجيش - أى جيش - لم يتدرب، ولم يتسلح، ولم يؤهل لمطاردة المجرمين فى الحوارى و«الجحور».. الجيش حرر لنا الأرض، ويسهر على حماية الحدود.. وحين دقت ساعة الثورة وقف حامياً، وضامناً لصوت الملايين..! ولنسأل أنفسنا بموضوعية: من المستفيد من غياب أجهزة الأمن وانتشار حالة الانفلات الأمنى فى ربوع مصر؟! هل أنت وأنا.. أم المجرمون وقطاع الطرق وتجار المخدرات والبلطجية؟! إن الوضع الراهن هو مناخ نموذجى لعتاة الإجرام والفساد.. وهو أيضاً كابوس مروّع لابنى وابنك.. أختى وأختك.. بيتى وبيتك.. فلا حياة دون أمن.. ولا أمن دون جهاز شرطة ورجال شرفاء يحترمون المواطن حتى لو كان مذنباً، وشعبٍ يمنح ثقته واحترامه ومساندته لمن يسهر على حمايته..! .. إلى كل ضباط ورجال الشرطة: لا تخذلونا.. وافتحوا صفحة جديدة من احترام حقوق الإنسان وحفظ الأمن بتحضر ونزاهة.. وإلى كل المواطنين الشرفاء: ساعدوهم..! [email protected]